تناقلت وكالات الأنباء تصريحات السيد مظهر محمد صالح مستشار السيد رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ، بشأن طلب الحكومة من مجلس النواب إصدار قانون يخولها الاقتراض الداخلي والخارجي ، موضحا أن الاقتراض الداخلي سيكرس لسد العجز في الموازنة التشغيلية ، أما الاقتراض الخارجي فسيكون للموازنة الاستثمارية لبعض المشاريع واستكمال المشاريع القائمة ، وقبل التعليق على هذه التصريحات ، نود ان نبين بان ديون العراق الخارجية حسب تصريح السيد أحمد الجبوري عضو اللجنة المالية النيابية ، لعدد من وكالات الانباء ، بتاريخ 24 ايلول 2019 ، بلغت 125 مليار دولار ، وأني أقدرها برقم آخر بعد القرض الياباني والالماني والاسباني وغيرها من القروض الخارجية. وحسب صندوق النقد الدولي، فان ديون العراق تفاقمت خلال الفترات الماضية، حيث كانت قبل 6 سنوات، 73،1 مليار دولار، وارتفعت في العام 2014، الى 75،2 مليار دولار، وفي عام 2015 بلغت 98 مليار دولار، فيما كانت قبل عامين 114،6 مليار دولار، وفي عام 2017، بلغت 122،9 مليار دولار، والآن وحسب رأينا ربما تصل الى 130 مليار دولار. هذا اضافة الى الديون الداخلية. في حين اوضح السيد على العلاق محافظ البنك المركزي في تصريح له نقلته صحيفة طريق الشعب بعددها الصادر يوم الاحد الموافق 15/3/2020، بأن ديون العراق الداخلية بلغت 40 مليار دولار، والديون الخارجية، بلغت 23 مليار دولار، وان ديون ما قبل 2003 كانت 40،9 مليار دولار، وان المجموع 103،9 مليار دولار.
ان التضارب في الإعلان عن الرقم الحقيقي لديون العراق يخفي وراه أمر جلل، وخاصة ما ذكره السيد العلاق من ان الدين الخارجي 23 مليار دولار، وهذا رقم قابل للتشكيك به لان القرض البريطاني لوحده الموقع عليه عام 2016 كان 12 مليار دولار. فكيف يكون مجموع الديون 23 مليار؟
ان المديونية بلغت حدا لا تستطيع فقرات الموازنات القادمة من تسديد فوائد هذه الديون وخدماتها، والتي قد تصل إلى 5 مليار دولار سنويا، ونود الاشارة هنا إلى ما أعلنه الخبير الاقتصادي جمال الاسدي من أن العراق غارق في ديونه، وان من تسبب في دفع العراق إلى المياه العميقة للديون هم المسؤولون عن حالة البلد المالية، ومن هم في خانة المفسدين، ومن كل الأطراف المتنفذة بلا مجاملة او استثناء.
ان المسؤول اليوم سيترك الوظيفة غدا ، ولكن أثار سلوكه المشين سيلحق الضرر بالأجيال القادمة ، وان العدل يقتضي ملاحقة كل من تسبب بتبديد ما لا يقل عن 350 مليار دولار من موازنات الاعوام التي تلت الاحتلال ليومنا هذا (وحسب تصريحات السيدة ماجدة التميمي عضو اللجنة المالية النيابية ) ، مضافا اليها الديون المتراكمة على الخزانة الخاوية والبالغة 130 مليار دولار ، زائدا فوائدها السنوية والمقدرة ب 5 مليار دولار، والناتج هو وللسنوات الاربعة القادمة (اذا لم نتورط بديون جديدة ) سيكون العراق قد خسر 500 مليار دولار والأرقام حقيقية اذا لم تكن أكثر ، وان هذه المبالغ كانت كافية لتحقيق ناتج وطني مرتفع ، وتنمية حقيقية لبناء كل البنى التحتية للبلد، اضافة الى صياغة مستقبل جديد لا يعرف العراق فيه الفقر والبطالة ولا الأزمات المالية ، ولكان بالإمكان مشاهدة صندوق ضمان حياة الأجيال القادمة.
ان مجلس النواب أمام كل هذه الحقائق وأمام الهدر المستمر للمال العام مطالب بعدم الموافقة على الاقتراض الخارجي بأي حال من الاحوال، والطلب إلى الحكومة أيا كانت لإيقاف كل المخصصات والإبقاء على الرواتب فقط، وإيقاف الصرف للأغراض التشغيلية الا ما هو متعلق بالنظافة للدوائر الحكومية، والطلب من الحكومة تعيين النزيهين في مرافق الضريبة والجمارك وكل الدوائر التي تستحصل الرسوم، والتوجه إلى الدول بطلب المنح والمساعدات وبموجب قانون يشرع يعمل على عدم سرقة الممنوح لهذا البلد.
من المؤكد ان التوجه إلى الاقتراض سوف يزيد الوضع تفاقما، وان مسألة تأمين الرواتب والأجور وبعض فقرات الموازنة التشغيلية يتم عن طريق مبيعات النفط بأسعار السوق والتي لا تقل في الكثير من الأحيان عن 3 مليار دولار، وهذا يعني 3،6 تريليون دينار عراقي، يضاف إليها عائدات الضرائب والرسوم بعد معالجة الأمراض المستوطنة في الدوائر المعنية باستيفاء هذه الموارد.
ان الحكومة مطالبة بقرارات جريئة منها على سبيل المثال: إولا، الغاء كل راتب إضافي يحصل عليه البعض خلافا للقانون، وإعادة المستلم بقوة القانون، ثانيا، اعادة توزيع الثروة بالعمل على تقليل الرواتب العالية للرؤساء الثلاثة والوزراء والنواب واصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامين، وأية رواتب جاءت بقوانين استثنائية مثل رواتب متضرري رفحا وغيرهم ممن فاقت عوائدهم الحد المقبول اجتماعيا، ورفع الحمايات لان البلد بتوفير فيه قدر من الامن وتخصيص سيارة واحدة للوزير والنائب وصولا الى المدير العام. وتقليل رواتب القضاة والجامعيين ورواتب موظفي الرئاسات الثلاث. وأية رواتب تختلف عن رواتب عموم الموظفين، وان يتم دعم المشاريع الانتاجية للقطاع العام والمختلط والخاص، وهذه المطالب بمثابة الاختبار لحكومة السيد الكاظمي.
ان مجلس النواب مدعو لان يكون ابن المرحلة وان المرحلة تتطلب ان يكون كل عراقي عند مستوى المسؤولية والكف عن التوجه إلى أسهل الطرق، إلا وهي الاقتراض، لأن الاجيال القادمة لا يمكن ان تتحمل أوزار اخطاء الآخرين.