تمظهرت الازمة العراقية مؤخراً بأبعاد ثلاثة، متجسدة بأزمة سياسية متواجهة مع ثورة غضب شعب عارمة. مضافاً اليها ازمة اقتصادية متلاحقة بنهب منظم، وازمة صحية في اوج مخاطرها، وتكاد تكون بلا معالجات مناسبة. ان ثلاثية الكارثة هذه جعلت ما تبقى من الكيان العراقي اسماً بلا جسم. وحيال ذلك لم يتبق سوى التعويل على اجراء الانتخابات العاجلة على ان يسبقها اختيار رئيساً للوزراء لكي تعالج اوضاع البلد المتهالكة وفقاً للسياقات الدستورية. ونتساءل : اذا ما كان هذا الخراب افرازاً للازمة السياسية بمفردها، والتي عجز المتسلطون عن وجود متنفس لحلها. فما بالكم مع ازمتين مضافتين اشد مضاضة من سابقاتها ؟.
ان الطغمة الحاكمة تعيش في نشوة " نعيم " السحت الحرام المنهوب. ولا يعنيها باي شكل ما يعتمل في الشارع الثائر، حيث تسارعت، متجاهلة اوجاع المواطنين وخراب البلد. لتجتمع وتحوّل اختيار المكلف من الصف الثاني من شخوصها. ليس لكونها معدومة استيعاب التنازل، حتى من احد شيوخها للاخر،وانما تدرك تماماً عدم مقبوليتها لدى الشعب العراق ايضاَ. ان هذا السيناريو،اعتمد عملاً بتوجيهات المبعوث الايراني " شمخاني " لغرض تداول اسماء اكثر من خمسة عشر مرشحاً. فلا يبتعد الرهط المتقدم لمنصب رئيس الوزراء عن نهج المحاصصة السائد، ولم يختلف أحد من الصف الثاني بشيء عن الذين سبقوه من الصف الاول وفشلوا بامتياز. ولا يمكن لهؤلاء ان يحسبوا بغير كونهم حصصا تابعين لذات الكتل الفاسدة. مشاركون في سباق مضمار التنافس للحصول على الحصة الاكبر اي المركز الاول في الحكومة.
وحينما تحسب وفق قاعدة المعادلة التي ارستها ثورة تشرين فيما يتعلق بمواصفات المكلف للرئاسة. فلا يبدو بين هؤلاء المرشحين من سيحظى بقبول الجماهير الثائرة. لكونهم يفتقدون للمعايير التي تبناها الشارع المنتفض. ويمكن ايضاً الجزم بان اي من المرشحين الذين اعلنت اسماؤهم سيكون قادراً على معالجة ابسط العقد الضاربة اطنابها في حياة الناس والوطن منذ سبعة عشر عاماً عجاف مضت. بسبب ان مهمة هؤلاء لن تتعدى تكريس هيمنة كتلهم ليس الا.
ولو افترضنا جدلاً بان احدهم استوزر فلا يتعدى مداه الوقت الذي قضاه سلفه عبد المهدي. الذي سقط على كافة الابعاد مجلجلاً بالفشل ومداناً بالجرائم المريعة التي ارتكبها بحق الشباب الثائر. زد على ذلك تكريسه للفساد وضياع هيبة الدولة. وبالمناسبة ان من يتزاحم بالمناكب بل وحتى باخامص البنادق على التمسك بعتلات السلطة . يبدو غير مدرك الى الان حقيقة الثورة ومفاعيلها اللاحقة وعدالة قوانينها عند انتصارها الذي تلوح افقه جلية واعدة. انهم لم ولن يتعضوا بمصائر اسلافهم الحكام الدكتاتوريين . والتاريخ خير شاهد.