دخلت الانتفاضة الشعبية السلمية شهرها الثاني قبل أيام في ظل حماس وإصرار واضحين من قبل المحتجين على تحقيق مطالبهم ومطالب الشعب العادلة وعدم الرجوع قبل ذلك عن التظاهر، ولا تزال حشود المنتفضين مرابطة في ساحة التحرير، بالإضافة الى وجود العديد من الخيم بأفرادها التي تقدم الدعم اللوجستي إليهم، ولا ننسى الفرق الطبية المنتشرة في عموم الساحة واطرافها.
البعض من المتظاهرين في الساحة حمل لافتات ساخرة فكاهية، تصدت لحالات القمع والترهيب ضدهم من قبل قوات مكافحة الشغب والتي تستخدم القنابل المسيلة للدموع والدخانية والصوتية، علاوة على التهكم على بعض الإجراءات الحكومة البطيئة.
أحدهم كتب على الـ "تك تك"، سقطت تفاحة من شجرة فعرف نيوتن قانون الجاذبية وسقط الكثير من المتظاهرين شهداء وجرحى فمتى تعرف الحكومة معنى الإنسانية".
اثنان رفعا لافتة " اكلة اريد وطن ينطيني عدس" والمعنى واضح هو التهكم على منحة رئيس الوزراء، في شهر رمضان الماضي، حيث قال أحدهم: تكرم رئيس الوزراء بتوزيع نصف كيلو عدس ضمن مفردات الحصة التموينية لكل مواطن عراقي، مضيفا، اية مهزلة هذه، بلد الثروات يمنحون لشعبه نصف كيلو عدس، والبعض منه كان عدسا عفنا "
تجولت في ساحة التحرير، فشاهدت متظاهرا رفع لافتة كتب عليها "تبديل رئيس وزراء باخر عبارة عن تبديل راس الباتري، احنة نريد انغير المحرك كله "، وقد اشار بانه ميكانيكي ويعرف اهمية تغيير المحرك بالنسبة للماكنة او السيارة.
سائق "تك تك" قال " احضر يوميا للساحة بسبب تعودي على دخان القنابل، ورفع لافته "هو شنو مسيل الدموع أصلا احنا متعودين على البجي"، مضيفا "نحن سلميون لكنهم حاقدون اذ يرمون علينا القنابل الدخانية"، وبلهجته العامية اختتم" احنا شعب قافل على القضية".
واصلت سيري في الساحة، فشاهدت طفلة حملت لافتة "اريد مروحة للصف متنه من الحر" ومتظاهرا حمل لافتة كتب عليها "ما تهزون شعرة من كفشتي".
في احد اركان الساحة وجدت اربعة شباب جلسوا على الرصيف وكانوا يلعبون لعبة بغدادية قديمة، دعوني للاقتراب وتصويرهم، فبادرني أحدهم قائلا" نحن في اجتماع مهم تحت جسر الجمهورية" ثم قال وبسخرية، حاليا لا ندلي بتصريحات إعلامية، يرجى الحديث مع المكتب الاعلامي رجاء"، حينها تعالت ضحكات الجميع.
متظاهر جلس قبالة مجموعة كبيرة من مخلفات القنابل، وقال : "كلها من صيد الفريق، الذي غالبيته لا تعرف القراءة والكتابة وانا اشطر واحد بينهم، خريج ابتدائية"، مضيفا إنه " لقد تعلمنا من القمع الموجه ضدنا، بان جعلونا خبراء عالميين بأنواع القنابل الدخانية والصوتية والمسيلة للدموع وبالفلفل وكلها تسبب الحساسية" واختتم قوله مبتسما "اليوم تلتقي بنا القنوات الفضائية والصحف المحلية والعالمية باعتبارنا خبراء".
متظاهرون بيدهم مكنسة وينظفون الساحة، ويزيحون علب كتب عليها الفساد والقتل والظلم والمحاصصة الطائفية.
وغيرهم الكثير من المتظاهرين السلميين، يُعجز وصف ما يقومون به، بكلمات، او لا يحسدهم على ثقتهم بالنفس وحبهم المتناهي لبلادهم ومدى انضباطهم العالي وحرصهم على سلمية التظاهر. حقاً لا تستطيع أية أجهزة قمعية او إعلامية مغرضة من تشويه الصورة الحقيقية الواقعية السلمية التي يبعثها المنتفضون الى مختلف بقاع وطنهم او سائر البلدان الأخرى.

عرض مقالات: