أخيرا، أطلقت الفاشية الدينية رصاصة الرحمة على ما يسمى (العملية السياسية) حين اغتالت يوم التاسع من هذا الشهر الناشط المدني إيهاب الوزني في كربلاء، ثم تلتها محاولة اغتيال الصحفي أحمد حسن في الديوانية.
والفاشية الدينية، تاريخيا، هي عنوان للجريمة المنظمة، وهي دائما توظف (المقدس) لتبرير اعمالها الإجرامية التي لا يقبلها ضمير ولا وازع اخلاقي، ومن ضمنها الاغتيال، أي استغفال المقتول، كأن يأتيه القاتل من ورائه، أو يكمن له، أو استدراجه للإيقاع به في مكان معزول. على حد قول الراحل هادي العلوي.
وتتحرك قطعان هذه الفاشية من الخارج، لخلط الأوراق والتأثير على مجرى الانتخابات المزعم اجراؤها في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) القادم.
وهذه القطعان التي تسمى (الطرف الثالث) أو المليشيات المارقة، والدولة العميقة، وقوى اللادولة، ولها مسميات وعناوين كثيرة، وتمتلك السلاح والمال، هي بالحقيقة السلطة الفعلية. فهي تسرق ولا تحاكم، تقرر ما تراه بعيدا عن سلطات التشريع والجهات التنفيذية، تعدم خارج القانون بشراء سكوت القضاء أو عدم معرفته، مما جعل (العملية السياسية) مهلهلة كثيرة الثقوب و(مسرده) كما تقول امهاتنا، وجعل رجالها يندبون حظهم مرة ويتوعدون، وينطبق عليهم قول جرير الساخر (زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا- أبشر بطول سلامة يا مربع).
وجاءت الطلقات القاتلة للوزني لتبين الخيط الأبيض من الأسود، وتكشف موت (العملية السياسية) سريريا رغم الذين يراهنون على تطويرها.
لقد آن الأوان أن تعلن القوى الديمقراطية معارضتها وأن تتوحد ضد كواتم الصوت والفساد والنهب والتدخل الأجنبي. وكما يقول المثل الإنكليزي (لا تبكي على اللبن المسكوب) فدكتاتورية صدام (العسكرية الزيتونية) استبدلت بدكتاتورية (المحابس وكواتم الصوت) والأخيرة كسابقتها لم تعط لنا الأمل أو أي ضوء في نهاية النفق المظلم الذي أدخلتنا فيه.
ان التعويل على هذه العملية السياسية التي تقودها الجريمة المنظمة والطغمة الحاكمة أنها ستتطور الى آفاق أفضل، يبقى ويظل وهما، فكيف يبني الديمقراطية من هو معاد لها أصلا. ولنا في قول جلال الدين الرومي حكمة عميقة (لقد كان عند أحدهم حمار ولم يكن لديه سرج له، وعندما وجد السرج، اختطف الذئب الحمار).