عينهم الى الارض ومخيمهم يرحل الى السماء ..!؟ استهلال:

الحرية والارض لهم بدون حدود، هويتهم عشقهم الحياة وكيف يعيشونها كوجود .. عرفوا دروب العبودية فابتعدوا عنها وجعلهم عشقهم الحرية يعيشون بعيداً عن التنظيمات البشرية المعتادة واختطوا لأنفسهم مجتمعاً خاصاً أًحيط عبر التاريخ بالكثير من الغموض والغرابة والخروج عن المألوف. إنهم الغجر( الكاوليه) أولئك الرحالة الظرفاء المنبوذون، من أكثر شعوب العالم غموضاً وعزلة عبر التاريخ، اختاروا منذ الأزل حلم الرحيل نحو الحرية المطلقة ، والهروب المتواصل دون تحديد الوجهة التي سيختارونها فالحنين إلى اللامكان واللازمان هو جوهر الحلم الغجري، ليس لدى الغجر وطن وعلى نقيض جميع البشر ليس لديهم حلم العودة إلى وطنهم الأصلي "الهند". عند الكاتب شاكر لعيبي الذي يقول إن مفردة كاولي وكاولية التي تعني في العراق الغجريّ والغجر، قد تكون متصلة بالنطق الهنديّ لمفردة قوّال وتكتب وتنطق كاوّالي qawwali

ويشرح لعيبي ان كلمة

qawwali

موجودة في القاموس الإنكليزيّ ويعرّفها بصفتها نمطاً من الموسيقى العباديّة الإسلامية التي ترتبط اليوم بالتيار الصوفي في الباكستان.

المدخل:

حين نقلب صفحات التاريخ لنتعرف على سبب نشأة وعراقة بعض الموسيقى، نجد أن السبب الحقيقي الأول هو الإضطهاد وما الموسيقى والغناء والرقص إلا أدوات للمطالبة بالحرية والتخلص من شر العبودية. الموسيقى الغجرية " الكاولية العراقية " مزيج من تراث سومري ريفي عراقي رغم جذورهم الهندية، موسيقاهم بدأت كمزيج من أحزان وآلام اقوام مهزومين مع اقوام تائهين عابرين الحدود بدون جواز او تذكرة تعريف. ان الموسيقى والغناء الكاولي العراقي تكونا عبر التاريخ وتجذرا في وسط وجنوب العراق ومن ثقافات بعينها وعملت منسجمة تعلن عن نفسها بعذوبة. فمن يستمع إلى عازف العود وهو يضرب بأنامله الأوتار، وضابط الايقاع الطبلة " الدرنكه ، الزنبور " نجد ان هذا العزف الموسيقي قائم على نوتات عراقية شرقية أساسية ، ومن ثم بقية الملحمة الغنائية المتفردة نغم وشجن وحزن وعشق صوفي ، ولا ينتهي جمال الفن الكاولي "الغجري" هنا ... بل إنه لايكتمل إلا في عنفوان الراقصات ، أولئك اللواتي يعلن ثورة ضد الألم حين يضربن بأرجلهن الأرض وتهتز اردافهن ، وينثر الشعر الطويل موجات للصخب ، والجسد الذي يتسامى مع فنطازية الجو المشحون بالمتعة والهروب من واقعه الى آفق ساحر. والراقصات دائما يحركن اياديهن كجناحين معلنات عن الحياة والحرية. هنا الرقصة الغجرية "الكاولية" رقصة لا تتمحور حول قصة رومانسية بقدر ما هي ملحمة إنسانية شامخة بنشيد ونشيج عراقي مجبول عليه هذا الوطن منذ أور وقيثارة أوروك شبعاد والى يومنا هذا. انه فن يعكس بجلاء تقاليد واعراف التنظيم الغجري الاجتماعي الكاولي. فهي تحتوي على شعر ريفي عراقي شعبي منتظم يحاكي الظلم ويفسر المعاناة الإنسانية التي يعيشها كل منهم.  وان دخلت مجتمعا صغيرا مثل مجتمع الغجر فهذا يعني أنك تخترق عالما آخر من العادات والتقاليد التي تختلف كثيرا عن عادات وتقاليد العراقيين. تشكل الأغنية الغجرية رافداً مهماً من روافد الأغنية العراقية، بل أن المطربين الغجر هم رديف للمطربين الريفيين، ويندر أن يُحيا أي حفل ترفيهي من دون أغنية غجرية، ولا داعي لذكر الأسماء لأنها محفورة في ذاكرة العراقيين، وراسخة في وعيهم، بل أن بعضهم لا يعرف أن أصل هذه الأغاني الترفيهية غجرية لأنه يظنها جزءاً من التراث الغنائي الريفي في الأقل. والغجريات ايضا نجوم في التلفزيون العراقي على الرغم من العقبات التي وضعها ممثلون عراقيون في طريق صعود الغجريات على خشبة المسرح او الظهور في التلفزيون الا ان الفنانات الغجريات نجحن في تكوين نجوم لامعة في سماء الفن العراقي .

وعلى الرغم من أن العراقي ينظر الى هذه الفئة بعين الغمز فانه لايستطيع ان يتخلى عن دورها، واستطاع الفن الغجري ان يكسب اهتمام العراقيين ودخل الفن الغجري الاذاعة والتلفزيون بسبب الاهتمام الشعبي الكبير به وعلى وجه الخصوص في مناطق الريف العراقي، وكان العراقيون قبل ظهور التلفزيون يدعون الغجر لاحياء حفلات الزفاف أو مناسبات الختان على الهواء الطلق حيث تقدم الكاوليات الرقص والغناء لقاء مبلــــــغ معين .

عرض مقالات: