عام كامل والشباب في ساحات التظاهر بدأوا برفع مطالب معينة تخص الخدمات والتعينات، ولكن بمرور الاسابيع وتوغل عبدالمهدي وقواته وقوات الميليشيات وباعتباره القائد العام للقوات المسلحة بقتل وجرح الآلاف من الشابات والشباب دون أن يعير أي اهتمام لهذه الخسائر في ارواح المواطنين، أدت الى رفع شعارات اسقاطه وفي بعض الاحيان اسقاط النظام الذي يحمي القتلة واحزابها. لم يكن في نيته محاسبة أي قائد شرطة أو أي ضابط مسؤول عن تلك الخروقات التي ادانها العالم. أكثر من 700 شهيد واكثر من 20 ألف جريح بينهم 6000 معوّق ولم تكن في نيته الاستقالة وانما كان يرمي القتل على اشخاص مجهولين حتى القناصة لم يذكرهم والى اية جهة ينتمون ولا المدنيون الملثمون استطاع ان يوقفهم. فهو المسؤول الأول عن كل الضحايا دون اي استثناء وتجريمه امام القضاء.عام كامل مرَّ دون ان تكتشف السلطات القتلة. وقبل أشهر سقط عبدالمهدي وجيئ بالكاظمي كحل وسط مع وعود بكشف القتلة وتقديمهم للقضاء كمطلب مُلح للمتظاهرين وتمر الاسابيع والشهور ويستمر الاختطاف وتغييب المتظاهرين وقتل علني في وضح النهار وفي سواد الليل دون أي رادع ودون ان يحرك الكاظمي أي ساكن سوى المسكنات التي لم تصل الى حقيقة المجرمين ومن يقف خلفهم وصولاً لاغتيال الخبير الامني هشام الهاشمي ووعده بكشف القتلة خلال 72 ساعة ومرت الاسابيع دون التوصل الى حقيقة القتلة من الميليشيات مع تسرّب تقرير اللجنة التحقيقية التي شكّلها ومعرفة القتلة وتوقيف أحدهم والاتصالات مع المجنى عليه ومن دفع وخطط للجريمة ومن اراد (قطع لسان) الهاشمي لكن ليومنا هذا لم تصل الامور الى كشف حقيقة القتل والقاتل. ويبدو كما هو واضح لن يُعلن عن المجرم الاول في هذه القضية وفي قضايا اخرى خطيرة. كل هذا بسبب انتشار الفساد في كل مؤسسات الدولة والقوات الأمنية ليست بعيدة عن ذلك الفساد كما قال ذلك الكاظمي بنفسه. منعت قواته من دخول منطقة في ذي قار بسبب حمل العشائر سلاحها الثقيل بوجه قوات مكافحة الارهاب التي ارسلها الكاظمي لاطلاق سراح احد النشطاء المدنيين وانسحبت القوات بفشلها باطلاق سراح الناشط المدني سجاد العراقي ومازال المختطف محجوزأ إن لم يكن قد صفّيَ من قبل القتلة.
ما لم يحققه عبدالمهدي باجهاض الانتفاضة استطاع الكاظمي بوعوده ان يقتحم كل ساحات الانتفاضة وحرق الخيام حتى من كانت على الارصفة بحجة إعادة الأمن والحياة الطبيعية للبلاد للعمل (آلاف المشاريع الصناعية متوقفة بامر من اعداء العراق). ادعوا ان شباب الانتفاضة تعاونت مع القوات الامنية لفتح الطرق والساحات وانهاء الاعتصامات بطرق سلمية، وهذا ما اخبروا بلاسخارت كذبا وزوراً حيث لم يكن من المنتفضين الحقيقيين من وافق على رفع الخيام وانما الاحزاب الفاسدة التي دخلت الى تلك الساحات وخصوصا ساحة التحرير في بغداد رفعوا خيمهم وبدأوا يصرحون باسم المنتفضين وهم كانوا مشخصين منذ اول يوم دخلوا الساحات وحتى هم من اشتركوا في ضرب المتظاهرات والمتظاهرين بالهراوات والسكاكين وحرق الخيم كما حدث في شباط وآذار الماضيين واستمرت بين الحين والاخر حسب توصيات امراءهم ووقوف القوات الامنية موقف المتفرج.
ان انتشار جائحة كورونا ادى الى تقلّص عدد المتظاهرين وهذا صبّ في مصلحة السلطة الفاشلة ولذلك أقول (رب ضارة نافعة) للسلطة وسهّل الانقضاض عليها بهذه الطريقة الاجرامية. قال قائد عمليات بغداد انهم اعتقلوا 17 من مروجي المخدرات وكما صرّح سعد معن أن حدثا كان يحمل معه 61 قنبلة مولوتوف.نعم اظهرت بعض مقاطع الفيديو ان هناك فعلاً حدثا وزع المولوتوف وكان يخرجها من كيس صغير لكن كان على السيد معن أن يقول الحقيقة اولاً وان يعتقلوا هذا المواطن لاضراره بالامن العام وان تنشر الحقيقة من ارسل هذا الصبي ومن يقف خلفه ومن يدفع له لرمي المولوتوف بوجه القوات الأمنية، والى هنا لم يذكر أحد من قتل الشاب مرتضى حيث أصيب باكثر من رصاصة في صدره في حين الكاظمي قال انه اصدر اوامره الصارمة بعدم السلاح للقوات الامنية.
وباكثر الطرق المتخلفة نظفت القوات الأمنية وعمال النظافة ساحة التحرير فكان بعض القوات يرمون الصور والشعارات والملصقات في نفق ساحة التحرير بجانب مدرسة الراهبات والتي ربما يهيؤون الامر لهدم احدى الاماكن التراثية في وسط بغداد وهي مدرسة الراهبات لبناء مول واكيد بان المافيا الفاسدة المسيطرة تتبى ذلك المشروع دون ان يعيروا أية أهمية لهذا المكان الأثري حيث أنهم اكثر من أميين في هذا المجال. بعد أن انسحب شباب الانتفاضة من المطعم التركي واستيلاء أحد الأحزاب التي ادعت انها مع المنتفضين وضد الفساد هل القوات الامنية سوف تعمل على افراغ هذه العناصر من البناية وتبدأ الدولة بترميم هذه البناية وجعلها قابلة للاستثمار او عمل (مول) دون المساس ببناية تلك المدرسة الاثرية.
النار التي اشعلت الانتفاضة مازالت مستعرة وان تكون تحت الرماد وان اسباب الانتفاضة مازالت قائمة بكل مفرداتها، الفساد المنتشر في كل مؤسسات الدولة، القتلة مازالوا خارج السجون ولا عقاب عليهم، تفشي البطالة وسيطرة الاحزاب الفاسدة على كل اموال الدولة لتصل الاخيرة الى الإفلاس، انتشار السلاح بيد الخارجين عن القانون وتوسع رقعة الميليشيات وفرض سيطرتها على كل شاردة وواردة، النزاعات العشائرية اصبحت ظاهرة من اجل السيطرة حتى على موارد البلاد وتهديدها للشركات الاجنيبة لجباية الاتاوات ناهيك عن انها تهدد السلم الاجتماعي.
ربما استراحة المنتفضين قد تكون قد بدأت وبالرغم من جائحة كورونا لكنهم لن يتنازلوا عن مطالبهم المشروعة في كشف قتلة المتظاهرين وتقديم الفاسدين للقضاء واسترجاع الاموال المسروقة من البلاد على ايادي الاحزاب الاسلاموية وتوفير العمل للعاطلين وطرد مزوري الشهادات من مواقعهم ومعاقبتهم حسب القانون وطرد غير الكفوئيين من الوظائف التي اتخموا بها جسد الدولة محاباة لاحزاب معينة ولشراء الذمم.
القادم سوف يكون ساخنا ً ولن تكون استراحة المنتفضين طويلة وتتوهم قوى الفساد والطغمة الفاسدة أن وهج الانتفاضة قد خفت على الاطلاق فان ذي قار مازالت منتفضة ضد الفاسدين وسوف تلحق بها باقي المحافظات مرة اخرى وحرق ورفع الخيم ليست نهاية المطاف ويعلم ذلك الفاسدون بكل الوانهم.