من يراجع تاريخ شعبنا العراقي يجده زاخراً بالفعاليات الاحتجاجية الرافضة لسياسات السلطات المختلفة القائمة على القهر والتجويع والحرمان وكبت الحريات والحرمان ومظاهر القمع المتنوعة. وفي أحلك الظروف التي مر بها بلدنا، نجد ان مواقف الرفض حاضرة باشكال مختلفة. واتذكر مثلاً ان أخي الاكبر كان يمزق صور الدكتاتور صدام التي تتصدر كل كتب المنهج الدراسي ويحرقها في بداية كل عام دراسي. وفي ارشيفات التاريخ نجد ان الحكومات المتعاقبة حاولت بطرق ملتوية مختلفة، وبعضها بعد التغيير خصوصا، ان تبتكر طرقا جديدة لطرح حزم اصلاح غايتها امتصاص غضب الشعب العراقي، لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ في كل الاحوال.
وبمراجعة لارشيف جريدة "طريق الشعب" مثلا منذ عام 2011 وصولاً الى عام 2018، ومقارنة ارشيفها لشهر تشرين الاول الجاري به، نجد عناوين ومانشيتات متشابهة تتكرر عند كل فعالية احتجاجية شعبية رافضة لمنهج المحاصصة والفساد. فقد كان يقال دائما على لسان المسؤولين، ان اصلاحات ستنفذ وان مسؤولين كباراً سوف يواجهون العدالة بتهم الفساد. كذلك أن الاقتصاد سيتطور، وسيجري استغلال الموارد غير النفطية، وسيتم احترام حرية التعبير، والتوجه نحو تشريع قوانين تحسن حياة المواطنين، وستسعى الحكومة الى تطوير قطاعات الصحة والتعليم، وان المحافظات كافة ستقوم بحملات اعمار واسعة للبنى التحتية.
الا ان الارشيفات نفسها ستبين لنا، اننا كنا اقرب الى من في حلم طالماً تمنى ان يتحقق، لكنه لن يتحقق في ظل سلطات تمتهن المراوغة والخداع لادامة وجودها، وسرقة المزيد من قوت الشعب.
في الوقت ذاته تعيش قوى المحاصصة والفساد كابوسا يرعبها اسمه " انتفاضة تشرين"، الانتفاضة التي طرحت جملة من المطالب الحقة في العيش الكريم والغدِ المشرق، وهو ما لن يتحقق الا في ظل حكومة جديدة، قادرة على مسك زمام الامور وفق برنامج اصلاحي متكامل، والشروع بحملة واسعة لتحقيق المطالب المشروعة، والمباشرة فورا باجراءات لتغيير المنظومة الانتخابية واصلاحها. وعندها يكون الشعب مسؤولاً عن تحقيق حلمه في حزمة اصلاح حقيقي، عبر الاتيان بكتل سياسية لم تتلطخ أياديها بدماء الشباب واموال العراق.

عرض مقالات: