إنها إرادة الجماهير الحقيقية واصرارها بكنس كل الفاسدين وتصحيح الوضع السياسي العليل منذ بداية احتلال العراق حتى يومنا الراهن هذا، بعد أن فاض الكيل بالشعب العراقي، وبلغ السيل الزبى، وقد اداروا ظهورهم لمطالب الجماهير ولم يتركوا ولا لمسة رعاية لوطن مخرب، وطن تعرّض لشتى صنوف الإهمال والخراب والافعال الهمجية بعد ان اخضعوه لنظام محاصصة مقيت واشاعوا فسادا فريدا، من حيث نهب الثروات وتوزيع المال العام على ابواق أحزاب الإسلام السياسي المجرمة بعد ان استحوذت الرؤوس الكبيرة على حصة الأسد، ويعلم الله كم هي حصة الأسد هذه حتى اننا نتوصل بأرقام فلكية لحجم الفساد وتبييض الأموال، سيما في ملاذاتنا هنا في المهجر، حين يأتي اشخاص يفكرون بإقامة مشاريع استثمارية هنا في المغرب، كشراء الفنادق الفخمة مثلا، وعند استفسارنا عن مصدر الأموال هذه، لا نحصل الا على القليل من الإجابات عن هؤلاء المستثمرين، نصعق بحجم النهب الذي قاموا به وهم مجرد أدوات للرؤوس الكبيرة، سماسرة ومروجين لمن يخولهم بالقيام  بمثل هكذا مشاريع خطيرة.

        هذا غيض من فيض ما يتناهى لأسماعنا من حجم فساد مهول وتبييض أموال، لا تعد ولا تحصى. ناهيكم عما سببه نظام المحاصصة الرث بصعود جهلة وانصاف اميين واولاد شوارع وسواهم، بمجرد أنهم يقدمون خدماتهم القذرة كأبواق رخيصة، واذرع مليشياوية مستعدة للقتل بأبشع الطرق، وتشكيل مجاميع قتل واختطاف واغتصاب لا تردد في احراق الأخضر واليابس بما يؤمرون به، وكبارهم وقادتهم يختبئون كما الجرذان، ليتركوا تلك المخلوقات السافلة والمنحطة في تقويض كل محاولة للتغيير أو حتى لجم الأصوات التي تنادي لا بالتغيير في البدء، بل بتوفير ابسط حالات العدالة الاجتماعية، مما سبب بتوسيع الهوة بشكل مخيف بين الشعب المحروم والفاسدين، الذين تمادوا بشكل لا يمكن تصوره وعطلوا مجساتهم كلها، ناسين أو متناسين، بانهم تركوا الناس لأقدارهم ومصائرهم، ليعانوا الفقر والحرمان والبطالة والسكن غير اللائق وانعدام الخدمات بكل انواعها، حتى وصل الأمر بفلول الفساد أن يتركوا الأطفال بلا مدارس، او بمدارس طينية وأخرى لا تتوفر فيها ابسط شروط العمل التربوي، بالإضافة الى انعدام الخدمات الصحية واهمال البنية التحتية وغيرها من الوسائل المتعمدة لترك البلد في حالة من الخراب والإهمال، والناس في وضع مزري وفقر متقع لا وصف له.

     السؤال المحير هنا، هل ان هذه المخلوقات قد جاءت بتكليف من جهات غير معلومة بتدمير العراق والانتقام من شعبه؟ ونحن نعلم، واغلب الظن ان علمنا مشكوك فيه، بأنهم كانوا من المحرومين والملاحقين والمطاردين من النظام الصدامي، وبدأنا نشك في ذلك، ليأخذ الأمر مديات لا يمكن تصورها، بترك البلاد للفوضى والطائفية وتسيّد كتل منتفعة وفاسدة من شتى مكونات الشعب العراقي لنهب البلاد وترك العباد الى مصيرهم المتهالك. حتى وصلت النسبة التي تعيش تحت خط الفقر لأكثر من ثلث العراق.

     بودنا أن نقترب من هذه الفلول لنعرف منهم سبب كل هذا الإصرار والعناد في افقار العراق وتحويله الى بلد مخرب ومعدوم السيادة والسلطة على مقدراته، ليأتي في الترتيب ما قبل الأخير من حيث التصنيف الأممي في انعدام التطور والبناء؟

       ما الذي يدور في اذهانهم وعقولهم المتسخة وهم يزاوجون بين الديني والسياسي، ليتفرغوا من خلال هذا التوظيف النتن، تمرير مخططاتهم وافعالهم الخسيسة، دون ان يعوا بأن للعراقيين الأباة صبرا محدودا وأن البركان اذا ما بدأ أواره فسوف لن يوقف هيجانه، لا مليشياتهم المجرمة، ولا من بث في نفوسهم المريضة الاطمئنان، بأن الأمور قد آلت اليهم بشكل لا رجعة فيه، وكما قال احدهم ممن يعود اليه سبب الخراب خلال فترة حكمه الأهوج لثماني سنين متتالية، حين قال: "بعد ما ننطيها" وكأن العراق بات ملكا عضوضا له ولأترابه من المنحطين والفاسدين.

         وها نحن نعيش أياما من الزهو والفخر والمجابهة البطولية وقد جنّد الشباب العراقي طاقاتهم وجهودهم ورهنوا أعمارهم للموت والرصاص الهمجي والمفخخات الجبانة، بعد أن وصل الإصرار بالتغيير الجذري تماما وغير القابل للمساومة أو المهادنة وهم ينذرون دماءهم فداء للوطن بعد ان تيقنوا ان لا سبيل للخلاص من الخروج من النفق المظلم الا بالعصيان العام والتمرد الذي لا رجعة فيه لحين تحرير العراق من ساسته الفاسدين والخونة، الذين باعوا الوطن للأجنبي لقاء حمايتهم التي اثبتت الانتفاضة المباركة، انهم لم يعودوا بمأمن من الحساب المرير والعقاب الحتمي والمصير الذي بات قاب قوسين من نهاياتهم غير مأسوف عليهم وستلاحقهم اللعنات أينما حلوا وارتحلوا كمن سبقهم.

         والآن وبعد أن تحققت اسطورة الشعب الثائر لينحاز اليها كل العراقيين ويخرجوا عن بكرة ابيهم للإعلان عن الثورة العارمة التي سوف لن تقف الا بمعاقبة الفاسدين والناهبين للمال العام والخونة والقتلة والقنّاصين وكل من تلوثت يده بالدم العراقي الطاهر.

     ومن المفخرة حقا ونحن نستعيد تاريخ العراق الحافل بالشموخ والبطولات حين انتفض الشباب العراقي وبكل عزيمة وارادة، شابات وشباب، عوائل تصطحب حتى الاطفال الصغار والرضّع، مكونات جماهيرية حركتها النخوة العراقية، لتقديم الدعم المادي والمعنوي، شعب هب عن آخره للتعبير عن الغضب والاحتجاج والمطاولة، متحديا رصاص القتلة والمجرمين، والملفت حقا الطلاب بكل تخصصاتهم يقومون بتقديم الخدمات الطبية والعون للمصابين والجرحى، حتى وصل الأمر الى قيامهم بتزيين أماكن الاحتجاج بلمسات فنية رائعة اذهلت الجميع.

       ليبقى اللسان عاجزا عن وصف ما يجري من بطولات مذهلة من قبل الجميع دونما استثناء. فهناك من يواجه الرصاص بصدور عارية، ومن يقيم الاحتفالات، ومن يهيئ الطعام، ومن يجهز الخيم بمستلزمات الإقامة، ومن يوزع الحلوى، ومن... ومن... خلايا نحل في العمل والمجابهة والتحدي، ادهشت المجرمين.

     انها ملاحم بطولية نادرة، لا يفهم كنهها ومحتواها السفلة والفاسدون ومن باع ذمته وضميره لأعداء العراق.

     هنا نصل الى النهاية الحتمية التي ينبغي على دهاقنة السلطة والمنتفعين وكل من تلطخت يده بالفساد وبدماء العراقيين أن يعرفوها ويستوعبوا دروسها، أما بقي لكم من فتات عقول؟ ونحن نعرف انها رثة وفاسدة، أن تذعنوا للأمر الواقع وتنفذوا بجلودكم الجرباء، رغم اننا نشك في ذلك، لأنكم الآن على يقين بأن لهيب الثورة المباركة زاحف لجحوركم في الخضراء الكالحة، فقط من يريد ولو بشكل متأخر أن يكفّر عن ذنوبه وما اقترف من خطايا وآثام ليعلن توبته امام الشعب المنتفض والثائر، ولعل الحساب سيكون أخف اذا ما ارجعوا الأموال التي نهبها أو نهبتها تلك المخلوقات الرخيصة قيما واخلاقا وامانة ووطنية.

     العبرة بالنهاية لمن يعتبر ومن يفكر ولو بقليل من النباهة، لأنه لا يمكن لأي مخلوق عاقل أن يستمر بهذا النهج التخريبي وهو يعلم أن مصيره المحتوم لا محالة قاب قوسين من المحاسبة العسيرة.

    ترفقوا بأنفسكم وعوائلكم قبل فوات الأوان

فماذا تنتظرون...؟؟؟!!!

المجد والخلود لشهداء الانتفاضة المباركة.

والمعافاة للجرحى والمصابين.

والنصر المؤزر لمفخرتنا وعزوتنا ابطال الثورة الميمونة.

والموت والعار للفاسدين والقتلة وخونة الوطن والناس.

عرض مقالات: