تمر الدولة العراقية باضطرابات سياسية عديدة الامر الذي افضى الى انعدام الامن في تشكيلتها الاجتماعية وتكمن مصادر انعدام الامن هذا بكثرة من الوقائع الاجتماعية –السياسية ولكننا نتوقف عند اهمها المتمثلة بالموضوعات التالية -

--اعتماد الليبرالية الاقتصادية في نهج الدولة الاقتصادي وما نتج عنها من زيادة البطالة وتراجع تطور الطبقات الاجتماعية الأساسية—البرجوازية الوطنية- الطبقة العاملة - في تشكيلة الدولة الاجتماعية.

-- تطور الفئات والطبقات الفرعية المنفلت واغتنائها اللامشروع على حساب تطور بنية الاقتصاد الوطني وما انتجه ذلك من فقر وبطالة وتهميش في صفوف الطبقات الاجتماعية والشرائح الاجتماعية الفقيرة.

-- سعي الطبقات الفرعية – البرجوازية الكمبورادورية والشرائح المالية الربوية وبعض شرائح البرجوازية الصغيرة في أجهزة الدولة الإدارية - الى بناء غطاء سياسي - سلطوي مناهض للتنمية الوطنية والاستقلال الوطني فضلا عن إعاقة التطور الاقتصادي للطبقات الأساسية في الدولة العراقية.

لتقدير شرعية الرؤى الفكرية -السياسية المشار اليها نتوقف عند الظواهر الاجتماعية -السياسية التالية --

-- انقسام التشكيلة الاجتماعية الوطنية الى طوائف سياسية وما أفرزه ذلك من تراجع مكانة الأحزاب السياسية فضلاً عن اعتمادها -الطوائف السياسية- اللغة العسكرية في برامجها الحزبية.

-- ازدواجية القوانين الوطنية والعشائرية في الدولة العراقية وما أنتجه ذلك من تزاوج قوانين المؤسسة العشائرية بتنظيمات الفئات الطائفية وانعكاس ذلك على حياة البلاد السياسية -

- انتشار التشكيلات العسكرية المسلحة التابعة للأحزاب الطائفية وما حمله ذلك من تراجع دور المؤسسة العسكرية في صيانة الامن الاجتماعي والسياسي للدولة العراقية.

- غياب السياسية الإدارية الموحدة للدولة العراقية بسبب تقاسم أجهزة الدولة الإدارية بين الأحزاب الطائفية.

-- تطور المواقع السياسية للطبقات الفرعية وسيادة الفساد الإداري ودوره في تعطل دور المؤسسات الرقابية.

- الموضوعات المشار اليها أفضت الى تهميش الدولة الوطنية وجعلها مؤسسة عاجزة عن توجيه تنميتها الوطنية وضبط نزاعات بنيتها الطبقية ناهيك عن تكاثر التدخلات الأجنبية في شؤونها الوطنية.

لتقدير ملموسية تلك النتائج السلبية في الدولة العراقية وتشكيلتها الاجتماعية نحاول دراستها عبر المحاور التالية –

- خراب الدولة الوطنية.

تتعرض التشكيلة الاجتماعية الى التراجع في بنائها الطبقي بسبب سيطرة الطبقات الفرعية على الحياة الاقتصادية وما افضى اليه من تهميش الطبقات الأساسية.

--تسعى الطبقات الفرعية الى الهيمنة السياسية عبر تهميش القوى الطبقية الأساسية في التشكيلة الوطنية عبر تهميش بنائها الاقتصادي بهدف إعاقة تطور سوق الدولة الوطنية.

- تعتمد الطبقات الفرعية في سياستها الخارجية على الاحتكارات الدولية بسبب وكالتها التجارية العامة للسلع الأجنبية وتصديرها المنتجات الوطنية.

— تقود السياسة العامة للطبقات الفرعية الى إعاقة تطور الاقتصاد الوطني وربطه بالاحتكارات الدولية وما ينتجه ذلك من تهميش دور الدولة في الشؤون الاقتصادية – الاجتماعية.

-- تفضي عمليات تهميش الدولة الوطنية الى زيادة القمع المناهض للحركة الشعبية وتحول الدولة الوطنية الى سلطة سياسية استبدادية.

استناداً الى التقديرات المشار اليها تواجهنا حزمة من الأسئلة الملحة منها –

ما هي التناقضات الأساسية في تشكيلة العراق الاجتماعية؟ ومنها ماهي القوى الطبقية المناهضة للتبعية والإرهاب؟ ومنها ما هي أساليب الكفاح الوطني- الديمقراطي القادرة على اجبار القوى الفرعية على التماشي ولسلطة الدولة الوطنية؟

استنادا الى تلك الأسئلة المثارة وغيرها نحاول التوقف عندها بتكثيف بالغ.

التشكيلة الاجتماعية العراقية وتناقضات بنيتها الطبقية

بات معروفا ان التشكيلات الاجتماعية الوطنية تتطور من خلال نزاعاتها الداخلية وبهذا السياق تعيش التشكيلة الاجتماعية العراقية نزاعات حادة تتعلق بطبيعة مستقبلها الاجتماعي -السياسي الامر الذي يشترط تحديد طبيعة التناقضات الطبقية المتحكمة بمستقبل تطور البنى الطبقية للتشكيلة الاجتماعية العراقية ودولتها الوطنية.

استنادا الى ذلك يمكن تقسيم التناقضات الطبقية المتحكمة في التشكيلة الوطنية العراقية الى -

1- التناقض بين التبعية والسيادة الوطنية

تجهد الطبقات الفرعية – البرجوازية الكمبورادورية الشرائح المالية الربوية –الأجهزة البيروقراطية الى ربط الاقتصاد الوطني بالاحتكارات الأجنبية بهدف ديمومة هيمنتها السياسية على الدولة الوطنية بينما تسعى الطبقات الأساسية شرائح البرجوازية الوطنية والطبقة العاملة الى السيادة الوطنية وتنمية مستلزمات اقتصادها الوطني بعيدا عن الوصاية الأجنبية.

2 --التناقض بين الاحتكارات الدولية والتنمية الوطنية المستقلة

يتجلى التناقض الرئيسي الثاني بمناهضة التبعية والتهميش التي تقوده الطبقات الاجتماعية الفاعلة في الاقتصاد الوطني --البرجوازية الوطنية والطبقة العاملة وبين الطبقات الاجتماعية الفرعية الساعية الى تبعية الاقتصاد الوطني للاحتكارات الدولية وتحويل الدولة الوطنية الى دولة هامشية.

3- التناقض بين الديمقراطية السياسية وبين الديكتاتورية

تسعى الطبقات الفرعية الى الهيمنة السياسية وعزل الطبقات الأساسية الأخرى عن المشاركة في إدارة حياة البلاد السياسية – الاقتصادية ولغرض هيمنتها الطبقية تسعى الطبقات الفرعية الى انتاج ومساندة الأنظمة السياسية الديكتاتورية.

4 –يتبدى الصراع الاجتماعي- الاقتصادي بين الطبقات الاجتماعية الأساسية والفرعية بصراع أيديولوجي بين الوطنية الديمقراطية وبين التبعية والتغريب الذي تسانده الاحتكارات الدولية.

البرنامج الوطني – الديمقراطي ومكافحة التهميش والتغريب

- مجابهة الطبقات الفرعية وتجنب البلاد نظم الإرهاب والديكتاتورية يتطلب بناء سياسية وطنية ديمقراطية تنطلق من بناء برنامج وطني ديمقراطي يستند على الركائز الفكرية والاجتماعية التالية-

1 – بناء تحالفات وطنية- ديمقراطية تتشكل قاعدتها الاجتماعية من الطبقات الحاملة لبرنامج التغيير الوطني الهادف الى تنمية وطنية مستقلة فضلاً ابعاد البلاد عن الحروب الاهلية والنزاعات الخارجية.

2- يضم الجهاز السياسي للتحالفات الوطنية القوى الوطنية والطبقات الاجتماعية العاملة على ابعاد الدولة الوطنية عن هيمنة الاحتكارات الدولية وسيادة الطبقات الاجتماعية الفرعية.

3 –يعتمد البرنامج الوطني – الديمقراطي على نظام سياسي ديمقراطي يستند الى مناهضة القوى الخارجية وحلفائهم (الوطنيين) من البرجوازية الكمبورادورية والشرائح المالية الساندة لها.

4 – يسعى برنامج التحالفات الوطنية الديمقراطي الى عزل القوى الحليفة للوافد الأجنبي عبر تحجيم هيمنتها السياسية باعتبارها قوى ناشطة بالضد من مصالح بلادها الوطنية.

5 – تعمل قوى التحالف الوطنية على بناء نظام سياسي ديمقراطي مرتكزاً على مبادئ الشرعية الانتخابية المسندة من القوى السياسية المناهضة للهيمنة الأجنبية.

6 – بناء اقتصاد وطني تتشارك فيه الطبقات الاجتماعية الفاعلة في الدورة الإنتاجية والعمل على تشجيع شرائح البرجوازية الوطنية والصغيرة على المساهمة في بناء الدولة الوطنية – الديمقراطية.

7–ابعاد البلد عن الحروب والنزاعات الأهلية المسلحة من خلال تطوير المؤسسة العسكرية الوطنية بعد حل القوى المسلحة الساندة للأحزاب الطائفية السياسية.

ان الآراء والأفكار المشار اليها تشكل كما أرى مساهمة في الكفاح الوطني -الديمقراطي المشترك للطبقات والقوى السياسية الناشطة في تشكيلة البلاد الوطنية والهادفة الى بناء دولة ديمقراطية وطنية بعيدة عن الهيمنة الدولية وسياساتها اللإلحاقية.

 

عرض مقالات: