في الثاني عشر من أيار سيرسم العراقيون ، ويحسموا إرتباط مصيرهم بنهج المحاصصة الطائفية والإثنية الذي على اساسه تشكلت أربع حكومات ، ضيعت أحلام العراقيين بالحياة الحرة الكريمة في كنف دولة مدنية تسودها العدالة الإجتماعية المنشودة والقانون نتيجة سيادة الفساد والمحسوبية في أغلب مفاصلها الإدارية والأمنية.      

لقد لبست الأغلبية العظمى من أعضاء تلك الحكومات عباءة الدين والمذهب ، ولم تهتم بتعزيز  الروح الوطنية العراقية ، وتناست ما إلتزمت به من تنمية البنى التحتية للبلاد . لا بل تجاهلت ما وعدت به الشعب من أنها ستنتشله من ما كان عليه من حياة مُهينة وتخلف شامل في جميع الأصعدة ، فلم يَقدَموا على ما من شأنه وضع الأسس الضرورية لحياة حرة كريمة له . رغم تدفق موارد مالية هائلة من عائدات النفط على العراق بعد سقوط الصنم بل ساءت حياة المواطن اليومية في عهدهم ، وإتسع الفقر والبطالة بين صفوف الناس ، علاوة على ما أصابهم من مآس وويلات وتهجير وسبي للنساء ، نتيجة تخاذلهم في عملية التصدي لإحتلال داعش لثلث أرض العراق وما صاحب ذلك من جرائم على رأسها جريمة سبايكر.

ركضت تلك الأغلبية وراء تحقيق شهيتها وتعطشها لجني المال بالرواتب والمخصصات التي يحلم بها المسؤولون السياسيون في أغنى بلاد العالم ، فعرقلوا  قانون من اين لك هذا لتُطمس كيفية تراكم ثرواتهم المنقولة وغير المنقولة . ودأبوا بإسم الدين على خداع بسطاء الناس بطرق ملتوية فأنتُخِبوا للمرة الثالثة . فهل سيُخدع بسطاء الناس بدعاية حملاتهم الإنتخابية الحالية ، وينقادون لمغرياتهم التي تحط من كرامة الإنسان وتتحقق مأربهم في الإنتخابات القادمة لمرة رابعة ؟!! . خاصة بعد أن دعت المرجعية الدينية في النجف بعدم تجريب المجرب ، و بضرورة المشاركة الجمعية في الإنتخابات لحسم المعركة الإنتخابية وإياهم ، لصالح ذوي الأيادي البيضاء ممن يريدوا تقديم الخدمات للمواطن ، و يسعون لمنح الحقوق الإنسانية والوطنية للمحرومين والمهمشين ، وإيجاد فرص عمل للعاطلين . سيما وقد أعلنوا أكثر من مرة أنهم سيقلصون رواتبهم ومخصصات الرئاسات الثلاث بالشكل المعقول ، كما أنهم سيبقون قريبين من الشعب وبين أحضانه ، غير معزولين في القصور الفارهة في المنطقة الخضراء ، مع أبقاء أرقام تلفوناتهم كما هي مفتوحة امام الناس ، ولن يسمحوا لمن جرب وفشل في مهامه خلال  15 عاما أن يقف بالضد من القوانين التي تنصف الشعب والوطن.

 لذا فإن من يتخاذل ومن يُخدع بما يُقدم له من مغريات تافهة ، ويُعاود إنتخاب الفاسد والمجرب ، لا يعاقب ذاته فحسب وإنما سيُضيع على ناسه فرصة التغيير والإصلاح التي وفرتها الظروف الذاتية و الموضوعية التي صنعها حراك متظاهري ايام الجمع منذ 25 شباط عام 2011 ، والذي توج مؤخرا  بانبثاق تحالف سائرون . علاوة على أن موقفه هذا سيُساهم في إعادة نفس الوجوه التي ستواصل ما تم إنتاجه في الحكومات السابقة من فقر وقهر ومصائب ، والتي سوف لن تقدم أي منتج أيجابي لصالح الشعب والوطن والأجيال القادمة ، مهما كدست من وعود هوائية مغرية في حملاتها الإنتخابية كما جرى في الإنتخابات الماضية  

 فالتصدي لنهجهم بعدم أعادة إنتخابهم وخلق وزن عددي في البرلمان المقبل لصالح تحالف سائرون   يمكنه من النهوض بما تعهد به للشعب والوطن من مسؤولية أتخذها على عاتقه ، بكنس الفاسدين والطائفيين من مواقع القرار في الدولة العراقية وتحقيق الديمقراطية والحياة الحرة الكريمة في ظل دولة العدالة الإجتماعية والقانون ، سيما وإن الأحزاب والكتل القائمة على مواقع القرار تمر حاليا بحالة تشظي في صفوف كتلهم وأحزابهم  التي حكمت العراق 15 عاما ، هذا التشظي وقف وراءه  التناقض في نظراتها تجاه المسألة الوطنية العراقية ومطامعهم الحزبية والذاتية ، ولهذا إتسعت دائرته (التشظي) فشمل صفوف قواعدهم التي هزتها خيبة الأمل بقادتهم ، ومما زاد الطين بله عدم قدرتها على محاسبتهم ، وعدم وصول يد القانون إليهم . كل ذلك سيدفع بإبعاد الراكضين وراء المناصب لمواصلة تحقيق مآربهم الذاتية من خلال تشكيلهم لحكومة تسير على نفس النهج الذي سارت عليه الحكومات السابقة . بينما يفتح أمام الناخب خيار إنتخاب سائرون المتمسك ببناء دولة المواطنة التي ستأتي بثورة إصلاحية تعيد للعراق الروح الوطنية العراقية المفقودة.     

عرض مقالات: