- رغم ا التقدم الاجتماعي الكبير الذي احدثه أسلوب الإنتاج الرأسمالي الا انه حمل كوارث سياسية واجتماعية للأسرة الدولية لا تعد ولا تحصى.  

- توصيفنا لمصاعب اسلوب الانتاج الرأسمالي يتماشى والكارثة المرضية التي تعيشها البشرية في ظروفنا التاريخية المعاصرة الامر الذي يدعونا الى التعرض لطبيعة تلك المصاعب التي أنتجها التطور الرأسمالي في مسيرته التاريخية والتي يمكن الإشارة الى أهمها –

أولاً–التطور الرأسمالي وسماته بنيته السياسية.

يتلازم تطور أسلوب الإنتاج الرأسمالي مع تناقضاته العامة المتجلية في أزمات دولية – وطنيه دورية عليه دعونا نستعرض تلك التناقضات عبر العناوين التالية—

1- التطور الرأسمالي والبطالة.

لا يمكن لأسلوب الإنتاج الرأسمالي ان يستغني عن البطالة لأنها تشكل مصدرا من مصادر ربحه المرتكز على استثماره لقوة العمل في السوق الوطنية وما يتطلبه ذلك من تقليص الأجور وزياد هامش الربح لدى المؤسسات الرأسمالية.

2-- تقليص الأجور

تتجلى النزاعات الوطنية في الدول الرأسمالية بين مطالب الطبقة العاملة بزيادة اجورها وبين مساعي الرأسماليين الهادفة الى تقليص الأجور وضمان الربح القادر على تجديد مؤسساتها الإنتاجية وتوسيع فعالية شركاتها الاحتكارية.

3--الازمات الاقتصادية

تقود الازمات الاقتصادية الملازمة لطبيعة أسلوب الإنتاج الرأسمالي الى الركود والبطالة وما ينتجه ذلك من خسارة وخراب المشاريع الإنتاجية الصغيرة والحاقها بالشركات الاحتكارية.

4-- المنافسة والحروب التجارية

لا يمكن عزل تطور أسلوب الإنتاج الرأسمالي عن المنافسة المستمرة بين المشاريع الإنتاجية الرأسمالية في الداخل الوطني وبين الرساميل الدولية وما يشترطه ذلك من توتر العلاقات الدولية واثارة النزاعات والحروب بين الرساميل الوطنية – الدولية.

  5-- تطوير النزعة العسكرية

طبقاً لنزعته العسكرية يسعى أسلوب الإنتاج الرأسمالي الى تطوير الصناعات الحربية الامر الذي يدعونا الى التأكيد على ان تطوير التسلح وتعميم الروح العسكرية تشكلان نزعتين أساسيتين في تطور الرأسمالية التاريخي.

6-- الحروب والخراب والتدمير.

تقود ميول الربح والسيطرة على ثروات الأمم الأخرى الى الحروب الدولية وما يفرزه من تدمير وخراب كبيرين يشملان جوانب الحياة الإنسانية.

7 -- الضم والالحاق

تهدف رأسمالية الدول المنتصرة الى بناء اقتصادات احتكارية كبيرة تعتمد الضم والالحاق لأسواق الدول الرأسمالية المتخلفة الى احتكاراتها الدولية.

ثانياً – الطور الرأسمالي المعولم وتفكك بنيته الديمقراطية.

إذا تتبعنا مسار الحركة العامة للطور الجديد من العولمة الرأسمالية نراه يسعى الى تعميم الاهداف التالية --

أ– انحسار الديمقراطية السياسية. 

بهدف الحد من النضالات العمالية وسلب مكتسبات كفاحها الطبقي المنجزة في مراحل تاريخية سابقة تعمد الرأسمالية المعولمة الى تحجيم الديمقراطية السياسية وقمع الإضرابات العمالية.

ب– تقليص المنجزات الاجتماعية

 تهدف الرأسمالية المعولمة الى تقليص المكاسب الاجتماعية مثل الضمان الصحي. وتعويض البطالة, والعمل على تقليص الرواتب التقاعدية وما نتج عن ذلك من تفشي الفقر والأوبئة العابرة للحدود الوطنية وعدم إمكانية النظام الرأسمالي من السيطرة عليها.

ج– تطور النزعة الكسموبولوتية

بسبب نزعتها الكونية وروح الهيمنة العالمية وعدم اعتبارها لمصالح قوى تشكيلتها الاجتماعية تسعى الرأسمالية الى السيطرة الدولية وإلحاق أسواق الدول الأخرى باحتكاراتها الدولية.

  د– تخريب الدول الوطنية

تعتمد الرأسمالية المعولمة على سياسة تخريب أسواق الدول النامية وبنائها الطبقي بهدف ضمها والحاقها بالاحتكارات الدولية.

ه– حماية النظم التسلطية والديكتاتورية

تعمد الدول الرأسمالية الكبرى الى التدخل في النزاعات الوطنية من خلال حماية الأنظمة الديكتاتورية ومحاولة تحجيم الكفاح الديمقراطي بهدف منع القوى الديمقراطية من التأثير الاجتماعي على السلطة الوطنية وبناءها بما يتناسب والحركة العامة للتطور الاقتصادي الاجتماعي 

و– تشجيع الحروب الاهلية

تسعى الرأسمالية المعولمة الى تشجيع الحروب الاهلية ومساندة القوى الطفلية – البرجوازية الكمبورادورية- الشرائح المالية الربوية- بهدف تحجيم كفاح الأحزاب الديمقراطية واعتماد سياسة الالحاق للطبقات الهامشية.

ز– التدخل في الشؤون الداخلية

تعمل الرأسمالية المعولمة على مساندة القوى الهامشية ومعاقبتها القوى الديمقراطية المطالبة ببناء دولة مستقلة مناهضة للتبعية والتهميش.

 -- ان الموضوعات الفكرية – السياسية الملازمة لتطور أسلوب الإنتاج الرأسمالي أعاقة التضامن الدولي وسهلت اجتياح وباء كارونا لدول رأسمالية متطورة.

 - انطلاقاً من تلك الموضوعات تواجهنا حزمة من الأسئلة الشائكة منها -- هل تبقى العلاقات الدولية أسيرة وصفات الربح والضم والالحاق التي تفرضها قوانين أسلوب الإنتاج الرأسمالي المعولمة؟ --وهل يبقى عالمنا المعاصر مشدوداً لجشع الرأسمال الكسموبولوتي ام اننا إزاء عالم جديد في طور التكوين وعلاقات دولية مسؤولة عن مصير الشعوب ومستقبلها الاجتماعي؟.

اعتمادا على بنية البحث الفكرية وأسئلته الشائكة يمكننا صياغة الاستنتاج التالي-- لم يعد اسلوب الانتاج الرأسمالي قادراً على صيانة البشرية وامنها الاجتماعي—الاقتصادي الامر الذي يشترط بناء نظام عالمي جديد يستند الى علاقات إنسانية تضمن سلامة البشرية وامنها وتطور مستقبلها--.  

  ثالثاً- ملامح العلاقات الدولية الجديدة.

في خضم التطورات الدولية المتسارعة التي أحدثتها الجائحة الدولية وما نتج عنها من بوادر انهيارات اقتصادية -مالية - دولية تبرز أهمية تعاون الاسرة الدولية الهادف الى بناء علاقات دولية جديدة قادرة على التصدي للازمات الاقتصادية والامراض العابرة للحدود الوطنية.

استناداً الى ذلك فان مواجهة مصاعب عصرنا تشترط بناء علاقات دولية جديد قادرة

على تحقيق المهام السياسية والاقتصادية التالية --

1-- بناء علاقات دولية تستند الى التضامن الإنساني والتعاون والسلام الدوليين.  

2–تطوير تعاون دول التشكيلة الرأسمالية العالمية على قاعدة العمل المشترك لإزالة الأخطار الناشئة من انتشار الأوبئة والكوارث الطبيعية.

3– الدفاع عن السلم والامن لشعوب الكرة الارضية ومنع النزاعات والحروب الاهلية بين القوى المتنازعة في التشكيلات الاجتماعية الوطنية.

4 – احترام خيارات تطور التشكيلات الاجتماعية الوطنية المستقلة ومساعدتها بحل النزاعات الوطنية والتخلي عن سياسة الانحياز لجانب أحد الأطراف المتنازعة.

 5 -عدم التدخل في اختيار الشعوب لطرق تنميتها الوطنية الهادفة الى تطور وحماية طبقات تشكيلتها الاجتماعية.

6–بناء علاقات دولية تستند على التعاون المشترك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وما يحمله ذلك من ضرورة التخلي عن نهوج التبعية والتهميش والالحاق.

 ان المسؤولية الأخلاقية لدى الدول الرأسمالية الكبرى تكمن في بناء عالم متكافئ بين الدول ومصالحها الوطنية مرتكز على التصدي لطبيعة المخاطر السياسية والاجتماعية والبيئية المواجهة لوحدة البشرية ومسار تطورها الأمن.

 

   

 

 

عرض مقالات: