محجوب عبد الدائم، للذي لا يعرفه، هو بطل رواية الكاتب نجيب محفوظ (القاهرة الجديدة)، هو شخصية متملقة وصولية مستعدة لبيع كل شيء من أجل مصالحه، حتى أهله الفقراء الذين لم يفكر يوما بمساعدتهم.
ومحجوب المنحدر من عائلة فلاحية معدمة، يجد في الوصولية إنقاذا له من متاهات المدينة وعذاباتها رغم محاولته في التغلب على واقعه بعبثية واضحة.
فهو يرتضي أن يكون زوجا صوريا لعشيقة الوزير (قاسم بك فهمي)، ثم ينفضح أمره أثناء مداهمة زوجة الوزير وكره، وينكشف سره أمام أبيه الذي كان في زيارته له، وكذلك كذبه عندما برر دخول الوزير إلى غرفة نومه بأنه والد زوجته.
ولم يكن نجيب محفوظ يعرف أنه يكتب عن الشخصية العراقية الحالية المتحكمة بنا، فمحجوب عبد الدائم اليوم مازال حاضرا، يبيع بنا ويشتري، فهو على سبيل المثال يكتفي بالاستنكار حول الوجود التركي في شمال العراق، وعزم حكومة أردوغان على بناء قاعدة عسكرية دائمة داخل الأراضي العراقية. كما أنه يسكت عن التدخل الايراني في الشؤون العراقية ومنها تعين المسؤولين في المناصب الحساسة، كما صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقابلة له مؤخرا مع الفضائية الشرقية، وأكدها وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار وغيره من المسؤولين، وما أكثر التدخلات الإقليمية والدولية!
اما أصحاب السلاح المنفلت، فهم يضربون ويخربون الممتلكات العراقية ومن بينها تدمير طائرة أف 16 بقيمة 87 مليون دولار في قاعدة بلد. وقد اكتفى عبد الدائم بالتنديد بها أو أسمعنا كلمة (طز) الذي يرددها دائما.
فاليوم وطنيتنا في إجازة ب(فضل) عبد الدائم، ولا نقصد بها خدمة الكهرباء الحكومية، فهذه الخدمة تعيش إعاقة دائمة، وإنما نقصد تلك الغيرة على مصالح الوطن وسيادته ومصالح شعبه.
عبد الدائم، كما يقول مثلنا لا يهمه (أن غربت او شرجت) احترق هذا المستشفى أو خربت تلك المنشأة، أم مات المئات، أو عانى الناس من الحرمانات العديدة، فرده يعني (طز) وأن كان مغلفا بالبكاء أو التأسف وذكر الأمثال، لأنه مؤمن بأن مشكلة العراقيين أنهم خلقوا في هذا البلد (قسمتهم كده)، وعليهم تحمل تبعات ذلك. المسألة كم أعداد محجوب عبد الدائم الذين يتحكمون بنا؟ وكيف نتمكن من التخلص منهم؟!
لا يمكن الإحاطة بالأجوبة؟ لكن نضالنا ضد أمثال عبد الدائم وغيره، يتطلب عدم الركون لليأس الذي تبثه المواقف والاحباطات التي يخلقها، فغسل (اليد من العكس) تكون منه، وليس من وطننا الجريح، النازف منه ومن أمثاله.