" بإسم الدين باكونا الحرامية " كان الشعار الذي رفعته الإحتجاجات السلمية التي عمّت البلاد عام 2015 و ووجهت بالرصاص الحي و بانواع القمع الذي سقط جرّائه العشرات شهداءً و المئات جرحى .  . الشعار الذي غطىّ على كل الشعارات آنذاك و هزّ المنطقة، بدعوته الى إدانة الكتل الحاكمة المتخذة من الدين و الطائفة ستاراً لنهب البلاد الغنية بثروات الشعب و اهماله، حتى تدهور حاله اليوم اكثر و اكثر، الشعب الذي رغم انواع معاناته، كان اميناً بعدئذٍ على حماية البلاد بالسلاح في محاربة و إسقاط (دولة) داعش الإجرامية و قدّم آيات البطولات و التضحيات، داعش التي احتلّت ثلث مساحة الوطن لإهمال و عدم كفائة حاكميه، الذين هم ذاتهم اليوم، و الذين لم يُحاسبوا لحد الآن رغم قرارات اللجنة البرلمانية المختصة بالتحقيق حينها بمحاسبتهم، منهم كبيرهم الى الآن .  .

كبيرهم الذي عبّر حينها بأن (الشعب لايحبنا)، و الذي اصرّ رغم ذلك على كلمته بـ (اننا مستحيل نعطيها) و يقصد السلطة .  . بل استمرّ على وجهته لقيام (دولة اسلاموية شيعية ) تابعة للجوار على رأس التحالف الإسلاموي الحاكم الذي كان يعجّ بالخلافات، بأنواع الخروقات و الخروج عن الدستور الذي بدأ يُعلّق على الرّف.

لقد خففت جماهير واسعة من شعارها ذاك، أملاً بأن المعارضة في التحالف الحاكم و وعودها كان من الممكن ان تلعب دوراً في الإصلاح و تسير على نهج الدستور .  . و استمرت في حركاتها الشعبية رافعة شعارات مطلبية بتوفير الاستحقاقات اليومية للحياة، في الخبز و الكهرباء و الماء و الحرية و العمل .  . و التي ووجهت بعنف اشدّ من السابق و كانت قمة الصدامات تلك في البصرة و محافظات الجنوب صيف 2018 المطالبة بالكهرباء و الماء الصالح للاستهلاك البشري.

و اليوم و اثر انتفاضة تشرين البطولية التي ابتدأت بشعارات مطلبية، ووجهت بشكل مفاجئ بأنواع القناصين و بقنابل الغاز الحربية الممنوعة دولياً التي ادّت الى سقوط عشرات الشهداء و الجرحى و المعوقين يوميّاً، ادّعت الحكومة بانها لاتعرفهم و اطلقت عليهم (الطرف الثالث) و كأن هذا الطرف هو الحاكم المخفي، حاكم الدولة العميقة السائرة نحو اعلان العراق دولة اسلاموية كما مرّ، التي وصلت الى تجميع اطرافها لمعاودة الهجوم بقيادة حزب الله اللبناني (الكوثراني) كما تتناقل وكالات الانباء في مقدمتهم رويترز . . بلا ادراك لتطور المجتمع العراقي الذي ايقظته انتفاضة تشرين السلمية، و بشعارات رُفعت منذ عقود و لم تأتِ بجديد و انما كانت و لاتزال ستاراً لدكتاتوريات متعاقبة.

في مواجهة الشعب السلمي الاعزل بكل مكوّناته، بنسائه و رجاله و كل اطياف اعماره، بمتظاهريه و ثوّاره الذين يسجّلون يومياً انتصارات جديدة على صعيد الفكر و الممارسة اليومية و تصعيد و بلورة شعارات طريق التغيير، بقوة صمودهم و تضحياتهم اللامحدودة التي اعادت شعار " بإسم الدين باكونا الحرامية " الى المقدّمة بعد انواع القتل و المطاردات و الاختطافات التي وصلت اضافة الى الشهيدات الباسلات على ايديهم في ظلام اقبيتهم  .  . وصلت الى ضرب و تقييد الشابات الجريئات، بل و الى طعنهن بالسكاكين علناً في رابعة النهار بتهم (عدم التستر بالحجاب) ؟؟

و بالدعوة علناً الى تقسيم الانتفاضة و محاولة بائسة لشقها الى : انتفاضة رجال و انتفاضة نساء، بعد فشلهم المريع في ايقاف الإنتفاضة او شقّها بانواع العنف و الترهيب، و في قمة الإدعاءات الفارغة بالتدين و التستر، لأكثر ابناء و بنات الشعب طهراً و وفاءً لشعبهم .  . تهم يسوقها الحرامية و الزناة كما يعرفهم الناس و تدلّ اعمالهم الدنيئة عليهم.

في وقت تزداد فيه الإنتفاضة اصراراً على مطالبها و توضيحها و طرق تحقيقها و تعلن عن مليونية نسائية انطلقت امس في ساحة التحرير و ساحات المحافظات الثائرة هاتفة " هايه بناتك ياوطن هايه // ضحّت بدمهه و رفعت الرايه " و " لا ايران و لا امريكا " التي زادت انتفاضة الشعب توهجاً و بطولة و اقداماً !

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

14 / 2 / 2020 ، مهند البراك

      

عرض مقالات: