تجلى اصرار ملفت في رغبة " عبد المهدي " العودة لرئاسة مجلس الوزراء، ليس، من المستبعد ان تمت محاصرته من قبل القوى المتنفذة لقبوله العودة. مع انه يريدها باي حال، منطلق قطعاً انحيازه والتناغم مع رغبة اقليمية لها الباع الاطول في شؤون البلد الداخلية. غير ان الامر لم يعد عليه اي غبار وامسى جلياً اذ يشير الى ان السطوة الخارجية هي التي تفرض اجندتها على مصير العراقيين، وللاسف يتم التنفيذ بواسطة توابع عراقيين قد تكبلوا بالتزامات "ولائية " ليس بمقدورهم الميل عن سياقاتها. ومما لاشك فيه ان عصف اندفاع هذا المد قد جرف " عبد المهدي " لحد ارتكابه جرائم قتل جموع الشباب الثائرة، بدم بارد، تلبية واستجابة عمياء لاوامر اوليائه.
وبعد ان اصبح " عبد المهدي " مطلوباً وبذمته دم المئات من شباب الانتفاضة.. بمعنى انه سيكون ملاحقاً قضائياً شاء ام ابى. وعلى اثر ذلك قد افاق كما يبدو، حاسباً نفسه بلا ملاذ يحتمي به كي يقيه قصاص العدالة المحتم، من جراء افعاله الاجرامية، في نهاية مطافه العكر لم يكن امامه سوى ان يتماهى بالمطلق مع نهج واهداف القوى المتسلطة، مأسوراً لحاجته بحماية السلطة . محاولاً العودة لرئاسة الوزراء مثل الجاني الذي يحوم حول ضحيته، وليس في حدود الحوم، انما اخذ على عاتقه تصفية المنتفضين جسدياً، كما تشير تلك الاوامر التي كانت وما زالت تصدر من مكتبه، لتنفيذ عمليات الاغتيال ضد المعارضين الثوار، التي فضحها عدد من السياسيين العراقيين الذين على معرفة بتلاوينه واحابيله.
ومن المهم الالتفات الى اساليب التسيوق التي اخذ " عبد المهدي " يتبعها لاعادة تكليفه. فعلى صعيده الشخصي بدا يظهر وهو بزهو عال وتملء محياه ابتسامة مفتعلة، لا تفسير لها سوى يريد القول: انه غير مهتم لما قام به من جرائم وتخريب وتعظيم الفساد. وحتى وصل به الامر الى تقمص حالة شاب ذو حيوية ناصحة ووذلك بتصنع خطواته القصيرة السريعة على نمط " مشي القطا الى الغدير " وفي مجال السلطة راح يعيّن ويمنح حتى درجات خاصة للكتل المتنفذة. والاهم من كل ذلك قد اظهر اصراراً منقطع النظير في الدعوة لاخراج القوات الامريكية وهذه هو عربون عودته للحكم، مما اكسبه صفة لا يستحقها قطعاً، التي اطلقها عليه " هادي العامري " حيث قال { ان عبد المهدي طالما طالب باخراج القوات الامريكية فهو يستحق ان يطلق عليه صفة رجل المرحلة } . فاذا كان " عبد المهدي " رجل المرحلة اذن ان "سمة المرحلة " هي الكارثة الساحقة على الشعب العراقي . ولكن لا بد من قول اخير. ان كل ما اشير له في لجة المجاذبات السياسية ستسقط امام هتاف الثوار في الساحات { نريد وطن }.