في تقليب الملفات المختلفة، ومتابعة الفضائيات وما تنقله من أراء الناس وبعض المسؤولين، يرى المرء أنه أمام مآس كثيرة، كأن زلزالا قد حدث، فأي موقع يذكر نجد أن (سوسة العث) قد عبثت به وخربته، وهي تبدأ من أصغر الأمور، على سبيل المثال لا الحصر تحول مسرح الفن الحديث إلى مكب نفايات، ولن تنتهي بالمسائل الكبرى كتهريب النفط والخاوات في المنافذ الحدودية، وتغول ميلشيات اللادولة.

والطريف أن كل جهة مسؤولة ترمي بلواها على الأخرى، لتنتهي إلى معاقبة المواطن الذي لا حول له ولا قوة، أن تكلم أو سكت. والعقوبات عديدة تبدأ بمادة الحرمان الدائم من الخدمات والعمل والأمان وارتفاع المتزايد للأسعار، وصولا إلى مواد الاغتيال والخطف، والتهم الكيدية، ولا سلطة من السلطات الثلاث تتدخل للنظر في هذه العقوبات، اللهم إلا من باب ذكر (محاسن الموتى) والترحم على الذين يرحلون عن (دنيانا الفانية) سهوا.

فما أكثر الذين يتم اعدامهم خارج القانون؟ وما أكثر اللصوص الذين يتحكمون بنا، وحتى الذين يجرمون من قبل المحاكم فهم يحصلون على عقوبات مخففة.

  ومن المضحكات أن يتهم أحد قادة الميلشيات رئيس الحكومة بأنه ينافسه ويريد أن يسحب البساط منه في دعم قوى اللادولة.  من نصدق؟!

المهم في هذه أو تلك من المصائب التي تقع على رؤوسنا، هو دعوتنا إلى المسؤول إلى الانتحار، وهي تبدو دعوة غريبة، وتثير الأسئلة: لماذا لا يحاكم أو تجري تنحيته، أو زجه بالسجن، ثم إذا نحر نفسه سيأتي غيره وتستمر دورة الأشياء؟ والسؤال المهم هل يستجيب لرغبتنا؟

لا يمكن في هذا الاعتراض أن نستخدم (لعم) الراحل ياسر عرفات في جمعه بين اللا والنعم. بل سنقول نعم من قناعة، لان سفن المسؤولين أو الفاسدين بدقيق العبارة، تبحر في مياه أزمات المواطنين وخديعتهم، فإذا نحسر هذا الماء، أو نفذ هواء الحياة، لم يتبق لهم شيئ سوى الموت، كما يفعل بحارة الغواصات قبل اكتشاف وسائل الإنذار في نفاذ الأوكسجين، فحين يرون أن الأرانب التي تعيش معهم تموت اختناقا ولا يرون سبيلا للنجاة، يقوم كل منهم بقتل الآخر، وهو يشبه الانتحار الجماعي.

فإذا كان الفاسدون المهيمنون مصرين على البقاء، وجعل حياتنا نكدا بل كابوسا، علينا توفير كل السبل لهم كي يرحلوا أو (ينتحروا) ويتركونا بسلام، من خلال المظاهرات والفضح والإصرار على محاكمتهم، وعدم انتخابهم، أو مقاطعة ما يرمون اليه من إعادة تدويرهم، فهم أعداء الشعب بحق، ولا يجمعهم جامع به، وإن سرقوا لغته ورفعوا الشعارات البراقة بألوانها الفاقعة، وكما يقول المثل العراقي فهم (ذيب بجلد خروف).

وإذا الذئاب استنجعت لك مرة

                                فحذار منها أن تعود ذئابا

فالذئب أخبث ما يكون إذا اكتسى

                     من جلد أولاد النعاج ثيابا

عرض مقالات: