كان آدم الحارس في رواية (مشرحة بغداد)، للكاتب برهان شاوي يسمع حوارات الموتى، الى أن يعلم أنه هو الآخر ميت، وأن الجميع موتى، ضحايا وأن لم يعرفوا لماذا قتلوا!؟
ونحن، الآن، مثل بطل برهان، نعيش هذا الكابوس، ونكتشف أنفسنا، كقتلى أو قتلى مؤجلين في عالم مخيف أدخلنا به الجلادون وجماعات الجريمة المنظمة ومصاصو الدماء من المستغلين. ليس هذا فحسب فقد أثبت (الهؤلاء) من خلال أعمالهم، خطل مقولة ماركس بكون الإنسان أثمن رأسمال بالوجود، من القتل اليومي والاغتيالات وغياب الرعاية والخدمات والضمانات الاجتماعية وصولا الى الحروب (غير العادلة) وما أكثرها، كمجازر معلنة. فإنسان ماركس لا قيمة له، وأنه شخصيا مات من الجوع أكثر من المرض رغم إمكانياته الكبيرة، ومعرفة سلطات الامبراطورية البريطانية في لندن بما يمر به.
لنرى المشهد عن قرب، حكومة نتانياهو الفاشية تقتل الفلسطينيين بدم بارد، ضمن نهج جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة (إن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت). ومنظمات الجريمة المنظمة العراقية هي الأخرى تغتال بكواتم الصوت وغيرها من أساليب القمع شباب الانتفاضة من دون أن يرف لها جفن، نهارا جاهرا، أمام إنظار حرس الدولة وكاميرات المراقبة.
وحين نردد لهذه المنظمات قول الشاعر طرفة بين العبد الذي اغتيل أيضا:
وظلم ذوي القربي أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
تمد لسانها كأفعى، وتمطرنا بسيل من الشتائم والأوصاف، بلغة تم تصميمها كما يقول الكاتب البريطاني جورج أورويل لتجعل الكذب يبدو صادقا والقتل محترما.
والسؤال الذي نطرحه هو ما الفرق بل ما هو الجامع بين قاتل الفلسطيني وقاتل العراقي؟ الأول محتل، جاء كي يتسيد على أهل الأرض وتدمير المنطقة برمتها، بمساعدة الدول الامبريالية، وكما قال الرئيس الأمريكي بايدن عندما كان عضوا في الكونغرس الامريكي (إذا لم تكن هنالك إسرائيل لعملنا على خلقها) أما الثاني فهو محتل للقرار السيادي للدولة، وهو صناعة غير عراقية، خلقت لتدميره أيضا وانهاء مستقبله وإنسانه.
فمن قتلني؟ سؤال يرفعه اليوم ثوار تشرين، ولكنهم لا يتنظرون جوابا من السلطات الشرعية النائمة، وبالتأكيد أن سؤالهم لا تجيب عليه (الميلشيات المارقة).
الكرة الآن في ملعب الشعب وقواه الحية للإجابة عليه، عن السبيل في إيجاد حلول لوقف العنف الدامي، وخلق فضاء ديمقراطي رحب يعتمد على السلاح بالنقد وليس النقد بالسلاح، ويعلي شأن الإنسان العراقي وكرامته، وأخيرا كيف نستطيع أن نضع القتلة وصناعهم أولئك الذين وهبوا أنفسهم للشر خلف القضبان، بدلا من نكون ضحايا لهم؟