شرع  الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم اواخر عام 1961 في تنظيم الحياة الحزبية على طريقته، و اخذت الأحزاب القائمة  بما فيها الحزب الشيوعي، تهيئ للتقدم بطلب اجازتها، الا ان الزعيم، استبق الحزب الشيوعي، فحرض شيوعيا كان ارتبط بالسلطة، هو المرحوم داود الصايغ، على التقدم بطلب اجازة باسم الحزب الشيوعي.

تقدم الحزب الشيوعي الأصلي، بطلب آخر، مستوف لكل الشروط، الا ان طلبه رفض بدعوى انه لا يجوز اجازة حزبين شيوعيين في وقت واحد! ( كان الزعيم اكثر لنينية من لنين، لكن بالمقلوب! فاذا كان هناك حزبان شيوعيان في بلد واحدـ فان احدهما لابد ان يكون انتهازي! تحريفي، او ما شاكل ذلك!

تقدم الحزب الشيوعي الأصلي بطلب اخرن باسم" اتحاد الشعب" فرفض طلبه بتدعوى تشابه برامجه و اهدافه مع الحزب الأصلي!( تاهت الحسبة! ياهو الأصلي و يا هو الجرك؟ حزورة و ما الها حل، الا عند الزعيم الراحل)

بات الامر واضحا لكل ذي عينين او عين واحدة، او حتى بلا!

بدأت عملية شرشحة حزب الصايغ،( كنت احد شهودها) انطلاقا من مقر صحيفة "اتحاد الشعب"، بقيادة الشهيد سلام عادل و مشاركة الشهيد طالب عبد الجبار. توافد شيوعيون ،من منظمات مختلفة، على الجريدة، كانو ا يمضون بعض الوقت مع الشهيدين ثم يغادرون، لتظهر اسماؤهم في اليوم التالي، في صحيفة "المبدأ"، صحيفة الصايغ، كاعضاء في الهيئة المؤسسة لحزب الصايغ! كثير ما هوجم هؤلاء" المدسوسون" او قاطعهم اصدقاؤهم، بحيث اضطر بعضهم الى ترك محلات سكناهم، او التقدم بطلب اجازة من العمل...

لكنه ما ان حان موعد بت طلب الصايغ حتى كان" المدسوسون" ينسحبون من هيئة الصايغ، فيجري العمل لتركيب هيئة جديدة، بالطريقة نفسها ثم تتفلش بذات الطريقة! و هكذا دواليك...

تشرشح الحزب الشيوعي لصاحبه الخ... بما فيه الكفاية، بحيث بات نكتة و مسخرة، فقرر الحزب الأحتفاظ بالهيئة الأخيرة، عملا بمبدأ( يجي حبك للطاحون) اي ياتي الوقت المناسب للأستفادة من الأجازة  والقطعة و المقر.

لا ادري كيف كان اعضاء قيادة حزب الصايغ يحبسون ضحكتهم، حتى ابتسامتهم عندما ينعقد اجتماع الهيئة بقيادة القائد المؤسس. الكل كان يعلم، حتى القائد و"صاحبه". كانت مسرحية كوميدية من طراز رفيع، كل يمثل على الكل، كل يضحك على الكل( اين كان شكسبير، او غوغول؟)

كان لا بد من نهاية للمسرحية، توقف صاحب الدكان عن الدفع. بعد ان ادى المؤسس دوره: اي حرمان الحزب الاصلي من الأجازة.

هرع الصانع الى الحزب.  سلمه كل شيئ، لقاء ان يستلم الجعالة الشهرية.

كانت هيئة تحرير المبدأ، الظل، تعمل من مكتب مجلة 14 تموز( لم تكن بعيدة عن مقر الحزب العلني مما سهل التواصل) كانت تتكون  من بديع عمر نظمي و مني و من مجيد الراضي، ان لم تخن الذاكرة، برئاسة الشهيد عدنان البراك. كان الحزب يدفع، اضافة الى راتب الصايغ، اجور العاملين ، ايجار المقر، تكاليف اصدار" المبدأ" كل شيئ تقريبا عدا مرتب الحارس( كان موظفا في الأمن تدفع دائرته مرتبه. توزيع دقيق للعمل، لا ادري اذا كان متفقا عليه!)

في ذلك المعمعان كتبت خاطرة" هذا حزبك قرش قلب!"

كنت احرر في صحيفة "اتحاد الشعب" اضافة الى صفحة" حياة العمال" عمودا ساخرا على الأغلب بعنوان" حكايات حمدان". حمدان هذا كان شخصية افتراضية( بلغة اليوم)، عامل نسيج بسيط ، طيب، محب للحزب. سالني: استاذ الا حزبين؟ ما يكفيكم حزب واحد، حاسبا ان حزب الصايغ حزبنا ايضا.

سالته: انت شسمك؟" رد متعجبا: حمدان ابن فلان ابن علان. قابل ما تعرفني؟" اجبته: اعرفك و كل الطرف يعرفك، آدمي، يخاف الله من صدك، وما عنده فاينه، تقبل يجي واحد ساختجي و يكول أني حمدان الصدك؟" نفرت عروق الغضب من جبين حمدان رد: تخسه! ولله املص ركَبته!" اوضحت: هذي قصة حزب الصايغ، يندعي هوه الحزب الشيوعي الصدك و احنه هيج، حشاك، جرك!"

صفن حمدان( في الخاطرة) لف سيكارة. حك نقرته، قال: استاذ، بروح ابوك ما تكتب عن لساني للصايغ و تكله: حمدان يكول: هذا حزبك قرش قلب!"

رباط السالفة يا مدنيي تالي وكت، يا مدنيي الصدفة القاهرة، العاهرة.: ما يفيد! شمتجطون بودرة و حمرة و ريحة مدنية مال بلاد، مايفيد! ريحتكم الأصلية تعط، منا لذاك الصوب! انتو نفس العاهرة الشمطاء مهما تسترتو و تحمرتو وتبودرتو

الناس جربتكم و عرفتكم، من جوعها، من مصايبها اللي انتو سببها، من الكهرباء، للزبل المالي الشوارع و الأزقة، لسبايكر،، لصفقات الاسلحة المشبوهة الى... الى... الله اكبر!

 

جاء في الامثال:

من جرب المجرب... كان عقله مخرب!

 

بغداد  8   4    2018

قرش قلب، تعبير بغدادي لعل اصله تركي كناية عن القرش غير الأصلي، اي قرش تنك، بينما كان القرش الأصلي من نحاس او فضة

عرض مقالات: