تعيش الدولة العراقية ازدواجية في وظيفتها الدفاعية وما تشترطه تلك الازدواجية من تشابك المهام الأمنية والدفاعية للدولة العراقية ناهيك عن تداخل وظائفها الإدارية -السياسية.

لغرض متابعة هذه الإشكالية وتداخل المهام الأمنية -العسكرية أحاول التوقف عند التغيرات الجديدة في البنية العسكرية للدولة العراقية واثار ذلك عن استقرار بنيتها الدفاعية آملين مناقشتها عبر المحاور التالية -

اولاً -الدولة الوطنية ومؤسساتها العسكرية.

ثانيا– التشكيلة الاجتماعية وبنيتها الطائفية.

ثالثاً - الطائفية السياسية وبنيتها الطبقية.

استنادا الى تلك العدة المنهجية ومحاورها المفترضة أحاول التوقف عند مضامينها بشكل مكثف.

اولاً -الدولة الوطنية وبنيتها العسكرية.

-- كانت المؤسسة العسكرية ولازالت جهازاً أساسيا من أجهزة الدولة الوطنية ويسبب موقعها الأساسي في بناء الدولة الوطنية وتغيرات تشكيلتها الاجتماعية  لعبت المؤسسة العسكرية أدوار مختلفة في النزاعات الداخلية الوطنية وضد الهيمنة الخارجية وبهذا الإطار ساندت المؤسسة العسكرية انتفاضات شعوبها الوطنية ووقفت مع مطالبها الوطنية المشروعة المتمثلة في الاستقلال والتنمية الاقتصادية المستقلة واستناداً الى تلك المواقف المشروعة قاد الجيش ثورات وطنية ساهمت بشكل أساسي في إعادة بناء الدولة الوطنية بعد استقلالها عن السيطرة الخارجية.

-- وانطلاقاً من المهام الوطنية للثورات الاجتماعية   لعبت المؤسسة العسكرية أدورا مختلفة في التحولات الاجتماعية حيث ساهمت في تطوير الاقتصاد الوطني وفروعه الأساسية بسبب قيادتها للسلطة السياسية وسيطرتها على قطاع الدولة الاقتصادي.

-- انطلاقاً من وظائفها الدفاعية وتسلسل بناء مراتبها القيادية اتسمت المؤسسة العسكرية بالروح الانضباطية والآمرية في سلوكها المهني.

– عملت المؤسسة العسكرية بعد انقلابها الثوري في العديد من البلدان على بناء أنظمة عسكرية - ديكتاتورية معللة سياستها المناهضة للديمقراطية بصيانة الاستقلال وصيانة الدولة الوطنية.

- النظم السياسية الديكتاتورية التي أقامتها الجيوش الوطنية في كثرة من البلدان لم تستطع بناء شرعية ديمقراطية للحكم بل اعتمدت على أساليب الاضطهاد والروح التسلطية في سياستها الوطنية.

- بسبب نهوجها الديكتاتورية وزعامتها العسكرية الفردية عرضت المؤسسة العسكرية بلدانها للغزو والعدوان الخارجي وما نتج عن ذلك من ضياع سيادة بلادها الوطنية ومكتسباتها الاقتصادية والاجتماعية.

-- بسبب الغزوات العسكرية الخارجية والنزاعات الاهلية السياسية تعرضت الجيوش الوطنية العسكرية الى الضعف والتبعثر وما نتج عن ذلك من انهيار الوظائف الدفاعية للمؤسسة العسكرية.

-  ان حل المؤسسة العسكرية العراقية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار وظائفها الدفاعية لم يكن بمعزل عن سيادة الروح الديكتاتورية للنظام الإرهابي السابق الذي فرط بدولته الوطنية وعرض بلاده الى المجاعة والعدوان.

 ثانيا – التشكيلة الاجتماعية العراقية وبنيتها الطائفية.

- أدى انهيار الدولة العراقية وحل مؤسستها العسكرية الى تبعثر قواها المسلحة وما نتج عن ذلك من نشوء فراغ أمني في البلاد بعد الاحتلال الأمريكي.

-- الفراغ الأمني الذي عاشته الدولة العراقية بعد الاحتلال الأمريكي افضى الى انبثاق فصائل عسكرية تابعة للأحزاب السياسية الطائفية بهدف الحفاظ على مواقعها الجديدة السياسية في الدولة الوطنية.

- تداخل القوى المسلحة الحزبية والمؤسسة العسكرية الجديدة جاء رداً على توسع النزعة الارهابية المعتمدة على اقسام من شبكة الكوادر العسكرية للمؤسسة العسكرية المنهارة.

-- تشابك متطلبات المهام الدفاعية للدولة العراقية بين الجيش والفصائل المسلحة تداخلت فيها الروح الوطنية والطائفية السياسية وما نتج عن ذلك من تنامي روح عسكرية طائفية.

- مشاركة الفصائل الطائفية المسلحة مع المؤسسة العسكرية في مكافحة الإرهاب ساهمت بشكل كبير في هزيمة القوى الإرهابية وحملت ميلا بتحجيم المؤسسة العسكرية واستبدالها بفصائل طائفية مسلحة تابعة للأحزاب الطائفية.

- مخاطر تفكيك المؤسسة العسكرية واستبدالها بفصائل عسكرية طائفية تفضي الى تفتيت الدولة وتقاسمها بين أقاليم طائفية وما ينتج عن ذلك التقسيم من ضياع للدولة وسيادتها الوطنية.  

-- المخاطر المشار اليها تؤدي الى تفكيك الدولة العراقية وتوزيعها الى أقاليم متناحرة تفتقد الوحدة السياسية والاستقرار السياسي – الاجتماعي وتفتح الأبواب امام الحروب الطائفية والتدخلات الدولية.

-- تفكك البلاد وتوزيعها على أقاليم طائفية يقود الى انهيار التشكيلة الاجتماعية العراقية ونهوض المؤسسات القبلية والروح العشائرية فضلا عن تكاثر التدخلات الدولية في شؤون الأقاليم الطائفية.

ثالثاً - الطائفية السياسية وبنيتها الطبقية.

قبل الخوض في نهوج الطائفية السياسية وبنيتها الطبقية يتحتم علينا تأكيد بعض الموضوعات الناظمة لمضامين بنية الطائفة السياسية أهمها –

-- تتشابك في الطائفية السياسية مصالح طبقات التشكيلة الاجتماعية العراقية وتجليات تناقضاتها السياسية – الاجتماعية.

-  تداخل وتشابك المصالح الطبقية المتناقضة في البنية الطائفية تقود الى النزاعات السياسية الاجتماعية وتفضي الى تفكك البنية الطائفية.

-- النزاعات الطبقية في البنية الطائفية ترتكز على تناقض المصالح الطبقية للتشكيلة الاجتماعية وركود القوى الطبقية القائدة للطائفة السياسية المتمثلة بالطبقة الكمبورادورية والشرائح المالية الربوية.

- هشاشة البنية الطائفية وتناقض مصالح طبقاتها الاجتماعية القائدة مع الداخل الوطني يقود البرجوازية الكمبورادورية الى التحالف مع قوى الرأسمالية المعولمة والجوار الإقليمي الطائفي.

-- اقتسام الدولة الوطنية بين الأقاليم الطائفية يفتح الابواب امام النزاعات الاجتماعية المنبثقة من تناقض المصالح الاجتماعية في البنية الطائفية ناهيك عن النزاعات بين الأقاليم الطائفية المبنية على اختلاف المذاهب الفقهية.

- تجر المخاطر السياسية والاجتماعية التي تحملها الطائفية السياسية البلاد الى احتراب قواها الاجتماعية الوطنية فضلا عن النزاعات الإقليمية.

ان النزاعات السياسية – الاجتماعية التي تحملها الطائفية السياسية يمكن تلافي نتائجها الكارثية عبر بناء دولة وطنية ديمقراطية تستند الى الركائز البرنامجية التالية –

أولاً-- بناء النظام السياسي للدولة العراقية المعتمدة - على القوانين والأعراف الضامنة لمصالح البلاد الوطنية.

ثانياً-- ارتكاز الشرعية الديمقراطية على الشرعية الانتخابية بهدف موازنة المصالح السياسية للطبقات الفاعلة في تشكيلة العراق الاجتماعية.

ثالثاً- - إقامة علاقات تعاون بين الطبقات الاجتماعية في تشكيلة العراق السياسية بعيدة عن الاقصاء والابعاد والإرهاب.

رابعاً-- بناء علاقات وطنية دولية – إقليمية على قاعدة احترام المصالح الوطنية المتبادلة.

خامساً--استناد العلاقات الوطنية - الدولية على احترام المصالح الوطنية المتوازنة ومكافحة روح التدخل في الشؤون الداخلية.

ان الدالات الفكرية – السياسية لابد لها ان تكون مرشدا لصيانة البلاد ووحدتها السياسية المستندة على صيانة المصالح الوطنية والدولية المنبثقة من القوانين الدولية.

 

 

عرض مقالات: