لقد جَرَى نهر الدم في العراق وبكثافة منذ الأول من أكتوبر، يوم إندلاء التظاهرات الجبارة، ولا يزال يجري على أيدي القتلة السفاحين في العديد من مدن العراق وساحاته. قتلة يعرفهم المتنفذون كما تعرفهم أحزاب السلطة وأذنابها حق المعرفة وقد تستروا عليهم وقاموا بتسويف وتزوير الحقائق في تقريرهم الذي قدموه للشعب بخصوص المجازر التي إرتكبها القنّاصون بداية إندلاع الإنتفاضة وذلك بحكم نفوذ هذه القوى وهيمنتهم وسيطرتهم بل وإدارتهم المباشرة وغير المباشرة لدفة الأمور بجميع أركانها مستقوين بذلك بدعم مادي ومعنوي غير محدود وغير مسبوق من أسيادهم من خارج الحدود. وبالرغم من كل ذلك فإنَّ هذه السلطة تتحمل المسؤلية الكاملة على هذه المجازر الدموية التي إرتُكِبَت بحق المتظاهرين السلميين العزل المطالبين بحقوقهم المشروعة والذي لم ينقطع إرتكابها منذ ذلك التأريخ ولحد الساعة حيث يتساقط الشهداء يومياً وبأعداد مختلفة في مدن العراق وساحات ثوّاره وكما هم يفعلونها الآن في إقامة حَمّامات الدم في مختلف المدن مثل البصرة وكربلاء والنجف والديوانية ومدينة الناصرية المنكوبة التي قَدَّمت ولا تزال تقدم المئات من الشهداء والمعاقين والجرحى من أبنائها البررة.
لقد لجأت سلطة القتلة هذه إلى الخيار الأمني في القضاء على المظاهرات والمتظاهرين الذين صاروا يؤرقونهم ويهزون عروشوهم بدلاً من اللجوء إلى التفاهم معهم وتقديم الحلول اللازمة لتلبية حقوقهم. هذا ما أراده القادة الأمنيين، نعم أرادوها مواجهة حادة ومباشرة مع المتظاهرين وكأنهم أمام قوّات عسكرية غازية منظمة ومدججة بالسلاح متناسين بأنهم أمام أبناء وطنهم من الشباب العُزَّل بما تعنيه الكلمة، فقاموا بتكليف وزج أبناء القوات المسلحة من الجيش والشرطة وغيرها من الوحدات المسلحة بحجة حماية المتظاهرين والحفاظ على الآمن والنظام والوقوف بوجه المؤامرات التي تحاك ضد العراق وضد شعب العراق وغيرها من الأمور التي إختلقتها مخيلاتهم المريضة ودفعهم إلى مدن مختلفة بضمنها مدينة الناصرية دون إشعار الحكومة المحلية بذلك ودون إطلاع المسؤليين المحليين بالمهام التي تم إيكالها لهذه القوات وبشكل مخالف للقوانين النافذة، كما ورد ذلك بكتاب الإستقالة الذي قدمه محافظ ذي قار عادل عبد الحسين الدخيلي بتأريخ يوم إرتكاب المجازر ذاتها، أي بتأريخ 2019.11.28 على أثر هذه الأحداث الإجرامية. إلا أن أبناء القوات المسلحة هؤلاء وجدوا أنفسهم في مواجهة المتظاهرين وبفتح النيران على رؤوسهم وصدورهم وقتل العشرات من الشباب من إخوتهم وأبناء وطنهم ربما نتيجة لتوجيه الأوامر إليهم من قبل ضباط لا يعرفونهم أو ضبّاط الدمج الخاضعين لأوامر أسيادهم من أحزاب السلطة والمتنفذين في فصائل الميليشيات المذعورين المنفلتين والخارجين عن القانون، المتكالبين على قتل المتظاهرين خوفاً منهم وحرصاً على إستمرارهم في العبث الذي إعتادوا عليه. الإستمرار في الحل الأمني يعني المزيد من الدماء والشهداء والضحايا من الأبرياء، يعني إستمرار عجلة الموت والخراب والدمار في عموم العراق. المتظاهرون السلمييون هم ليسوا أعداء أو دخلاء أو مأجورين يتلقون الإشارات من بقايا البعث المقبور أو من أسياد مزعومين من خارج الحدود كما يحلوا لفرسان السياسة من المتسلطين على رقاب الناس في العراق تسميتهم والتشهير بهم. لا خيار ولا رجعة أمام هؤلاء الثوار إلا بكنس ما تراكم منذ 16 عاماً وجثم على صدور العراقيين من فاسدين وقتلة ومخادعين من تجار الدين. لقد جاوز السيل الزُبا وتحطمت كل الأقنعة، والمطلوب هو العدول الفوري عن الخيار الأمني وسحب القوات العسكرية من كافة مناطق تواجد الثوار حقناً لإراقة المزيد من الدماء. فلا يروي عطش الثوار وغليلهم غير رحيلكم أيها القتلة، غير إحقاق الحق وإنصاف المظلومين وتقديم القتلة إلى القصاص العادل. النصر كل النصر لثورة شبابنا وشعبنا المظفرة.
2019.11.28