ظهر علينا كعادته رئيس الوزراء المستقيل منتهي الصلاحيَّة بتأريخ 2020.01.28 وهو يدير إجتماعاً مع وزرائه الفاقدين للصلاحية الذين إرتهنوا للعصابات المنفلته التي صارت تتحكم بهم وتحبس أنفاسهم متى تشاء، وكأن شيئاً لم يكن، وكأن بحر الدم قد جفَّ، وكان البلاد في برد وسلام. يتباكى ويتكلم بصوت مرتجف ويحاول بإسلوب مخادع وبكذب مكشوف إقناع وزرائه الصامتين الصاغرين وكأنهم مجموعة من البلهاء على ما يسمعون من هراء وسخافات وهذيان أطفال وهم لا حول ولا قوَّة لهم ولا يشغل بالهم كلام سيادة رئيسهم بقدر ما يشغلهم المصير الذي سيؤلوا إليه نتيجة إهمالهم لمصالح البلاد والعباد وتكالبهم على السلب والنهب والصفقات والصمت على الإيغال في قتل المتظاهرين وسفك الدماء دون إتخاذ التدابير اللازمة أو معاقبة ومحاكمة القتلة.
يتكلم وهو يكيل الإتهامات إلى المتظاهرين ويلقي اللوم عليهم لآنهم تسببوا في غلق المدارس ولآنهم تسببوا في قطع الطرقات وتسببوا في تعطيل الحياة وغلق مؤسسات الدولة ووووووو .....الخ. ويؤكد بأنَّ واجب الدولة هو الدفاع عن حقوق المواطنين والإستماع إلى شكاواهم وتلبية مطاليبهم ويدلي بنصحه وإرشاداته الأبويَّة والأخويَّة والإنسانيَّة النبيلة.
ولكن نسى أو يتناسى سعادة السيد رئيس الوزراء المحترم أن يتداول مع وزرائه المحترمين الذين إختارهم بعناية فائقة لإرضاء أسياده المتنفذين من أحزاب الفساد المجرمة ومنظمات المليشيات القذرة الذين جاءوا به إلى هذا الموقع الذي لا يزال متمسكاً به رغم تقديمه الإسقالة لإرضاء أسياده من جهة والإستمرار بتمشية صفقاتهم وتمرير دنائاتهم ولخوفه من عصاباتهم المنفلته من جانب آخر، لم يذكر لوزرائه الأسباب التي دفعت بهذه الحشود إلى اللجوء لهذه الطرق ولهذه الأساليب ولم يذكر لهم الكيفية التي يجب اللجوء إليها لمعالجة المطاليب المشروعة التي دفعت المتظاهرين إلى النزول إلى الشارع وهم يرفضون كل هذه الأحزاب الفاشلة والميليشات المنفلته التي إستهترت وعبثت بحقون الناس إشباعاً لرغباتهم الشخصيَّة وتنفيذاً لأوامر أسيادهم.
نسي أن يخبرهم بأنَّ مدارس العراق أصبحت أكواخا وخرائب حزينة بائسة أشبه بزرائب الحيوانات لا تتوفر فيها أبسط الوسائل التعليميَّة وتفتقد لأبسط المؤهلات التربويَّة ناهيك عن الإنحطاط العلمي الذي آل إليه الكادر الفني والتعليمي لغياب رعاية الدولة. كما أنه تعمد أن لا يخبر وزرائه، ولو أنهم بواقع الحال عارفين، بأن هذه الشبيبة التي إفترشت الساحات والطرقات لم تفترشها عبثاً ولا لهواً بل إنها إفترشتها مطالبة بحقوقها المهظومة وهي تبحث عن فرص للعمل ومصدر للرزق وعن مأوى لها ناهيك عن توفير الخدمات العامة التي صار المواطن العراقي يفتقد إليها وهي خدمات ضروريَّة وأساسيَّة توفرها حتى الدول الفقيرة لمواطنيها فكيف في بلد مثل العراق يفيض بالخيرات والثروات. نسي أن يخبرهم أن سبب ذلك كله هو جرائم الفساد التي إعتمدها أسياده من قادة الأحزاب السياسيَّة الفاشلة ومرتزقتهم طيلة السنين السابقة حيث سلبوا المال العام وإعتبروا ميزانيَّة البلاد وثرواته ملكاً لهم ولأقزامهم، وإعتبروا البلاد ضيعة لهم يصولون ويجولون فيها على أهوائهم. هكذا عملوا وهكذا تصرفوا في كافة مرافق الدولة ومؤسساتها ولأنهم أهملوا الشعب وداروا ظهورهم إليه إنقلب عليهم وثار ضدهم ليكشف أمام العالم إستهتارهم وليعيد الحقوق المهضومة إلى أصحابها، فالعراق للجميع وليس لشلل الفاسدين والقتلة والمجرمين.