وصفت الانتخابات العراقية بانها النافذة الوحيدة الممكنة لمعالجة الخراب الحاصل، ودونها يؤكد واقعنا المريرعلى ان " قارعة الدهر" ستحل. وحينها يكون الشعب والوطن في خبر كان. ان السؤال الذي يتميز عن غيره هو الباحث عن المتسبب فيما سيحصل. واذا ما قال البعض ان اجراء الانتخابات لابد منه يقابله اخرون بقولهم : لابد ايضاً من عدم قيامه، نظراً لبقاء عملية الاقتراع مجردة من مقدماتها الضرورية الموجبة، التي تتربع على ناصية طريقها { البيئة الأمنة } .. هذا التجاذب الساخن بين تعدد العوامل التي تدعو لقيام الانتخابات ويقابلها كثرة العوامل الهامة والضرورية لعدم اجرائها.. لم يحسمه سوى القضاء، والقضاء العراقي يبدو بارداً وغير مكترث بعذر ان الامر من غير اختصاصه .
ان مصير البلد ومستقبل اهله فوق المحذورات كما يتخطى الاختصاصات وضرورة عدم الاكتراث بالاقاويل وبعض الخصوصيات المفتعلة. ولدينا تجارب عبر التاريخ قد سجلت تدخلاً للقضاء. حيث قام بها في حالات الطوفان السياسي. وكان طوقاً للنجاة اخذاً على عاتقه ادارة دفة سفينة البلاد التائه.. نقولها وسفينة بلادنا قد ضلت طريقها ليس بسبب ربانها الفاسد الفاشل. فحسب، انما ممزقة وقد باتت تغرف ماء الغرق المحتم الذي سيكون ضحيته الجميع.. اليس هذا سيشكل " القيامة " التي لا يوجد فيها { سراط مستقيم } يفصل بين المتأملين بفردوس نتائج قيام الانتخابات وبين المتأكدين من " جهنم " نتائجها اذا ما تمت على عللها الحالية.
يقال ان لكل معضلة حل بل وحلول احتياط لدى اصحاب الحنكة والبصيرة فما هي اذن ؟.. ربما اللجوء الى التأجيل يبدو اكثر الامور موضوعية ويتفرد كامر واقع، لحين الوصول الى تفكيك العُقد، ومن ثم الوصول الى النتائج المنصفة بل والملبية لطموح الاغلبية من الاطراف المعنية. وخلال ذلك يمكن ترميم السفينة وتصويب بوصلة طريقها . ولكن اليوم يلمس بان الساحة العراقية تفتقر الى اللون الرمادي، بيد ان الطاغي في لجتها هو الفرز الحاد. فاما الاسود او الابيض بمعنى اقامة الانتخابات في موعدها المحدد مما دعا البعض من المتنفذين الى القول { لا نسمح لمن يمتنع عن المشاركة في الانتخابات.. !! } علماً ان هذا صاحب القول كان بالامس يساهم بقنص المنتفضين التشرينين المطالبين بالانتخابات المبكرة.
وليس مغفول عن الاسباب التي تدعو القوى المتنفذة التي تصر على اجراء الانتخابات على علتها، رغم امتناع قوى الحراك المدنية صاحبة مطلب الانتخابات المبكرة عن المشاركة فيها.. فهو دون شك تولد فهم لدي هؤلاء بان خبزهم قد اصبح " تحت السلة ". بفعل انكماش زخم قوى التغيير وبخاصة شباب الانتفاضة حيث لم تحصل لديهم القناعة في خوض الانتخابات بظرفها غير المناسب.. هذا ومن جانب اخر وهو الاهم، عدم حصول الشروط والمطالب التي توفر البيئة الامنة ومحاسبة الفاسدين وقتلة المتظاهرين ومنعهم عن المشاركة في الانتخابات. هذا وناهيك عن عدم تطبيق قانون الاحزاب. زد على ذلك اختراق المفوضية من خواصرها حيث عاد المتحاصصون اليها من النوافذ فتقاسموا مدراء المحطات الانتخابية وحتى تقاسموا المناطق السكنية. الامر الذي قلب المعادلة لصالح الفاسدين. ودعاهم الى الاستعجال نحو اجراء الانتخابات.. و بذلك ستقوم القيامة بمزيد من الفشل والفساد.
واذا لم تقم الانتخابات لاي سبب كان، ستقع " القيامة " ايضاً لان القوى المتنفذة ستبقى على رأس السلطة متحكمة بصورة افضع واشرس، ويتكرس الفساد والخلاصة انهيار الكيان العراقي برمته. علماً ان المتنفذين استدركوا وحسبوا حسابهم استراتيجياً. فعمدوا بعدم التصريح بحل برلمانهم الا قبل يومين من الانتخابات بدلا عن السياق الدستوري الذي يحدد الحل قبل شهرين وذلك توجساً من عدم وصولهم الى غايتهم منفردين في دورة برلمانية جديدة.اي انهم { ماينطوها }. حتى لو قامت القيامة.