مع كل انتخابات، تبدأ القوى المتنفذة والمتحاصصة، تحريك نواعير أجندتها، كي تضع الماء مرة في الشمال ثم تعيده الى اليمين، ولا يعرف لها مستقر، حتى تضمن أنها ستعود كما كانت، وربما أفضل من السابق.  ولا يهمها شيء، مادام الحمار مغطى العينين ويدور بلا كلل. ثم يبدأ خطاب هذه القوى، ببعث الروح بالشعارات القديمة والجديدة المزركشة بالتقديس، لتجعلها حسب مقاس المنتخبين ومستوى انطلاء الكذب عليهم، فأحدهم الذي عرفت عائلته بمعاداة الإصلاح الزراعي حين سن وقتها، يبكي حالة فلاح اليوم ويدعو الى أن تعود الأرض له.  ولما يقدم فلاح ما، شكواه بأن محصوله أهدر بسبب الاستيراد، وأنه فقد كل شيء، ولا يوجد لديه ما يسد رمقه، يمسد رأسه ويتمنى له خروج شيطان الجشع من جوفه.

 وتمني هذه القوى الشعب بالازدهار والخير، وحين تأتي بعد اعلان فوزها، يبقى الحال على ما هو عليه، ثم تبدأ بلوم الظروف الذاتية والموضوعية السبب في قلة الخدمات والأمان والتوظيف، ونقص الموارد والأموال، ولا يخلو الأمر من لوم مؤسسة (ناسا) للفضاء، لعدم تزويدها بمعلومات عن خصوبة التربة العراقية، والصين لأنها لم تعلمها كيف تبنى ناطحة سحاب بإيام، ودول فقيرة كيف استطاعت بلا موارد ان تنهض ولا تكون فيها نسبة تحت خط الفقر أكثر من 30-40%.

  وتبدأ هذه القوى بعد ان تدور وجوهها الكالحة كمخلفات قديمة، بالتشدق لهذا الإنجاز الديمقراطي.

ومعروف أن إعادة استخدام المخلفات هو لصنع منتجات أقل جودة من المنتج الأصلي. فأي مصيبة ستحدث!

 وتعدنا القوى المتنفذة، أن في هذا الإنجاز ستصحح المسيرة، مادام كل شيء يسير في صالحها، من دون ان تقول لنا ماذا فعل البرلمان السابق والأسبق والأسبق؟ ألم يكن أداة حزبية تخرج منها الصفقات والمقاولات؟ وإذا خرجت قرارات أو قوانين لصالح الشعب من ينفذها والحكومة (المنبثقة من هذه القوى) هي الأخرى مكبلة، كسيحة، (وتمشي مع نغمات الراك الراك وتريد الستر)؟!

وحتى القوى التي تريد التغيير، إذا فازت بعدد من المقاعد في البرلمان، وعبرت موانع التزوير، ستظل محاصرة كأسماك صغيرة بين الحيتان، ويتماثل وجودها من عدمه.

أن أي انتخابات تجرى تحت ظل السلاح المنفلت خارج نطاق القانون، وتحت أنظمة انتخابية مجحفة، وغياب الشفافية والنزاهة، سوف تكون مجرد مضيعة للوقت، وإعادة من يتعسف بنا، وإضفاء الشرعية عليه، وكما قال أبو المثل (اليوم للي مالك عيشه بيه لا تعده من ايامك).

عرض مقالات: