تهدف هذه المساهمة الى تسليط الضوء على نجاحات اليسار في الولايات المتحدة الأمريكية، وتتناول جوانب واسئلة فكرية وسياسية وبعض المعلومات أيضا، وهي محاولة للتعريف، وفق الإمكانيات المتاحة بالتطورات الجارية في ساحة اليسار هناك. وتنطوي التجربة على تحليلات ذات طبيعة عامة يمكن الاستفادة منها من قبل قوى اليسار في البلدان الأخرى، ولكنها تعطي مساحة مهمة لخصوصية الأوساط الأكثر تأثيرا من اليسار الأمريكي في اعتماد استراتيجيات وتكتيكات ووسائل ملائمة مع توازن القوى السياسية والاجتماعية والعوامل والأشكال التي تحكم مسار الصراع في البلاد. وبالتالي ليس من الصحيح اعتماد الاستنساخ على صعيدي الفكر والممارسة، ولعل المثل الأبرز تركيز الرفاق الأمريكان على اعتماد الحملات الانتخابية كرافعة لبناء تشكل طبقي يعيد الحوية لدور الطبقة العاملة في الصراع، فان صح ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، فانه قد لا يصح في قارات وبلدان أخرى، منها بسبب وجود نظم استبدادية تفرغ العمليات الانتخابية من محتواها الديمقراطي، وتحولها الى عمليات لتأبيد الهيمنة وخلق وعي زائف وإشاعة الأوهام بشأن أهميتها. في أوربا مثلا تصر بعض التنظيمات الماركسية هامشية التأثير من دخول الانتخابات بمرشحين يمثلونها، وترفض دعم قوائم يسارية مختبرة في تحقيق نتائج مؤثرة، انطلاقا من حالة جمود فكري قاتل تعيشه هذه القوى. ولهذا وجدت من المفيد الإشارة الى هذه التباينات لكي لا نقع في شرك ميكانيكية الفهم والتوظيف.

 من هم الاشتراكيون الديمقراطيون الامريكيون؟

الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكيون منظمة يسارية تجمع بداخلها ديمقراطيين اجتماعيين يساريين ومجاميع وشخصيات ماركسية. وتعود جذور المنظمة الى الصراعات والتقاطعات الفكرية التي عاشها الحزب الاشتراكي الأمريكي في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. وفي هذا السياق مالت الكفة لصالح مجموعة ما بعد التروتسكية، فغيرت اسم الحزب في عام 1973 الى حزب الديمقراطيين الاجتماعيين في الولايات المتحدة. بعدها انشق الحزب مجددا الى مجموعتين: الحزب الاشتراكي الأمريكي، ومنظمة الاشتراكيين الديمقراطيين، التي عدت نفسها مجموعة عمل اشتراكية داخل الحزب الديمقراطي. واستطاعت إيصال أعضاء الى الكونغرس، وقيادة نقابات عمالية، وبلغت عضويتها في ثمانينات القرن العشرين 5 آلاف.

في عام 1971 تشكلت الحركة الأمريكية الجديدة، وهي مجموعة معارضة مكونة من مثقفين من اليسار الجديد والتقليدي. لقد دافعت عن أطروحات حركة السلام، وموضوعات لينينية وشيوعية جديدة، لكنها رفضت فكرة قيادة الطبقة العاملة. وفي أوائل الثمانينيات، كان لديها حوالي 1000 عضو.  وفي عام 1982 اندمجت مع منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين. ويعد هذا التاريخ تأسيسا لمنظمة الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين بشكلها الحالي. وتمتلك المنظمة الآن لجان تنظيمية في أكثر من منطقة، إضافة الى أكثر من 80 مجموعة لاتحاد الشباب المرتبط بها.

وفقًا لدستور المنظمة (النظام الداخلي)، تعمل المنظمة على تطوير استراتيجية ملموسة لإنشاء نظام اجتماعي قائم على التحكم العام في الموارد والإنتاج والتخطيط الاقتصادي والتوزيع العادل، المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، والمساواة العرقية والعلاقات الخالية من القمع. ويجب أن تدرك هذه الإستراتيجية أن المجتمع الأمريكي منظم على أسس طبقية، وبالتالي هناك تقاطع أساسي في المصالح بين الفئات التي تملك سلطة اقتصادية هائلة من ناحية، والأغلبية العريضة من السكان من ناحية أخرى.

كانت المنظمة حتى عام 2017، عضوا في الاشتراكية الدولية. في آب2017، قرر مؤتمر المنظمة لانسحاب من الاشتراكية الدولية بسبب سياستها الليبرالية الجديدة.

حتى عام 2016 لم تحظى مؤتمرات المنظمة ونشاطاتها باهتمام اعلامي في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا خارجها. وبعد خمس سنوات، أصبح الاشتراكيون الديمقراطيون واليسار الأمريكي عموما قوة مهمة في النسيج السياسي للولايات المتحدة الأمريكية. ويثير سياسيون يسمون أنفسهم اشتراكيين ديمقراطيين قدرا كبيرا   من اهتمام وسائل الإعلام. وتم انتخاب المئات منهم في مستويات مختلفة في جميع أنحاء البلاد، وتضم منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين الآن قرابة مئة ألف عضو، وتنقل مؤتمراتها الوطنية مباشرة عبر محطة تلفزيون "سي سبان" الأمريكية.

ويرى مراقبون ان المنظمة التي ما زالت صغيرة ولكنها متنامية لديها فرصة حقيقية لتوسيع نفوذها خلال عهد جون بايدن، التي يرجح البعض انها ستكون حكومة ضعيفة وغير فعالة. ما هي الدروس التي يجب أن تتعلمها الحركة من فترة وجودها القصيرة على مسرح السياسية الأمريكية؟ وكيف يمكن تطوير قدراتها التنظيمية، في ظل الظروف الجديدة للمشاركة العامة؟

يبدو ان الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين أرسوا نموذجا مبكرا في تأسيس قطب يساري جديد تبنته قوى اليسار في العديد من البلدان الاوربية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في نهاية الثمانينيات، وان اختلفت الظروف التاريخية والثقافية لهذه البلدان. ولعل تأسيس حزب اليسار في المانيا، وكتلة اليسار في البرتغال، وقبلها اليسار الاسباني المتحد، تمثل أبرز التجارب. والفكرة هي تأسيس قطب يساري يتخلص من الجمود الفكري والمركزية الشديدة، ويبتعد عن السياسات اليمينية للأحزاب الديمقراطية الاجتماعية، التي يتبنى بعضها تحليلات تبدو مغرية، ولكنها بعيدة عن الواقع ولا تمتلك اليات وأدوات تنفيذها، فتشيع وعيا وهميا حتى في صفوفها.

حركة اشتراكية مؤثرة

إن التشكل الطبقي وبناء هوية جماعية لعدد كبير من الأفراد، هو أساس أي حركة اشتراكية مؤثرة. ويتفق جميع الاشتراكيين الأمريكيين، على اختلاف مشاربهم الفكرية، على أن التشكل الطبقي ضروري. والسؤال هو كيف يمكن تعزيز هذه العملية على أفضل وجه. إن التجربة الأخيرة تشير إلى أن تشكل طبقي واسع النطاق في المستقبل المنظور سيتم بشكل أساسي بواسطة الحملات الانتخابية.

خلال الحملات الانتخابية، وخصوصا حملات انتخابات الرئاسة، يهتم المواطن الأمريكي العادي بالسياسة بشكل غير مسبوق. كان هذا هو الحال لفترة طويلة في البلدان الرأسمالية المتقدمة ذات الحكومات التمثيلية والاقتراع العام. لكن الأهمية الاستراتيجية للحملات الانتخابية بالنسبة للاشتراكيين الديمقراطيين الامريكان ازدادت اهميتها لأن المنظمات الجماهيرية والنقابات العمالية فقدت حجمها وتألقها. لقد ازدادت الصعوبات أمام التنظيم في مكان العمل بشكل كبير منذ الثمانينيات.

إن تراجع الحركة العمالية المنظمة وتفكك الجماعات البروليتارية على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأمريكية يعني أن القليل من العمال قادرون على تنظيم أعمال جماعية فعالة في مكان العمل أو في مجتمعاتهم. خارج الحملات الانتخابية، وإن فرص الوصول الدائم إلى حشد جماهيري وتسيسه محدودة. وأشكال العمل المتاحة عادة ما تكون دفاعية وتقتصر على التعبيرات الراديكالية لسياسات الدفاع عن المصالح بأشكالها النقابية. و( في ) هذه الظروف، تلعب الانتخابات والإصلاحات دورًا مهمًا في إحياء الطبقة العاملة كفاعل سياسي وخلق بيئة يمكن فيها للعمال الانخراط في الصراع الطبقي مرة أخرى خارج النشاط الانتخابي.

يظل تغيير وتطوير منظمات الحركة العمالية الموجودة في الولايات المتحدة ضرورة. أظهرت إضرابات المعلمين في عام 2018، امكانية دفع التشكل الطبقي الى امام بطرق خارج النشاط الانتخابي. وسيكون الأمر أكثر فاعلية عندما يغذي التنظيم في مكان العمل والتعبئة في الحملة الانتخابية بعضهما البعض، وهذا ما يحدث مع تشكيلات مثل "أعضاء الاتحاد من أجل بيرني" أو "التربويين من أجل الجعبري"، وهي مجموعة قاعدية تؤيد انتخاب الجعبري بريسبورت في مجلس شيوخ ولاية نيويورك. وحتى الآن، لم تؤثر هذه الجهود إلا على عدد قليل نسبيًا من الناس، ولكن بالتزامن مع التشكل الطبقي التقدمي في الحملات الانتخابية المقبلة، يمكن أن تكتسب أهمية أكثر.

ربما يكون الجدل حول ما إذا كان ينبغي إجراء مثل هذه الحملات الانتخابية تحت راية الحزب الديمقراطي هو الخلاف الأكثر إلحاحًا داخل اليسار الأمريكي. وقد عبر عدد من المثقفين والإعلاميين اليساريين عن تغيير مواقفهم لصالح هذا التكتيك ارتباطا بالتأثير المتحرك للحملات الانتخابية لبيرني ساندرز. لقد حسمت التطورات السياسية في السنوات القليلة الماضية بشكل فعال مسألة الحزب الديمقراطي، على الأقل في الوقت الحالي. وسيستفيد المنظمون اليساريون من الانتخابات التمهيدية للأحزاب الكبرى وهذا النهج يؤتي ثماره.

لا تزال مؤسسة الحزب الديمقراطي تمتلك نفوذا كبيرا على المستوى الوطني للتغلب على حملة بيرني ساندرز في الانتخابات التمهيدية عام 2020. اما على مستوى الولايات والمستوى المحلي، غالبًا ما تكافح المنظمات الحزبية التقليدية من أجل الحفاظ على استمرارها. وفي كثير من الأحيان، هم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم ومرشحيهم ضد المنافسين التقدميين. كما أنهم يفتقرون إلى القوة لإزاحة الشخصيات اليسارية بعد فوزها في الانتخابات من خلال الحزب الديمقراطي.

كل مسار قابل للتطبيق لتغيير اللوحة الحزبية الولايات المتحدة، وان نشوء حزب يساري جديد ربما ينشأ من خلال الصراع داخل الحزب الديمقراطي. تتميز السياسة الأمريكية حاليًا على المستوى الوطني بالاستقطاب الشديد، مما يغلق الفضاء امام نشوء أحزاب مستقلة على مستوى الولايات والمستوى المحلي - باستثناء عدد قليل من المدن التي تجري انتخابات نزيهة.

نجاح ولاية نيفادا

 في ولاية نيفادا استطاع تحالف بين التقدمين وأنصار بيرني ساندرز والاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا ان يفوز بقيادة الحزب الديمقراطي في الأشهر الأخيرة، وقد جاء هذا التحول نتيجة لسنوات من عمل القاعدة اليسارية. وعكس الاستياء الذي ساد مؤسسة الحزب التقليدية، الطبيعة الاستثنائية للحدث.

فازت جوديث ويتمير، أحد انصار بيرني ساندرز برئاسة الحزب الديمقراطي في الولاية، مزيحة بذلك الجهاز القديم بقيادة بهاري ريد، زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ الأمريكي في عهد أوباما: "لقد أصبحنا أفضل وأفضل في التنظيم وكنا دائمًا متقدمين عليهم بخطوة"، في إشارة الى يمين الحزب، وفاز الى جانبها 5 يساريين آخرين، منهم 4 من الاشتراكيين الديمقراطيين تقلدوا مواقع مهمة، بما في ذلك امانة الصندوق. وكان يساريون قد شغلوا، منذ 2020، 9 مقاعد من مجموع 14مقعد تمثل الحزب الديمقراطي في سلطة الولاية التنفيذية. وولاية نيفادا من الولايات الاكثر نشاطا سياسيا، وقد استطاع الديمقراطيون الفوز فيها بمنصب حاكم الولاية بعد سنوات من هيمنة الجمهوريين. ويتمتع الديمقراطيون بالأغلبية في جناحي السلطة التشريعية في الولاية، وكذلك مقعدي الولاية في مجلس الشيوخ الأمريكي. ويقول مهتمون ان فوز التكتل اليساري بقيادة الحزب الديمقراطي سيجعل الولاية أكثر شبابا وأكثر نشاطا.

ويحاول يساريو الحزب الديمقراطي في ولاية نيفادا نقل تجربتهم الى الولايات الاخرى، فعلى الرغم من تزايد نفوذ اليساريين والتقدميين داخل الحزب الديمقراطي في العامين الأخرين في ولايات مثل نيويورك وكاليفورنيا، الا انهم لا يسيطرون على قيادة الحزب هناك ومفاصل القرار فيه.

ويحاول يمين الحزب الديمقراطي في نيفادا تشكيل هياكل موازية لهياكل الحزب الرسمية بدعم من الموظفين السابقين ومجموعات اللوبي ورجال الأعمال.

ثورة في عصر ما بعد الثورات

يرى مهتمون ماركسيون في الولايات المتحدة أن التوجه السياسي والاستراتيجي الوحيد الممكن للاشتراكيين في الولايات المتحدة في الوقت الحالي هو ما أسماه الأكاديمي والباحث الماركسي رالف ميليباند "الإصلاح الماركسي" أو "الإصلاح اليساري". وبينما تتصاعد حظوظ الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكان، تراوح او تتراجع حظوظ التيارات الماركسية التقليدية، ويعود ذلك الى انشداد هذه التيارات بقوة الى الماضي، وعدم قدرتها على اخراج نفسها من خانة التهميش السياسي، او الحضور الشكلي، وتمسكها بتوجهات استراتيجية لا تتوافق مع الظروف السياسية والاجتماعية لرأسمالية دولة الرفاه المتقدمة والديمقراطية البرجوازية. وكذلك الريبة التي لا تزال تحكم موقفها من الانتخابات، وحالة الجمود الفكري التي تميز قراءتها للتوازنات في الساحة السياسية والامكانيات التي يمكن توظيفها لتعزيز مشروع يساري في سياق لوحة الصراع السياسي والاجتماعي الراهنة في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويعود الفضل في نجاحات اليسار الديمقراطي الى اعتماد المنظمات القاعدية والتنظيم الأفقي، الذي يتجاوز الكثير من مشاكل الاشكال التنظيمية شديدة المركزية السابقة. ويفتح افقا أوسع للديمقراطية الداخلية، ولتوظيف أفضل الطاقات والكفاءات، وعدم اللجوء الى تدوير الطاقات المستنفذة ، ويوسع حرية الحركة والقرار في معالجة المشاكل التي تبرز خلال العمل اليومي. طبعا هذا لا يلغي نجاحات تحققها القوة التقليدية نتيجة مبادرات فردية او مجموعات معينة، ولكنها تبقى قاصرة عن فتح افق جديد لقوى كانت في العقود الأولى من القرن العشرين الأكثر نجاحا في ساحة اليسار الأمريكي.

 لا ينكرانصار التنظيم التقليدي الحاجة إلى حزب سياسي أو حتى المشاركة في الانتخابات، لكنهم يميلون إلى تأجيل المشاركة النشطة في الحملات الانتخابية إلى مستقبل غير محدد، بغية استكمال تنظيم الملايين فعليا. والمشكلة هي أنه لن يكون هناك مثل هذا المستقبل بدون المشاركة النشطة في الحملات الانتخابية. وان ربط   الفعل الجماهيري باستكمال شروط الهرم التنظيمي، تجعل الحزب اليساري منشغلا بنفسه، تاركا الشارع للقوى المهيمنة، والتغاضي عن الدور الحاسم الذي تلعبه الحملات الانتخابية والإصلاحات السياسية في عملية نشكل الطبقة، خصوصا اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية.

في النهاية، من المرجح أن ينشغل قادة التنظيمات النمطية بما أسماه الماركسي الويلزي ريموند ويليامز "الخصوصية المتشددة": وهي ممارسة تنظيمية تنطلق من استراتيجية محلية ضيقة ومحددة، لا تنتج حركة سياسية واسعة، على الرغم من كل الراديكالية التكتيكية أو الخطابية لممثليها. وبهذا المعنى، فإنها ستصطدم بنفس القيود التي تواجه مثل معظم أشكال التنظيمات   النقابات، وتنظيمات الجماعات المحلية.

 هذا الواقع يحرم هذه التنظيمات من استثمار المنعطفات والتحولات النوعية في الصراع الاجتماعي، فيتجاوزها الحدث وتجد صعوبة في اللحاق به، ناهيك عن استثماره لتعزيز قدراتها التعبوية وامتداداتها الجماهيرية، ويعود ذلك الى انشغال هذه التنظيمات بذاتها، وعزلتها، مما يدفع الساعين الى البدائل والتغيير، البحث عن ضالتهم في منظمات لم يسمعوا بها من قبل.

ان ما يؤكد ذلك عدم قدرة الاحزاب التقليدية وقوى اليسار الجذري عموما من تعزيز قدراتها حتى في خضم الأزمات الرأسمالية الكبرى، مثل الأزمة المالية 2007 / 2008، والازمة الاقتصادية الراهنة والمتفاقمة بسبب استمرار فعل وباء كورونا،. ان ذلك يعود في جانب أساسي منه الى عدم جدوى هذا النهج والى تداعي هياكله التنظيمية. ان القول في الولايات المتحدة بنجاعة „الإصلاحية الماركسية"، لا يعني أنها خالية من الالتواءات والمطبات، وسعي البعض الى ولوج طرق أخرى تؤدي بالاشتراكين الديمقراطيين بعيدًا عن الطريق الذي بدؤه.

أصبح شائعا في الولايات المتحدة توصيف إدارة بايدن بالولاية الثالثة لباراك أوباما. وفي الوقت الذي  تسعى فيه مؤسسة الحزب الديمقراطي الى العودة للسياسات السابقة مرة أخرى، تغير منذ عام 2016 الكثير، وبالتالي فان من الصعب العودة لما كان.

خلال أربع سنوات قضاها دونالد ترامب في البيت الأبيض، تعمق تطرف اليمين واتسع تأثيره، وبالمقابل تشهد الولايات المتحدة نهوض يسار مؤثر يمتلك الفرصة، وتقع عليه المسؤولية في المساهمة في تشكيل معالم العالم بعد الوباء. لكنه لن ينجح إلا إذا استوعب دروس السنوات الاخيرة جيدا، وتصرف وفقا لذلك.

*- اعدت هذه المادة بالاستناد الى مقالات نشرت في مواقع وصحف يسارية المانية. ونشرت لأول مرة في العدد 141 نيسان 2021 لمجلة الشرارة النجفية

عرض مقالات: