طفح الكيل في مفاعيل عمل الحكومة العراقية، المفعم بالفساد والخراب والفشل. ولعلنا نعجز عن تقديم الاوصاف المناسبة لما يعتمل من انحطاط الاوضاع السياسية العراقية الراهنة. واذا ما وصل المواطن العراقي الى منتهى الحيرة والصبر. حينها يصبح المنال هو البحث عن "البطل المنقذ" سواء كان شخصاً ام جهة. هنا يطرح السؤال التالي : لماذا نضرب الاخماس بالاسداس والتفتيش بالافق التي تبدو بعيدة، وامامنا تحالف "الاصلاح والتغيير" الذي رفعنا القبعات له وملئنا ساحات الحراك الجماهيري هتافاً لنصرته، وكان جديراً حقاً  لاخذ المبادرة والاقدام على ممارسة حقه كونه الكتلة الاكبر بعد انتهاء الانتخابات لتكليف رئيس وزراء مع كابينته النقية من ادران نهج المحاصصة الطائفية.

لقد شنفت اذاننا اصوات رجال الاصلاح والتغيير، وصعّدت لدينا مناسيب الامل، وجالت بخواطر المواطنين رؤية خلاصها ليصبح العراق واهله في سفينة الانقاذ، من بحر التردي والفشل وضياع الوطن، غير ان امر الاصلاح قد غدا في حالة سكون مخيبة للامال. لا بل انفلتت قوى الفساد بشراسة، ساعية الى تحصين قلاعها غير ابهة بالقانون والدستور، بانتهاك فاضح دون ادنى مواربة. لسنا بحاجة الى كشف صفحات المصادرة لكيان الدولة العراقية فهي ضاهرة تدمي القلوب. ولكن نحن " سائرون " نحو الاصلاح والتغيير فاي خارطة طريق رسمنا والى اي مدى وصلنا ؟؟؟.

يحكمنا السؤال الذي نسمعه من الناس وفي مقدمتهم انصار الاصلاح والتغيير ونحن منهم ان نطرحه والذي مفاده : اذا ما تعطلت لغة الكلام التي تجلت بالنصح والتصريحات والتغريدات والانذارات والتحذيرات وبح الاصوات وغيرها فما العمل..؟، صار معلوماً قصر السياقات الدستورية في معالجة حالة التدهور الحاصلة، لقد شهدناها خلال اكثر من خمسة عشر عاماً عجاف ماضيات، بل تم لي عنق مواد الدستور وتطويعها لخدمة القوى المتنفذة، الا يقتضي هذا العوم في مستنقع لا قرار له، البحث عن لوحة نجاة كأن تكون عملية ترحيل ليس للحكومة فحسب، بل رحيل النظام السياسي وبنيته الغير ملائمة لشعبنا المنهك، وذلك عبر اصلاح دستورنا التعبان وتوابعه اولاً، من برنامج انتخابي ظالم. وباقي البناءات التي تمت وفقاً لارادات قوى  قد اثبتت التجربة  بانها تبني دويلاتها الخاصة، التي لا ينفصل صلبها عن اجندات اقليمية، ومطامح مراكز قوى متعددة داخلية وخارجية.

ان العمل وفق مبدأ اضعف الايمان  وسط  قوى مستشرسة للدفاع عن " مكاسبها الخرافية "، التي تحولت بفضل فسادها المالي والاداري، الى امبروطويات مافوية عابرة للحدود، ان ذلك يحسب في علم السياسة، عجز نضالي غير مبرر، بل ويستحق الاعتراض. فالنوم والاسترخاء على وسادة الوعود المتكررة الخاوية من اي فعل ملموس، لا يخرج عن دائرة القبول بالامر الواقع، الذي يعد من اخطر مقدمات الاستسلام . سيما وان مواطئ اقدام الاصلاح لم ترصف بعد بكونكريت سياسي بنيوي راسخ، اذا ما جاز هذا التعبير.      

يسود الاوساط السياسية العراقية مؤخراً، اقتناع بقرب رحيل الحكومة، لما ظهر عليها من عجز مطبق وعدم قدرة على الانجاز البرنامجي المطلوب، غير ان ذلك لم تجسمه للان مقدمات تشي بجدية قوى سياسية ذات عزم مجرب على التغيير الفعلي. بل ان التي تبدو اكثر من غيرها لدى قوى الاصلاح تحديداً، هي حالة تقترب من الزهد السياسي، اذا لم يكن الزهد بعينه. الامر االذي لا يؤكل خبزاً، او لايغني عن مال او يشبع من جوع، كما يقال..في مطلق الاحوال    سيبشر رحيل الحكومة بالزام  تغيير المنهج السياسي الذي قامت عليه الحكومة، ولعل ذلك سيشكل دافعاً فاعلاً لرحيل العملية السياسية بشكلها المتداعي الراهن. هذا اذا لم يتم التدارك و يغدو امر تغيير الحكومة عاملاً  معالجاً لما تبقى من ما سميت بالعملية السياسية.

 

 

 

 

 

   

                  

عرض مقالات: