يبدو للبعض ان الانتخابات هي تسجيل أسماء وترشيح قوائم وأشخاص...وفي الواقع هذا هو الشكل الظاهر لعملية الانتخابات، لكن الباطن هوَ معركة حقيقية اقتصادية وسياسية واجتماعية ... بين فريقين، بين القوى والأحزاب والشخصيات التي تريد تقديم خدمة للشعب والوطن، وبين الفريق الذي يسعى للمال والجاه والسلطة والمجد الخاص، على حساب الشعب والوطن، وفي هذه المعركة الشرسة، التي يستثمر فيها المال السياسي والدين والإعلام والوعي المتدني للجمهور، والدعم من خارج الحدود.... وفي أوار هذه المبارزة الحامية، لابد من خاسر ورابح في القتال السلمي، وفي حال خسارة القوى الوطنية التي تسعى لخدمة الوطن وأبنائه، يمسي الأمر مدعاة للألم والأسف الشديد على الجهد الضائع، وبقاء محنة الشعب ذاتها، لكن القوى التي تنظر الى فوزها في الانتخابات، يعني فوزاً بمغانم السلطة وتقاسم ثروة الشعب، وتنظر إلى خسارتها، بمعنى خسارة المال والجاه والسلطة، وإمكانية مراكمة  ثروتها، والاهم من كل ذلك هوَ وضعها للمساءلة القانونية، التي ستؤدي بحياة القسم الأكبر من أزلامها ومريضيها الفاسدين، وهذا الخوف يجعلها تنظر الى المعركة الانتخابية، بأنها معركة مصير لذلك هي تلقي بكل أسلحتها في الصراع، ولا تتوانى عن استخدام أقذر الوسائل والطرق للظفر بالسلطة التي تنظر أليها كسفينة نجاة من ذاك المصير المؤلم، وهذا ما يجب أن تأخذه القوى الوطنية في الاعتبار خلال معركتها الانتخابية ... وبالعموم نحن أمام معركة مصير الوطن .

ومن هنا يتأتى واجب المواطن إزاء بلاده، وهوَ الاشتراك في معركة مصير الوطن، وعدم الاشتراك تعني أنك كسرت السيف وجلست تندب حضك العاثر.. وتركت حومة الميدان للفريق الآخر ليتأهل للفوز دون ثمة عناء، ليمارس ديدنه الفاسد في الاستحواذ على مالية الدولة بطرق ووسائل يندى لها جبين حتى بعض الجبناء.

وبما أن رهان القوى الفاسدة ، على حجم المال السياسي والدين والإعلام ووعي الناس المتدني ودعم الخارج .. ، فان هذه العناصر غير ثابتة ، ومتحركة باتجاه التدني والتأكل حتى الجفاف ، وظهور الحقائق عارية أمام الشعب ، وهذا هو المؤشر السلبي المرعب على مصير تلك القوى ، بالمقابل يقوم رهان القوى الخيرة  ، في معركة الانتخابات حصراً على درجة وعي الجماهير ،  وهذا الوعي يتحرك دائماً صوب الرقي المعرفي ، الذي يميز الأصلح لخدمة البلاد وشعبها ، لاسيما وأن هناك كثير من المؤشرات تدل على شيء من تطور الوعي الوطني ، والذي حفزته فضائح الفساد الإداري ، وعدم قدرة الحكومة والبرلمان على إدارة الدولة بما يخدم المواطن ، ثم ضعف الدعم الديني ، نتيجة الحرج من فساد الحكومة ومؤسساتها ، كذلك ضعف قدرة الإعلام على التستر وتغطية الفضائح الكثيرة والفساد الهائل والمستشري في مفاصل الدولة والمجتمع ، وهذه علامات الضعف التي توهن عمل الكتل المتنفذة  هي لصالح رهان القوى المخلصة للعراق .

نعم هناك أراء تقول إن الأمور منتهية لصالح القوى المتنفذة، وليس هناك من داعي لإرهاق النفس في الانتخابات، ورأي آخر يؤكد عدم فوز القوى الوطنية، لأنها لا تملك مال ولا إعلام ولا دعم خارجي، فلماذا تجهد النفس في معركة لم توفر لها أدوات النجاح، ورأي ثالث يقول: الانتخابات ونتائجها معدة سلفاً في جهاز كومبيوتر أمريكي..

مع الاحترام لأصحاب الآراء، التي ربما تجد لها نصيب في الواقع، ولكن لا يمكن غير اعتبار وجهات النظر هذه إلا تصورات في ظهر الواقع مبنية على مجرد التقدير والتخمين، إما حقيقة ما تفضي عنه الانتخابات من نتائج، فهي مضمرة في جوف المعركة الانتخابية.

عليه ضرورة شحذ الهمم والوسائل واستثمار الفرص، والذهاب الى الناس في تجمعاتهم ومناسباتهم وحتى في بيوتهم إن أمكن ...

وكل إنسان وطني يحس بمسؤوليته إزاء بلاده وشعبه، أن يأخذ عائلته ويحفز جيرانه ومحبيه للذهاب الى لانتخاب الأشخاص الوطنيين والمهنيين، وإفهام المواطن بأن صوته أمانة وطنية يجب أن يؤديها لخدمة الوطن، حيث الأقارب والأصدقاء والجيران وزملاء العمل، يجب التحرك باتجاههم لتكون أصواتهم منقذ للشعب من الفاسدين. الوطن يستحق كل جهد وطاقة فهو ينادي أبناءه الأبرار، فلنعينه لترسي سفينة بلادنا على بر الأمان، ولا جلوس على الكراسي ما دام هناك معذبون في وطننا العزيز .....

عرض مقالات: