ان عام 2020 هو أكثر الأعوام الذي حفلت بالأحداث في التاريخ الحديث وليس تهويلاً القول ان فيروس كورونا الذي يحمل صفات الوباء كان تأثيره غير قليل على كيفية التطور بشكل عام على العالم وبشكل خاص على بلدنا العراق، فمليارات من البشر مهددين بحياتهم بشكل واقعي وقد فقدوا ملايين من الوظائف وأثر على المليارات في عيشهم ورزقهم وخسرت البشرية الملايين من المصابين والموتى ومازال الحبل على الجرار، إلا اننا واثقون بأن الأرباح لم تنقطع عن جيوب القلة المهيمنين على السياسة والاقتصاد والذين يملكون القرار الذي يزيد من ارباحهم وطرق استغلالهم وسرقة قوت مليارات من البشر العالقين بين الاستغلال ووباء الكورونا، حيث بدأت الصراعات على تأمين اللقاحات من خلال امتلاك براءة الاختراعات ووفرته والتسابق في التوزيع وتأمين العقود بين الدول التي تسعى للحصول على اللقاح وشركات الأدوية  الفوق قومية التي تتصارع من اجل بيعه وتوزيعه على عشرات الدول المحتاجة بينما يستمر الصراع والمنافسة غير المبدئية بين دهاقنة رأس المال وهو جوهر النظام الرأسمالي، لا بد من الإشارة الى الوقت الذي سيتم تشديد القواعد لتصدير اللقاحات في اوربا نفسها اما الدول الأخرى فالبلوى اعظم، وعلى ما يبدو ان الدول الاوربية تخشى حرب اللقاحات حيث ستكون الخسارة للجميع وستكون الخسارة مضاعفة للدول الأخرى، في هذه  الأجواء العالمية المشحونة بالتربص والقلق وهو أمر ملازم لمجري الحياة نفسها والأجواء غير المستقرة والخطوة التي تمر على البلاد فقد كانت الانتخابات التشريعية غاية ووسيلة للإصلاح والتغيير اذا امكن ومكن القوى المدنية من تغيير واقع البرلمان المبني على المحاصصة وهيمنة القوى المتنفذة المتمسكة بالعجلة القديمة والتي تقف بالضد من أي قرار للتغيير والتوجه الصحيح لإنقاذ العراق من السقوط الابدي، ومن جهة أخرى كل شيء قد يحدث اذا لم تتسارع الجهود العلمية للوقوف ضد هذا الوباء الوحش ثم اجراء الانتخابات الحرة النزيهة ، ومن هذه النظرة العامة نحقق في السياسة الوضعية في العراق فنقول كل شيء ممكن حدوثه حتى المستحيل في العراق الجديد بسبب السياسة الضبابية التابعة وعدم تدارك الوضع المأساوي والتوجه للوطنية والمسؤولية تجاه الوطن وحماية الشعب العراقي، الذي حدث ويحدث بعد هذه الكوارث مع استمرار تفشي وباء الفايروس الوحش تبرز رؤوس مملوءة بالعفن والرجعية لتقلل من خطورة فيروس الكورونا وتحاول تبرير تواجدها والتباطؤ في العمل لإيجاد اللقاح بشكل مستعجل ثم لا تنسى هذه الرؤوس عملية اجراء الانتخابات التي حاولت تأجيلها وترحيلها الى وقت أطول وعرقلة تنفيذها وها هي تقوم بالخطوة الأولى وليست النهائية في إلغاء انتخابات عراقي الخارج الذين يعدون بمئات الآلاف، وعلى ما يظهر إنهم غير مهتمين ولا تهتم ضمائرهم عن ما موجود في العراق من الخراب والفساد والدمار، ولا تهم القوى المتنفذة التي تريد الوصول الى شاطئ إنهاء هذا البلد وطمس تاريخه وتزوير تراثه وصولاً الى تقسيمة وتوزيعه، وان الغاء انتخابات عراقي الخارج مثلما اشرنا يدل عل وجود مخطط ينفذ على مراحل لإلغاء أو تأجيل الانتخابات العامة، ولكي تتكامل الصورة فهناك باقة من التبريرات التي طرحتها المفوضية العليا للانتخابات للإلغاء يوم الثلاثاء 23 / الثلاثاء / 2021 حيث اشارت في بداية البيان على عقدها العديد من الاجتماعات وبحثت بشكل دقيق ملفات انتخابات مجلس النواب " لعراقي الخارج " وأهتمت المفوضية بالموضوع وناقشته مع العديد من المؤسسات الحكومية بما فيها وزارة الخارجية وبعد سلسلة من التوضيحات التي ذكرتها المفوضية وبررت موضوعة التأجيل بعضها غير مبرر وبخاصة المعوقات الفنية والمالية والقانونية  و استخدام البطاقة " البايومترية " حصراً واعتذار وزارة الخارجية عن إجراء "عملية التسجيل والاقتراع في السفارات والقنصليات العراقية لاستحالة اقامتها في المرحلة الراهنة ولهذه الدورة الانتخابية" وبهذا قرر مجلس المفوضين في جلسته الاستثنائية المنعقدة في 22/3/2021 (عدم إجراء انتخابات مجلس النواب لعراقيي الخارج المقرر اجراؤها في10/10/2021)، مؤكداً على ان هذا الموعد حتمي لا يمكن تغييره من الناحية القانونية" ان هذا القرار الغريب عبارة عن عملية موجهة لإحباط للقوى المدنية الوطنية وانتفاضة تشرين التي كانت ومازالت تطالب بإجراء انتخابات عامة في وقتها وبدون أي الغاءات وتجاوزات ، ولهذا جاء هذا القرار كصدمة في وقت تتهيأ القوى الوطنية وثوار انتفاضة تشرين لخوض الانتخابات بمشاركة الجميع بدون أي تمييز او تفريق وفق قانون انتخابي عادل ومفوضية عليا مستقلة فعلاً وليس اسماً فحسب، وأكد بيان الاتحاد الديمقراطي في الولايات المتحدة الامريكية " يمكن أن يلعب عراقيو الخارج دوراً إيجابيا في عملية البناء الديمقراطي لعراق المستقبل. إن الكثير من عراقيي الخارج عملوا من أجل الخلاص من الدكتاتورية"  كما عبرت العديد من الجاليات العراقية في بلدان المهجر التي تضم  حوالي خمسة ملايين عراقي مغترب عن استيائها لقرار المفوضية واعتبرته اجحافاً بحق من حقوقها المشروعة في انتخاب ممثليها ليساهموا في العملية الديمقراطية وتوصيل اصواتها المطالبة بالعدالة والخلاص من الفساد والمحاصصة واستتباب الوضع الأمني وحل المشاكل المتعلقة مع الإقليم ، ان هذا القرار السياسي المجحف يتنافى مع القانون والدستور العراقي وليس من حق لا المفوضية ولا غيرها الغاء النص القانوني المنصوص عليه في الدستور وحسب رأي الخبير القانوني هادي عزيز فقد اكد لـ جريدة طريق الشعب الجريدة المركزية للحزب الشيوعي  العراقي " لا يجوز لأي قرار إداري أن يلغي نصا قانونيا، مهما كانت الجهة التي تصدره"، وبين الخبير عزيز أن " حق التصويت للعراقيين الذين هم خارج العراق منصوص عليه في الدستور والقانون، ولا يمكن إلغاؤه" وواصل الخبير القول " ان "المادة 100 من الدستور، تقول إن أي قرار إداري يصدر عن أي جهة كانت، هو قرار غير محصن، لذلك يمكن الطعن بهذه الخطوة"،  وهذا هو مجرد كلام.  أن الاعجب من العجب إن من يستشهد بالدستور ويطالب بعدم التجاوز على بنوده ومواده هو أول من يخرقه قبل غيره ولا يهمه المخاطر التي سوف تظهر بعد خرق الدستور، وهذا الخرق كالعادة يمهد الطريق للأخرين خرق الدستور عندما تبتغي مصالحهم تمرير قضية معينة فيستشهدون بمن خرق الدستور قبلهم ، وقد نتفق مع دعوة عمار الحكيم للمفوضية العليا في مجال إعادة النظر في قرارها لإلغاء انتخابات الخارج وأشار " أن سعة المشاركة في أي ممارسة ديمقراطية هي إضافة لشرعيتها ومصداقيتها وحرصا منا على ضمان عملية انتخابية سليمة ومنصفة يشارك فيها جميع ابناء الوطن في داخله وخارجه" وهو رأي نتفق معه ونطالب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلغاء قرارها التعسفي الجائر وتمكين عشرات الآلاف من عراقي الخارج  المشاركة في الانتخابات، وفي محاولة للتمويه وتبرير التأجيل المرفوض من جماهير واسعة في الداخل والخارج وقوى وطنية وديمقراطية عديدة حاولت جمانة الغلاي المتحدثة باسم المفوضية بالقول إن " المفوضية قررت عدم إجراء انتخابات الخارج وليس الغاؤها" أي تبرير هذا وكيف يفسر القول بين عدم إجراء الانتخابات أو الإلغاء؟ ففي النهاية هو إجراء منع الآلاف من مواطني الخارج العراقيين من المشاركة والتصويت بحجة قضايا مالية وفنية وهذه سببها القوى المتنفذة التي قادت الدولة لحافة الإفلاس، وهو مبرر غير مقنع وأحسن ما فيه حجب أصوات العراقيين في الخارج من حقهم الشرعي الدستوري في الانتخابات ولهذا نطالب بإلغائه فوراً وبدون تعطيل.

عرض مقالات: