الازمة الشاملة تلف كافة مناحي الحياة في العراق، لا أحد يجهل ذلك لكون وصول طفح كيلها المدمر الى " الهامة ". إن القانون الموضوعي يؤكد انفجارها لا محال، بمعنى أن البلد ليس على حافة الهاوية كما يراه البعض بل قد تدحرج وغدا في قلب البركان.. فما العمل؟؟.

  أمام الناخب العراقي طريقان.. الأول: خوض الانتخابات على عواهنها {بلا تفكير بمفاعيلها} وفي النهاية يتلقى النتائج. ثانياً: يلجأ الى المقاطعه ويتفرج على مخرجاتها. وفي كلا الأمرين سيبقى الحال على ما هو عليه. هذا إذا لم تستحضر مستلزمات النزاهة والأمن طبعاً.. والأهم من كل هذا وذاك توفرالظروف الذاتية للجهة التي تقرر خوض العملية الانتخابية بكل حذافيرها. فهي ملزمة بتقييم توازن قواها التصويتية، وتهيئة الناخب صاحب الإرادة بممارسة حقوقه الدستورية، الذي لا تثنيه المع المعوقات القسرية مهما كانت.. وكذلك من حيث اختيارالمرشح ذي المقبولية الجماهيرية. وكان من يُؤمل، في مطلق الاحوال، بروز قادة وجمهور ناخب من داخل ساحات الانتفاضة لكونها أخصب ارضية لذلك. فهل استثمرت الساحات لغرض التحشيد الانتخابي..؟؟

 قد يكون الحديث بهذا التصور يجافي الواقع المُعاش. ربما يلمس شيئاً من هذا القبيل. فمن المُحال خوض الانتخابات في مناخ ما زالت تتفاعل فيه ذات السيناريوهات السابقة والمكرسة لإعادة وتدوير الكتل المتنفذة المتمترسة بالمال الفاسد والسلاح المنفلت، التي يصاحبها غياب أي قدر من الحس الحكومي المسؤول، للحد من انفلات الجهات المتجاوزة على القانون. التي تبدو قد تمكنت من مصادرة القرار الرسمي وسخرته لحماية مصالحها وتمرير نواياها التي تنم عن فرض نظام مبرقع برداء ديمقراطي، غير أن جوهره مستبد وجائر.

 قد يظن أحد أن تعديل قانون الانتخابات الذي تم بعملية جراحية لم تغن بعدالة، ولم تُشبع من جوع ديمقراطي، زائدا ً الإعلان عن موعد للقيام باجراء الانتخابات. سيتمخض عن أفق ديمقراطي يمكن تطويره. إن ذلك وهماً سياسياً مهلكأ في ظل النهج السياسي السائد. لأن ما حصل سوى تلطيف لمسلك المتنفذين ليس الا. ولم يحصل بعيداً عن ضغط حراك الشارع المنتفض.. ومن هنا يمكن أن نهتدي الى الطريق السليمة والواعدة بنظام ديمقراطي وعدالة اجتماعية مضمونة. عندما تتم المراهنة على النهوض من صلب ساحات الاحتجاج وثورة الحرية واسترجاع الوطن. لأن الحصول على الحقوق الديمقراطية لن يُكفل نيلها الا من خلال قوى تؤمن بها، وثائرة في سبيلها، ولها إرث وتضحيات تشهد لها، وليس بغيرها قطعاً.

 من موجبات القول في هذا الهم المُلح. إن القوى الديمقراطية والوطنية وعلى عين التحديد، قوى اليسار الديمقراطي هي التي تدرك قبل غيرها وأيضاً عليمة بمسالك الطريق نحو الحرية ونظام العدالة الاجتماعية. والآن قد جاء يومها، وعليها توحيد العمل وتنحي الخلافات جانباً وتماهي المشتركات مع بعضها، طالما المرمى ذاته، والخصم مشترك ايضاً. وما يفرض ذلك ويلزمه في هذه المرحلة هو احتدام الصراع بنمطه الطبقي الصارخ والمتسارع نحو الانفجار الشعبي وثورة الجياع.

  إذن المسؤولية التاريخية تقع على أكتاف من يلوّح براية الحرية والعدالة والديمقراطية. وعليه أن لا يكتفي بالادعاء، وأن ينآى عن كل ما من شأنه يشتت وحدة المناضلين. لأن سوح النضال لا تحبذ هشاشة صفوف روادها. وقد سجل لها التاريخ بمختلف الظروف وأحلكها بأنها " ولّادة " لقادة ميامين بواسل سواء كانوا أشخاصاً أو أحزاباً أو جبهات الكفاح الوطني.. وغالباً ما أنجزوا مهمة الانتصار المؤزر. وأخيراً وليس آخراً، تبقى الانتخابات الوسيلة المتاحة في الظرف الراهن للتغيير ولكن يشترط تفكيك أسرها بكسر قيود الطغم الفاسدة عدوة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. بنضال صميم لإنقاذ البلد الذي أصبح يغوص في أعماق لجة المجهول.. يا لها من حال تعصر القلب وتبعث على الخشية المؤلمة لضياع العراق برمته .

عرض مقالات: