ازفت ساعة اقتراب يوم الخامس و العشرين من تشرين الاول الحالي، كما لاحت بيارق ثوار تشرين متسامية فوق هامة سكون " استراحة المقاتل "، تبشر بجهوزية وهمة المتظاهرين التي غدت بمستوى متطلبات تحديث انبعاث الانتفاضة الحاسم في ذكراها العطرة الاولى ، التي تترقبها جماهير شعبنا بفارغ الصبر . بعد غدر جائحة "كورونا" التي شكلت باب فرج للطغمة المتسلطة. غير انها من جانب الثوار كانت نصبت امامهم  قارعة " مصيبة " ليست بالمقدور تجاهل مضارها. وبالرغم ذلك لقد آثر المنتفضون ان لا يهابوا الموت والاستشهاد برصاص غدر  مرتزقة الدولة العميقة. ولكنهم ابوا ايضاً عدم جعل ارواحهم حطباً لنار فايروس خطير، هو الاخر قد استثمر ليصب في مجرى اخماد شعلة الانتفاضة، والذي من غير المعقول تحديه والاستهانة بشروره. انما تمسك المتنفضون بتبن نمط الادخار لاي جهد فاعل في سبيل استكمال مهمة الانتصار .

يكاد يتجلى نضوج ثمار الانتفاضة باعلان المنتفضين عن عزمهم على تشكيل مركز لقيادة وتوجيه الحراك. بل ربما قد تم ذلك لكن دون الافصاح عن الآلية الديمقراطية التي تمخض عنها هذا التشكيل. ومن هي اطرافه من نشطاء الساحات الثائرة، وفي غضون ذلك قالت بعض تنسيقيات المنتفضين انها قد تفاجأت بالمستجدات. غير ان من مباعث الاطمئنان حقاً، هي نوايا هؤلاء الشجعان التي اعلنوها، انها تتجه نحو تصحيح بعض الاخطاء والشعارات التي برزت خلال مسار الانتفاضة منذ الاول من تشرين الاول 2019. ويبدو انهم قد شخصوا منطلق الشعارات غير المنسجمة مع المطالب الاساسية للمحتجين، مما حدا بهم الى ان ينسبونها الى فعل القوى المعادية للتغيير كأحدى وسائل التخريب التي تحقق مع اساليب القمع الوحشي الاخرى لتشويه جوهر الحراك الجماهيري.

       ومن نافلة القول: ان المنتفضين قد حددوا نهاية لصبرهم على الضيم. وذلك باعتبار يوم الخامس والعشرين من هذا الشهر اخر فرصة امام القوى المتنفذة. جاء ذلك وعلى لسان من زعم انه يمثل المتظاهرين " الدكتور ضرغام " الذي قدم نفسه باعتباره قد انتخب لرئاسة اللجنة التي شكلت لقيادة الانتفاضة حسب قوله الذي ادلى به عبر وسائل الاعلام: { اذا لم تتحقق مطالبهم في هذا اليوم الاغر فسوف يرفعون من سقفها الذي حددوه بـ {حل البرلمان} .واذا ما استقرئ ما تنم عنه هذه الخلاصات وفي ظل احتدام الصراع السياسي الدائر. فهذا ليس نافعاً في الظرف الراهن لكون انجاز قانون الانتخابات ما زال بعهدة البرلمان وكذلك قانون المحكمة الاتحادية. الامر الذي من شأنه تعقيد افق الحل المنشود. لكنه من الوارد جداً حصول خط صد ساخن ليس من السهل معرفة ادواته، او تحديد نهاياته، وما سيتمخض عنه من تداعيات خطيرة، لكن تبقى الثقة عالية بعصف الانتفاضة الذي لابد من ان يفضي في الحصيلة النهائية الى انتصارها. غير ان هذا التصور ولكي يكون حقيقة ملموسة ومن ثمة قطف ثمار انتفاضة تشرين، التي كان قد قُدم حيالها ثمناً جسيماً من التضحيات. يحتم مسك عتلة الانتصار عبر توفير المستلزمات والمقدمات الضرورية التي من دونها يكاد ينحسر التفاؤل وتتشوش الامال.

        لقد سبق ان تمت دعوة تنسيقيات ساحات الحراك الى تشكيل مركزية القيادة، وتوحيد البرنامج بمختلف ابعاده السياسية والاجتماعية وسواهما، فضلاً عن تحديد الخطى مكاناً وزماناً، التي ينبغي ان تجافي التطرف والنزق السياسي،و تجنح الى السلمية المطلقة. وفي ذات الوقت الحذر الشديد من احابل ودسائس القوى المتنفذة التي تشير بعض الاخبار الى انها تنوى الدخول الى ساحات التظاهرات بغية التخريب.

       ومن المقاربات الاخرى المهمة التي لابد من ذكرها، عدم اغفال ضرورة تعزيز التمازج بين خبرة الاحزاب المدنية الديمقراطية والوطنية صاحبة الباع الطويل في النضال والتي لها السبق في تفجير التظاهرات الاحتجاجية منذ عام 2011 وبين الحماس والطاقات الثورية التي ينطوي عليها الشباب الثائر.

عرض مقالات: