قبل فترة كنت أُريد الكتابة بعنوان (ليلة القبض على*اسلحة*) لكن لظروف خاصة وتسارع الاحداث توصلت الى قرار ان اكتب بعنوان ليلة اغتيال الكلمة.
كان العنوان الاول حول احداث الدورة والقاء القبض على مجموعة تابعين لاحدى الفصائل مع اسلحة ولتطور الامر الى اموى خطرة وتضارب الانباء والتصريحات الرسمية وغيرها واطلاق سراح الموقوفين تغيرت لهجات الكثيرين بين مدافع ومهاجم لما حدث.الفضائيات اشتعلت بالمقابلات مع المحلليين السياسيين والمختصين لحين وصول الامر الى لقاء حاسم لاحد الخبراء الامنيين وهو المغدور الدكتور هشام الهاشمي.كنت دوماً اعتبره محايدأً وقوراً لا ينفعل ولا يرتفع صوته على أحد، فقد بيّن اسباب *غزوة الدورة* وما تلاها من احداث وسمى الفصائل بأسمائها، وهنا بيت القصيد. في اليوم التالي اغتيل الهاشمي بطريقة حرفية وبدم بارد. تكشف الكاميرات طريقة الاغتيال فلا لبس عليها ولا غبار عن القاتل ومرافقيه من دراجة نارية اخرى وسيارة تمر بعد ثواني على الاغتيال. من خلال تفاصيل العملية أستطيع ان اقول انها نفس طريقة اغتيال الشهيد فاهم الطائي، دراجة نارية تسير خلفه ويترجل القاتل من مكانه يطلق الرصاص بالكاتم يتحرك بهدوء تتبعه الدراجة الثانية تتحرك ووراءهم سيارة بيضاء. و في النهاية لا وجود لا لتحقيق ولا العثور على القتلة ومن وراءهم وان كان فلم الفيديو واضحاً للعملية.
امس الاول ظهر احد ضيوف احدى الفضائيات فنفى نفيا قاطعا ان تكون احدى الفصائل هي من نفذت العملية. الامر المحيّر هو ان بعض الفصائل المثيرة للجدل لم تنف او تؤكد العملية والتزمت الصمت.
ظهرت تصريحات على لسان عائلة الشهيد انه كان هناك تهديد عبر التلفون مباشرة مع الشهيد وسُمّي المتصل باسمه بانه سوف يُقتل ونقل الكلام على لسان أحد كبار الفاسدين، اما الانباء الاخرى تقول ان السيارة البيضاء كانت خلفه لفترة طويلة دون ان يحدث شيء ما.
زار السيد رئيس الورزاء عائلة الشهيد وكرر لهم وعده بالقصاص من القاتل. مرت الايام دون ان يخرج بيان من اللجنة الامنية التي شُكِّلت حول الحادث اسوة بكل اللجان التي لم تخرج منها اية نتيجة، بينما عند حدوث جريمة جنائية تكون التحقيقات جيدة ويعلن عنها وعن الفاعل لابل يُلقى القبض على المجرم.
لا أستطيع ان أُوكد جدية اللجنة الامنية في البحث عن قاتل الشهيد الهاشمي من عدمها لكن الاكيد هو غياب دور الدولة والقانون والقضاء في دولة اللا دولة ولذلك تبقى الجرائم السياسية، وهي كثيرة جداً، دون متابعة بسبب الضغوطات السياسية من الاحزاب الفاسدة والمسيطرة على الدولة العميقة.
لقد سبق اغتيال الهاشمي اغتيالات وقتل عمداً وفي اكثر من محافظة بعدد لا يقل عن 700 شهيد واكثر من 20الف جريح ومعوق من المتظاهرين السلميين دون ان تتعرف الحكومة السابقة ولن تُكلف نفسها بان تبحث عن القتلة. وقد صرّح وزير الداخلية السابق بعد السؤال عمن اعطى الامر بالقتل قال اسألوا قائد عمليات بغداد، اي لا علاقة بالدولة، حكومة ووزارة داخلية، بمن اعطى الاذن بالقتل وإطلاق الرصاص الحي وقنابل المسيلة للدموع والقنابل المطاطية الخ...
الامن غير مستتب، قرارات فوقية مازالت تسير بها الحكومة الحالية دون دراسة ودون اختصاص، سواء فيما يخص انتشار جائحة كورونا او تجديد عقود التلفون النقال لشركات مطلوبة للدولة بمئات ملايين الدولارات دون تسديدها وتسديد قسما منها لفترة طويلة دون فوائد مع ان هذه الشركات لم تقدم الخدمات الجيدة للمواطن، والسؤال هل يستطيع المواطن العادي ان يتلكأ بدفع القرض المالي وبدون فوائد كما اعطي لشركات النهب للتلفون النقال هذه *المًقبلات*؟
مع ان ان الحكومة بدأت اعمالها ببرنامج توقع الكثيرون ان يُفعّل القانون وتبدأ خطوات الاصلاح الجدية بكشف قتلة المتظاهرين السلميين ومن يقف خلفهم وتقديمهم مع الفاسدين للقضاء ليقول كلمته بحقهم ، لكن الكثير من الاولويات تراجعت بسبب الازمة الاقتصادية الصحية التي تلف بالبلاد، ثم ان حتى بعض اجراءاتها التي تخص الرواتب المزدوجة ومتعددي الرواتب اصبحت خبر وليس اجراء بسبب قوة الدولة العميقة والتي تدير شؤون البلاد عمليا، وهنا يبدو، كما ارى، ان السيد الكاظمي لم يعد قادراً على مواجهة الدولة العميقة والمستقبل اقرب الى المجهول.