تلجأ عادة معظم المجتمعات المتطورة والنامية ايضاً. ان كانت انظمة او احزاباً ذات النزعة المدنية، التي يسودها التعايش السلمي، الى اعتماد المنظومة الديمقراطية كآلية مجرّبة لارساء الاستقرار والتطور. الا ان ذلك يبقى مرهوناً بوجود حماية لتطبيقات مفرداتها. وقبل هذا يتطلب الامر وجود درجة عالية من الايمان بها. وعدا ذلك تكون الخيمة الديمقراطية مهلهلة قابلة للتجاوز لا بل للتلاعب اوتحويلها الى غطاء لانشاء نظام دكتاتوري مستتر. ذلك من خلال سيناريوها و ادعاءات ذات برقع مموه لحقيقة عمليات مخادعة، والتجاوزات على جوهر الديمقراطية. وقد حصل ذلك عبر التاريخ، وما زال يحصل في عراقنا المصادر.
رُب سائل عن كيفية تحويل الديمقراطية الى "حمالة اوجه " اي انها تنطوي على ممارسات لها طابع معاكس لجوهر قواعدها المعروفة، التي لا تقبل التلاعب. نعم يحتمل ذلك عندما يتم تطبيقها ارادوياً وحسب مصلحة الجهة المتسلطة خلف اعذار واهيىة. اذ ان اختصارها بمفردة " الانتخابات " وكذلك لما تقوم الاغلبية النسبية بمصادرة الحقوق المشروعة للاقلية، التي ربما هي اكثرية صامتة من المجتمع.. وكما تحصل في بعض الاحيان حينما تجري عملية انتخابات خاضعة لارادة قوى متسلطة بالحكم، وكونها تمتلك القرار فتجتزئ او حتى تتجاوز القواعد الديمقراطية بذرائع مختلقة لا اساس قانوني لها . ومن ثم ياتي الخداع والتلاعب بالنتائج التي تتمخض عن حاصل الاختيارالخطأ للاشخاص في مختلف المواقع. ويمكن ان نزيد من المفاعيل التي تمسخ الديمقراطية ذلك الذي يتجلى بالسماح لاحزاب مسلحة او ذات النهج الطائفي او العنصري بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية.
ان ما اشرنا اليه هو لمام من العوامل التي تسهم في ارغام الديمقراطية لتكون مجرد وسيلة و " حمالة اوجه " وتصبح جسراً لعبور ما هو ضدها، بمعنى يمرر غفلة في ظلها الظلم الاجتماعي والسياسي، ومصادرة حقوق الانسان، من خلال تشريعات بادوات تبدو ديمقراطية كالبرلمان المزوّر ناقص الشرعية، على سبيل المثال طبعاً. ولا يمكن اعتبارها سوى طعون قاتلة في قلب الديمقراطية. ومن ثم نشهد ترسيخ نهج سياسي غاية في الخطورة على المصالح الوطنية العامة، وهي مصيبة كارثية فاقدة الشرعية.. والمفارقة هنا انها صادرة عن جهة تسمى " شرعية ". ومن ابرز مخرجات مثل هذه الافعال هي عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. الذي سيكون لا محال عاملاً غير مضمون العواقب الخطيرة.
ان الدعوة للانتخابات دون توفر السمات الديمقرطية لها كالبرنامج الشفاف المحايد بين جميع اطياف المواطنين الذين لهم حق الانتخاب. وتوفرالحماية وسلامة الظروف الموضوعي، وضرورة الغاء اشتراطات العزل للبعض المختلف وتجريده عن حقوقه الشرعية ، واولها حق الموطنة، ومنع استفراد بعض الاوساط بالتحكم بـ " لوجستيات " عملية الاقتراع، يتربع على ناصيتها استقلال " مفوضية االانتخابات " الامينة الموثوق بها على شفاشفية العد والفرز. بذلك تُقدم شهادة نزاهة تؤكد سلامة الديمقراطية من اي اختراق ومن حشوها بحمولة فاسدة تهرّب عبر منافذها المقرة، الى بطون النظام الوطني فتفسده وتبقيه آيل الى السقوط على حين غرة. وخلاصة الامر. يتحمل الشعب اعباء الانهيار بما لا طاقة ولا مصلحة له فيه ولا تقدر عواقبه المحتملة.