تحاول الإدارة الأمريكية إرسال شحنات من المساعدات الإنسانية إلى فنزويلا لمساعدة الشعب الفنزويلي على تخطي الصعوبات المعيشية التي أثقلت كاهله ودفعت ملايين الفنزويليين مغادرة البلاد للعمل في بلدان أخرى بعد ان تدنت كثيرا رواتبهم نتيجة الحصار الإقتصادي المفروض على بلادهم والذي أدى إلى وصول التضخم المالي إلى أرقام خيالية .. وتأتي هذه (المساعدات) في ظروف سياسية معقدة وشائكة خاصة بعد أن اعلن السيد خوان غوايدو نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد بدلا من الرئيس الشرعي السيد مادورو، حيث ستنتهي رئاسة غوايدو المؤقتة يوم ٢٣ شباط. لذلك فالمعارضة تدفع باتجاه خلق ظروف ملائمة للتدخل الأمريكي مستغلين رفض حكومة ماديرو تلك المساعدات، وفي ظل حملات الضغط والإغراء التي تقوم بها إدارة ترامب على قادة الجيش الذين يدعمون السلطة الشرعية للبلاد. وعندما يتحدث ممثلو الإدارة الأمريكية وينتقدون حكومة مادورو ويحملوها مسؤولية المشاكل الإقتصادية والسياسية التي يواجهها البلد، فهم بذلك يحاولون منح المعارضة الفنزويلية فرصة القفز والإستيلاء على السلطة بإسناد، أو من خلال إيجاد ذريعة للتدخل العسكري الأمريكي. 

صحيح إن حكومات شافيز ومادورو لم توظف الأموال الطائلة من بيع النفط (فنزويلا أكبر دولة منتجة للنفط في العالم) من أجل التخلص من الإقتصاد الريعي وتحويل البلد إلى بلد صناعي عبر بناء المصانع الإنتاجية  والخدمية، مما فاقم من المصاعب التي نتجت عن تدني أسعار بيع النفط، إلى جانب العقوبات الإقتصادية الأمريكية والحصار المفروض عليها. كما أن المعارضة الفنزويلية تتحمل الكثير أيضا، خاصة وإنها قد ارتكبت جرائم القتل وعمليات الإغتيال والتخريب الإقتصادي بغية زعزعة النظام القائم، وتشجيع التدخلات الأجنبية في شؤون البلاد لصالحها.

وإذا أرادت الإدارة الأمريكية حقا مساعدة الشعب الفنزويلي تخطي صعوباته الإقتصادية، فإنه من الأفضل مساعدة الشعب الفنزويلي عبر الإفراج عن أموال الشركات المملوكة للدولة الفنزويلية في البنوك الأمريكية التي تبلغ قيمتها 11 مليار دولار (خصصتها الحكومة الفنزويلية لشراء الأدوية والمواد الغذائية والسلع الأساسية) أو أصول شركة النفط الحكومية الفنزويلية PDVSA بقيمة 7 مليارات دولار.

إن إجمالي الأضرار الناجمة عن العقوبات الأمريكية المفروضة على فنزويلا منذ عام 2013 بلغ 345 مليار دولار، علما أن هذه العقوبات غير قانونية والغرض منها خنق الاقتصاد الفنزويلي، وليس التخفيف من حالة المواطنين العاديين الصعبة في هذا البلد. وقد أصبح الهدف واضحا للإدارة الأمريكية ولكل اللاعبين الرئيسيين، من أن الولايات المتحدة تريد السيطرة على نفط فنزويلا والهيمنة على مقدرات البلد وبلدان أميركا الجنوبية، خاصة بعد تصريحات ترامب اليوم من أن الإشتراكية ستزول من أميركا الجنوبية، وخاصة من فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا. فمعنى هذا أن جعبة إدارة ترامب مليئة بالتدخلات العسكرية والإقتصادية في أميركا الجنوبية والعالم، هذا إن سمح له الديمقراطيون بالتمادي في سياسته المنافية للقانون الدولي.

 

عرض مقالات: