لقد تيقن العراقيون بأن آذان المتربعين على مواقع القرار ، قد أصابها الصمم جراء علو أصوات مناشدة الجماهير التي تلتمس التغيير واﻹصلاح ، وخاصة بعد أن رمى القائمون على مواقع القرار فشلهم في محاربة الفساد والمحسوبية على بعضهم البعض ، ومن أجل إمتصاص نقمة الجماهير عليهم  بدأوا بشن حملة لفظية على نهجهم المحاصصاتي الطائفي اﻹثني ، الذي كان وراء فشلهم في محاربة الفساد ، ولغرض إستمراره ، وضعوا العصا في عجلة التغيير والإصلاح الذي طالبت بهما الجماهير ، ومع كل ما إتصفوا به من سلبيات في خروج الوطن من الأزمات التي مر بها خلال حكمهم ، يعلنوا من خلال حملاتهم اﻹنتخابية وقوفهم بجانب نصرة الفقراء والمعدمين ، وإنهم عازمون القضاء على الفقر الذي أتسعت رقعته خلال حكم المحاصصاتيين ، بجانب وعود أخرى لتنمية العراق أما كيف ؟ !! فلم يذكروا ذلك في برامجهم الإنتخابية، إسوة ببقية الإئتلافات التي تبنت برامج إنتخابية واضحة تعتمد الديمقراطية القائمة على فكرة المواطنة، ونبذ الهويات الفرعية والمحاصصة، فوضعتها في أوليات برامجها الإنتخابية، والتي في حالة التصويت لهم ستقولب وتعيد هيكلية الدولة بما يُمكنها من ومحاربة الفساد والمحسوبية. بينما إقتصرت برامج المتحاصصين، على وعود هوائية شأنها شأن برامج إنتخابات سابقة، مبتعدة عن فضح الفاسدين من بين صفوفهم. كل حراكهم أنصب على كيفية التمسك بالحكم وتربعهم على مقاليده، بالدعوة لنسيان الماضي وفتح صفحة جديدة من العلاقات بينهم وبين الجماهير لأجل إنتخابهم.

لذا نراهم مع إقتراب موعد اﻹنتخابات تصاعد ذَمِهم للنهج الطائفي المقيت، عبر شجبهم له على وسائل اﻹعلام، بالإضافة لإستغلال أمكانياتهم المادية وسرعة التلون ليُطمئنوا المواطن، بأنهم سيتخلون عن مواصلته (نهج المحاصصة)، بينما في حقيقة اﻷمر، رشحت نفس الوجوه الكالحة التي كانت مسؤولة عما حل بالعراق وبصورة خاصة تدنيس داعش لأرضه، وكأنهم لم يكونوا مسؤولين عن موت العملية السياسية وهي في مهدها، بإيقافهم عجلة القضاء على موروثات الدكتاتورية. وإتفقوا فيما بينهم على كل ما من شأنه تمتين أواصر نهجهم المحاصصاتي ومواصلة إمتداداته في كافة الدوائر اﻹدارية واﻷمنية، تأكيداً على إستدامة ما نعطيها، وإن إصرارهم على ذلك يؤكده إبقاء الهيأة المشرفة على الإنتخابات دون تغيير، لتستمر في تغييب الحياد وعدم الشفافية في عملية ألإشراف على سير العملية الإنتخابية، بما ربطت بأحزمة وحبال المحاصصة، ﻷجل تكرار الوجوه المعادية للتغيير والإصلاح الحقيقي، مع تأكيدهم على التمسك بنسبة 1.7 في نظام سنتياغو لتوزيع المقاعد على الفائزين.

لن ينقذ الشعب والوطن من مآسيه سوى المشاركة الفعلية لجميع الأصوات التي تسعى للتغيير مع التصدي للأصوات التي تدعو لمقاطعها، وفضح مآرب ما وراء دعواتهم تلك، حتى لا تطول أسواط أحزابهم وتلسع أجساد شعبنا مرة رابعة، هذه الكتل والأحزاب التي بَددت ثرواتنا النفطية، وتنازلت أو سكتت عن خروقات أصابت حقوقنا الجغرافية واﻹقليمية بالصميم من قبل دول الجوار، والتي إنتهكت اﻷعراف الدولية لسيادتنا الوطنية وجغرافية بلادنا.   

   إن جماهير شعبنا تتطلع على تنسيق حراك الشباب بين الناس ودعوتهم للمشاركة في إنتخاب من هو قريب من الشعب ويسعى لبناء عراق ديمقراطي مدني فدرالي متحرر وليس البعيد عنه والمتعالي عليه.

عرض مقالات: