لم نستغرب حين صرح مؤخرا وزير المالية بأن سعر أصغر وظيفة في الكمارك يتراوح ما بين 50 ألف إلى 100ألف دولار. كما ذكر أن وزارته تحصل على 12% من مجموع 7 مليارات دولار من أموال الكمارك السنوية.
والبقية إلى جيوب الأحزاب والجماعات المسلحة المتنفذة!
والحقيقة أن طرح هذه الوظيفة للمزاد العلني وبعلم السلطات، ربما يرجع إلى تنافس المافيا، أذ أفضى صراعها إلى سيطرة البعض وربما إلى تراجع سلطات البعض الأخر. وتذكرنا هذه الواقعة بتصريح لأحد أصحاب المتاجر في إيطاليا إلى أن بساتين عائلته تعرضت للسرقة ليلا، في الوقت أن الذبابة ما كان بمقدورها أن تدخل البستان من دون أذن من المافيا. ويقصد بذلك الجهة التي كانت ترعاه ويقدم لها شروط الطاعة.
والإخلال بسلطة الدولة وسيادتها كشرعية وأداة للهيمنة في العراق، لم يعد سرا مخفيا، ومثال الكمارك إلا نقطة في بحر الفساد الكبير الذي يكتوي به الشعب.
ذهبت إلى عمي (أبو عادل) المعروف بحكمته، وأنا منفعل من هذه الأخبار. قال لي ضاحكا: حكايتنا مثل صاحب الديك الذي اشتكى الجيران من صياحه المزعج، فطلب منه أن يتخلص منه، ونزولا عند رغبتهم ذبحه، وفي اليوم الثاني امتلأت المنطقة بصياح الديكة التي كانت لا يسمع صوتها في زمن الديك المهمين.
فإذا ذهب بالأمس حرامي واحد كبير، ظهر لنا ألف ألف حرامي صغير وحيتان كبار أيضا!
- والحل؟!
فقال لي:
-أتشرب قهوة أم شاي؟
وعرفت أنه يريد أن يسكتني بعرضه، وربما هو الأخر لا يعرف الجواب، فبلعت لساني رغم مرارة الأسئلة، وأنا أحاول أن أجد تسمية لدولتنا.. الخروف الأسود.. الأبيض،
الأخضر.. إلى أن طرحني الصداع أرضا!