ها هي الانتخابات التشريعية الرابعة تدق الأبواب في الشهر( 5/2018 ) والبلد يسود أكثر مناطقها الدمار والتخلف وعدم الاستقرار الأمني  والبطالة والفقر وتدمير القطاع الخاص وآثار الحروب والإرهاب وما تخلفه الميليشيات المسلحة من فوضى أمنية والفساد الذي ينخر في اقتصاد أحادي الجانب وينتشر في مرافق الدولة، أما الحكومات السابقة ما عدا حكومة أياد علاوي الأولى فقد قادها وما يزال حزب الدعوة وشركائه من أحزاب الإسلام السياسي " شيعية أو سنية، الكرد !!" ساهمت في هذا الدمار وعدم الاستقرار والفوضى باعتماد سياسة مبنية على تقاسم المراكز الحكومية وفق مفهوم بائس هو المحاصصة، تلك الانتخابات التي اعتمدها قانون انتخابي جائر استطاعت بواسطته الهيمنة المطلقة تقريباً على مجلس النواب وقراراته التي كانت في بعض الأحيان تُشرع من جهة واحدة دون غيرها، لقد كافحت القوى الوطنية والديمقراطية طوال السنين السابقة من أجل تحقيق مفهوم الوطنية بدلاً عن المحاصصة الطائفية والقومية الضيقة ، وناضلت مع كل الذين تهمهم مصلحة البلاد تعديل قانون الانتخابات إلى قانون انتخابي عادل نسبياً لكي لا يتم الاستيلاء على أصوات القوى الأصغر التي تمثل مئات الالاف من الأصوات الانتخابية والخروج ببرلمان  سليم باتجاه سن القوانين التي تخدم البلاد ومصلحة الشعب العراقي، وعلى الرغم من تشخيص مثالب ونواقص قانون الانتخابات والتجاوزات غير القانونية قبل أو أثناء الانتخابات بما فيها التزوير وشراء الذمم وتوزيع الأموال وأنفاق المال العام بدون وجهة حق إلا أن القوى الحيتانية المتسلطة التي لا تريد التنازل عما تسرقه من أصوات المواطنين الذين ليس لهم أية مصلحة أو ارتباط  بهذه القوى الحيتانية  التي سعت وتسعى للحصول على أصواتهم لكي تزيد من حصصها البرلمانية لا غير، هذه القوى كانت وما زالت تعرقل وترفض التعديلات الجوهرية على قانون الانتخاب، ومع ذلك وعلى الرغم من فرض القانون الجائر لم تنسحب القوى الوطنية والديمقراطية من الانتخابات وبقت تناضل في الساحة السياسية والانتخابية بشتى الوسائل السلمية المتاحة على الرغم من أنها وجماهيرها وجماهير واسعة من الشعب تلقت في بعض الأحيان وبخاصة أبان عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الاعتداءات والتجاوزات والاعتقالات واحتلال داعش الإرهاب لغربي البلاد وغيرها، وبقى الأمل يحدوها بالإصلاح والتغيير، وما زال هذا الكفاح مستمر حتى اللحظة الراهنة.   

 لا يختلف اثنان على أن الانتخابات القادمة لها أهمية بالغة لكل القوى الشريفة ،السياسية الدينية أو القوى المدنية الديمقراطية باعتبارها محطة أما أن تكون فاصلة لتبدأ حقبة

ـــــ التغيير الواسع والإصلاح الحقيقي لإنقاذ البلاد مما هي عليه والوقوف بحزم ضد التدخلات الخارجية في شؤون البلاد  

  أو أن تكون

ــــ تابعة لا تختلف عن جوهرها التسلطي ولكن على نمط وشكل جديد

ولهذا نجد التوقعات حول القضيتين الموما إليهم تختلف في فهم التسابق  يين القوى المتنفذة المهيمنة على القرار وبين القوى الوطنية التي تحاول تفكيك الهيمنة واتخاذ الخطوات اللاحقة بقيام برلمان محصن من التبعية له خصوصية اتخاذ القرار المستقل والذي يؤدي إلى قيام حكومة وطنية لها حرية اختيار القرار المستقل أي بالمعنى الواضح  مؤسسة تشريعية لها استقلالية نسبية، لها قراراتها المستقلة بعيدا عن الصراع الحزبي والطائفي تخضع  لمفهوم مصلحة المواطن العراقي المغلوب على أمره ما بين القرارات الحزبية الضيقة وبين الانحياز الطائفي المقيت والقومي الشوفيني أو ضيق الأفق القومي ، وهي عملية تحتاج إلى جهود غير قليلة لاتخاذ  خطوات عملية وشجاعة كي تساهم في إعمار الوطن وتخليصه من تركة الماضي ومن التأثيرات الخارجية إيرانية كانت أو تركية أو أمريكية أو عربية، وكما هو معروف لم تكن المفوضية العليا للانتخابات بالمستوى المطلوب حيث تكلل عملها شوائب ونواقص كثيرة ذكرتها القوى السياسية قبل وبعد الانتخابات السابقة، واليوم هناك توجس بتكرار عمليات خرق وتجاوزات لم يجر ملاحقتها من قبل المفوضية، فمنذ البداية تحركت قوى الفساد والبعض من  ازلام المحاصصة السياسية وأوعزت إلى أذنابها بالاعتداء على المرشحين أو تمزيق اللافتات والإعلانات الانتخابية العائدة لتحالف" سائرون المدني" وحذر الناطق الرسمي باسم تحالف " سائرون " قحطان الجبوري في بيان اطلعت عليه وسائل الإعلام من " وجود حملة منظمة لاستهداف مرشحي التحالف مع قرب موعد الانتخابات عبر تعرض بعض المرشحين في بغداد والبصرة إلى محاولات الاغتيال  وهما المرشح جواد حمدان منطقة الحسينية شمال بغداد ( تعرض منزله إلى انفجار بعبوة "وفي البصرة التفات الربيعي،  وصادقت المفوضية على بعض المرشحين الذين لم تكتمل شروط ترشيحهم حسب ما أعلن عنه من نقاط وقرارات تُلزم المفوضية بإبعاد أي مرشح لا تكتمل شروط الترشيح، وكشف كاظم الصيادي النائب عن ائتلاف دولة القانون هذه المسألة بالتأكيد "لم تكتمل شروط ترشيحهم للانتخابات، داعيا إلى محاسبة من قام بالمصادقة على تلك الأسماء"  وكبداية فهي قضية خطرة إذا لم تجر معالجتها وفق التعليمات والقرارات  وقد تكون بداية مشجعة لخروقات ونواقص وتجاوزات لاحقة لأن كاظم ألصيادي الذي هو أصلاً في ائتلاف هيمن على السلطة منذ حكومة إبراهيم الجعفري ثم نوري المالكي ولحد هذه اللحظة أكد ونحن نتفق معه  أن "مصادقة مفوضية الانتخابات على بعض أسماء المرشحين يعتبر جريمة ومخالفة قانونية" وبدورنا نطالب النائب كاظم الصيادي بالكشف عن الأسماء التي لم تكتمل شروط ترشيحهم ومحاسبة أولئك العاملين في المفوضية  الذين قاموا بالمصادقة عليهم وتعرية المواقف بدلاً من الإشارات العابرة لأن الفساد وأصحابه ينتظرون فرصتهم السانحة للمضي أكثر في أعمالهم المخالفة للقانون بحجة القانون والمفوضية، ولنا في قول السيد رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اكبر مثال أن " محاور الصراع الدائر في البلد ومساعي الفاشلين والفاسدين إلى إعادة إنتاج أنفسهم بأطر وصيغ جديدة، وتشبثهم بالسلطة ومواقع القرار"

أن النفقات الباهظة التي تعد بالمليارات التي ذكرتها البعض من المصادر الموثوق بها ووسائل الإعلام وكشفتها بالأرقام تدل على  أن طرق التمويل وتحصيل الأموال تكاد أن تكون ضبابية وبعضها غير معروف  ولم يجر التدقيق فيها ومعرفة الطرق والأساليب، ولهذا نعود ونسأل إن مثل هذا البذخ والصرف غير المعقول أليس من حقنا معرفة مصادره وتدقيق كمياته حسب  قانون الأحزاب " المادة ( 25 ) على الحزب في ممارسته الامتناع  كما يأتي  " أولاً الارتباط التنظيمي  أو المالي بأي جهة غير عراقية ، أو توجيه النشاط الحزبي بناء على أوامر  وتوجيهات من دولة أو جهة خارجية"

1 ــــ أليس من الواجب ووفق مشروعية البحث عن مصادر المال أن نعرف إن كان هناك تمويل خارجي على شكل شروط من بعض الدول بهدف التدخل في الشؤون الداخلية في المستقبل بضمان الهيمنة على البرلمان؟

2 ــــ أليس من الضروري تدقيق الأموال الباهظة؟ هل هي من المال العام؟، والشك بما يبذخ إن كان على وسائل الإعلام أو في الدعاية الانتخابية أو شراء الذمم وغيرها من الوسائل غير القانونية لكن تحمى تحت طائلة القانون والحماية الشخصية من قبل كبار المسؤولين وحاشيتهم في الدولة.

وفي هذا الصدد كشف محمد الطائي النائب المستقل عن حقيقة وجود بعض الأحزاب داخل الحكومة العراقية وبين أن هناك حزباً وصلت حملته إلى أكثر من مليون دولار. وأكد محمد الطائي في محض تصريحه أن "الأحزاب السياسية استمرت في وجودها داخل حكومة المحاصصة منذ 2003 إلى الآن، بسبب حصولها على الوزارات والمناصب، التي من خلالها تستمر في تمويل وسائل الإعلام التابعة لها وتمويل حملتها الانتخابية، بالإضافة إلى نشاطاتها الأخرى".

إن النواقص والتجاوزات غير القانونية واستغلال الإعلام الرسمي ومراكز اتخاذ القرار يجب ملاحقته قانونياً وهنا تقع على عاتق المفوضية العليا للانتخاب التدقيق المالي ومعرفة كيفية التمويل وهل يتطابق مع قانون الأحزاب والقوانين الأخرى ثم كشف الجهات التي تساهم في زيادة الفوضى والفساد في سبيل مصالحها الأنانية الضيقة، لكي يعرف المواطن ما عليه من واجبات للمساهمة في الكفاح، وأن يتخذ القانون مجراه في محاسبة الفاسدين المتخفين في أثواب السلطة أو القوانين لحمايتهم من المحاسبة والعقاب القانوني

إن نزاهة الانتخابات القادمة ستكون محطة فاصلة لتحديد قضية تحقيق شعار استقلالية السلطات الثلاث وفي مقدمتها السلطة التشريعية ( البرلمان ) وهي ستكون نقطة تحول في ترسيخ مفاهيم الوطنية والعدالة وتطبيق القوانين واحترام هيبة الدولة و مصالح المواطنين على أسس راسخة من التساوي وعدم التفرقة ونبذ الطائفية والعنصرية والمحاصصة والإرهاب بما يتوافق مع بناء الدولة المدنية الديمقراطية.

عرض مقالات: