العراق يعيش الأزمات المتعددة والمتجددة ومن زمن بعيد ، من تأسيس الدولة العراقية في 1921م ، وحتى يومنا الحاضر .

هذه الأزمات والصراعات كانت وما زالت ، نتيجة منطقية لتغييب الرأي المخالف ، وغياب ثقافة الحوار الهادف والموضوعي بين الفرقاء ، وما يحملوه من أراء مختلفة ومتقاطعة ، وهو أمر طبيعي لهذا التباين بين الأفراد والجماعات والأحزاب ، وبين المكونات المختلفة ، وعلى مبدأ فلسفي للبحث والتنقيب عن حقيقة ما نرمي الوصول إليه وكما قال الإمام الشافعي ( رأيك صواب يحتمل الخطأ ورأي خطأ يحتمل الصواب ! ) والتسليم بأن ( الخلاف لا يفسد للود قضية ) . 

 أنا هنا لا أُريد إعادة قراءة تأريخ العراق الحديث ، من قيام الدولة العراقية ولليوم ، وما عانينا نتيجة غياب الحوار ، باعتباره حقيقة يجب التسليم بها ما دام هناك بشر مختلفين فلسفيا وفكريا وطبقيا ومعرفيا ، وتباين في الوعي والثقافة والتعليم .

الواجب يملي علينا بأن لا نلغي من يخالفنا في رأيه وما يؤمن به ويعتقد ، وعلينا وقدر المستطاع ، نعطي مساحة ومرونة للحوار الهادئ والموضوعي ، وعدم التشبث كل برأيه وبما يعتقد ، ونعتبر رئينا من الحقائق المطلقة ومن المسلمات ، ونلغي أي رأي مخالف.

 يقول البعض بأن السبب الرئيس لانهيار تحالف جبهة التحالف الوطني ، الذي قام قبل ثورة 14 تموز 1958 م ، وأدى هذا الصراع وغيره من الأسباب ،لإسقاط ثورة تموز في الانقلاب الدموي في 8 شباط 1963 م الذي قاده البعث الإرهابي ، كان نتيجة هذا الصراع ، أو لنقل القشة التي قصمت ظهر الثورة بعد أشهر من قيامها ، والذي أشعل فتيل حرب ضروس بين الفرقاء حلفاء الأمس !..

فقد حدث شرخ كبير بين الجناحين المتحالفين ( القومي والبعثي والمتحالفين معهم .. وبين الشيوعيين والديمقراطيين والقاسمين والمتحالفين معهم !.. إن صح التعبير والتعليل ! ) .

الخلاف بين الجناحين أو الجبهتين أو الكتلتين ، فقد تم طرح صيغة تحالف مع مصر [ الوحدة الفورية التي كان يتبناها الجناح القومي البعثي .. والجناح الأخر أي الجناح الشيوعي والقوى الديمقراطية وحلفائهم الذين كانوا يتبنوا الاتحاد الفيدرالي مع جمهورية مصر العربية ! ] .. وبالحقيقة نقولها للتاريخ ، بأن كلا الهدفين أو الصيغتين كانتا غير قابلة للتنفيذ والحياة أثبتت ذلك نتيجة لعوامل كثيرة والتباين في رؤية الفرقاء .

الخلاف الذي نشأ بعد الثورة ، قد ساهم وساعد في وأد الثورة ، وأحدث انقساما وشقاقا وتقاتلا بين حلفاء الأمس .

والأطراف جميعها قد أدركت هذه الحقيقة ولكن بعد فوات الأوان ، والخلاف كان عبثيا من وجهة نظري ، وأدى بشعبنا ووطننا بأن يقدم ضحايا واصابات من أبناء وبنات العراق ، ناهيك عن تدخلات فاضحة بالشأن العراقي عربيا ودوليا .

وسالت أنهارا من دم ودموع العراقيين ، وتعرض هذا البلد العزيز للتمزق والدمار والكوارث البشرية ، وحل الظلام وأفلت شمس الحرية والسلام والتعايش التي سادت لفترة لم تكن طويلة .

نتيجة ما أفرزته الأحداث لاحقا ، من تراكمات وصراعات دموية ، لم تكن مبررة أبدا ، وكان تجنب حدوثها ممكنا ، لو أدركنا تلك الحقيقة مبكرا ، ولو تعاملنا مع هذه الخلافات والاختلافات، على أنهما نظرتان يجوز فيهما الخطأ ويجوز فيهما الصواب ، والبشر يُصيبون ويخطؤون ، والخطأ والخلاف لا يفسد للود قضية ، ولكن غلبت على الأطراف فلسفة الإلغاء والإقصاء ، وتحملنا بسببه ما تحملنا ، ونحن هنا لسنا في صدد محاكمة التأريخ وجلد الذات ، فالتاريخ هو ما كان وليس ما يجب أن يكون .

لنضع الأُمور في نصابها الصحيح ، ولا نختزل ما حدث بما بينناه ، الحقيقة هناك عوامل وأسباب كبيرة وكثيرة أفرزتها الأحداث .

كنت راغبا في جعل ما تقدم ، مدخلا لموضوع أعم وأشمل وله علاقة مباشرة في سير الأحداث ، وربطها بما نعيشه اليوم ، من تناحر وانقسام وتمزق ، نتيجة فلسفة الإقصاء والإلغاء .

أُتابع بقلق عميق ما نعيشه اليوم من أزمات متعددة ومتجددة ( سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية ! ) نتيجة الخلل الكبير في بناء نظامنا السياسي الذي قام بعد 2003 م واحتلال العراق وسقوط النظام المقبور .

هذا النظام ( نظام الإسلام السياسي الذي يحكم البلاد من عام 2006 م وللأن ! ) الذي قام على المحاصصة والطائفية السياسية والعرقية وعلى أساس المنطقة والعشيرة والحزب ، وبالضد من دولة المواطنة . هذا النظام الذي أنتج لنا الفساد والطائفية والمحاصصة ، وخلق الدولة العميقة ، ومراكز قوى من ميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والسلاح المنفلت وخارج المؤسسة الأمنية وغير ذلك. 

تمكن الإسلام السياسي وبمساعدة المحتل الأمريكي وإيران ، من تسلم إدارة السلطة في العراق عام 2006م ( فقامت دولة يقودها ويؤسس لها الإسلام السياسي الذي بدأ التحكم بالبلاد منذ عقد ونصف ! ) .

تمكن من فرض رؤيته وفلسفته الدينية على ( الدولة والمجتمع ! ) ، وفي مختلف المجالات ، وعلى وجه الخصوص في التعليم وعبثه في البرامج التعليمية والتربوية وفرضه للحجاب على المدارس والجامعات ، وعدائه للمرأة وللحريات وللفنون والثقافة .

الجميع يعلم بأن الدولة الدينية القائمة اليوم في العراق !!.. ، هي دولة إيديولوجية وبرؤيا سلفية ولاهوتية ، التي لا يجوز مخالفة شريعتها ورؤيتها لحركة الحياة ، وبأن ما تراه ، هو من تعاليم وأحكام الكتاب المقدس والسنة ، كونهما تعاليم منزلة ، وقيم ربانية مقدسة حسبما يسوقون ذلك !..

وهنا يبدأ الخلاف والاختلاف بين من يعتقد بهذه الرؤيا اللاغية للأخر !!.. وبين من لا يؤمن بها ، بل وهناك من ينكرها جملة وتفصيل ، وقد انعكست تلك الرؤيا سلبا على بناء الدولة الحديثة ، دولة المواطنة ، وما يحكم هذه الدولة من قوانين وحقوق ومواثيق دولية وما جاء به ميثاق الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ، وما نص عليه الدستور العراقي من تشريعات وقوانين أساسية ضامنة للحريات وللحقوق ، حتى وإن كان بحدودها الدنيا .

الكثير من أحكام ورؤى الدولة الدينية إذا لم نقل جميعها ، وفلسفتها لا تنسجم مع بناء دولة المواطنة ( الدولة الديمقراطية العلمانية الاتحادية المستقلة ) .

الجميع يعلم أن الدين خيار ومعتقد شخصي وفردي ، يخص الفرد وحده دون غيره وعلاقته بالخالق الذي يعتقد ، ولا يجوز ووفق مبادئ وأسس قيام دولة المواطنة أن يتم إقحام الدين في بناء الدولة وفي شرعتها وتشريعاتها ، فالدولة مؤسسة اجتماعية ونظام مجتمعي يمثل إرادة المجتمع ، وهو الخيمة لكل من يسكن على تلك الأرض ، وهي المسؤولة عن حماية الجميع ، وأن تساوي هذه الدولة بين الجميع ، ولا يجوز التمييز بين أحد من مواطنيها أبدا ، بخلاف الدولة الدينية التي تفرض رؤيتها على الجميع ولا تقر بحق الاختلاف .

والمشكل الذي يعيشه شعبنا ووطننا .. ليس فقط قوى الإسلام السياسي والميليشيات الطائفية التي تفرض رؤيتها على الجميع ، وبالضد من الحقوق والحريات والديمقراطية ومن دولة المواطنة !..إقحام المؤسسة الدينية بكل صغيرة وكبيرة ، وجعلها المؤسسة التي لها حق الفصل في كل الأنشطة السياسية والاجتماعية ، و( لا يجوز التعرض لها أو انتقادها أو مخالفتها !.. كونها معصومة من الخطأ وتمثل الله في أرضه ! ) مع جل احترامنا للدين ورجالاته والمؤمنون بشريعته وقيمه . 

هذه المؤسسة التي أصبحت فوق القانون والدستور ، وما تراه يسري على الجميع ، وما تقوله وما تفتي به يجب تنفيذه والالتزام به ، من قبل ( الدولة بكل مؤسساتها وتسري رؤيتها على المجتمع ! ) .

ولا شك بأن ذلك هو تغييب للدولة وللقانون وللعدالة وللقضاء ، وأصبح لرجل الدين مكانته وموقعه وهيمنته على الدولة والمجتمع ، أكثر من القاضي ومن رجل القانون .

لماذا تتدخل المؤسسة الدينية في كل شيء ؟.. وكأنها تفقه في كل شيء !.. في السياسة وفي القانون والاقتصاد ؟.. ولها الحق في أن تفتي !!.. [ هذا يجوز .. وذاك غير جائز !! ] ماذا أبقينا للدستور وللقانون ؟؟.. فما علاقة المؤسسة الدينية والمراجع ، في التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة والحريات وعمل الشباب والشابات في سوق العمل ؟.. 

وأين هي فرص العمل كي يكون لهؤلاء الشباب الخيار بين هذه المهنة أو تلك ؟؟..

من خلال ما بيناه فذلك يعني ، بأن المؤسسة الدينية والمراجع ، معنيين في كل شاردة وواردة من أنشطة الدولة والمجتمع !!؟..

إذا كانت المؤسسة الدينية هم المعنية ، ومخولة في أن تفتي في كل شيء !!.. فما حاجتنا الى الدستور والقضاء والقوانين ؟؟...

ولماذا لا نستغني عن الدستور والمؤسسات الحكومية والاجتماعية ؟؟..
وما حاجتنا لتلك المؤسسات والسلطات والتشريعات ؟؟..

ليتم إلغاؤها وتعيين رجال الدين والحوزات في سلك القضاء والقانون وفي مؤسسات الدولة، وشغلهم للوظائف وبشتى الاختصاصات ، كونهم يفقهون في كل شيء ، وبأن الخراب والدمار والتخلف لم ينتج عن هؤلاء المعممين وأحزاب الإسلام السياسي ؟؟!!..

متى يتم سادتي الكرام في المؤسسة الدينية وقوي وأحزاب الإسلام السياسي ، البدء في إعادة بناء ( الدولة ؟.. ومتى ستكون لنا دولة ؟ ! ) .. أم أمسينا في غنى عن هذه الدولة بفضل وحذاقة وفقه هؤلاء المعممين !!.. .

نسأل الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية والقوى الديمقراطية والوطنية ؟.. 
كم من الوقت نحتاج للانتظار حتى يصار للبدء في بناء ( الدولة ! ) ، والى متى يستمر العراق في دوامة العنف والتخلف والجوع والبطالة وغياب الخدمات وغياب الأمن ؟؟!..

الى متى نبقى بلدا من دون نظام ومن دون عدل وعدالة ومن دون قانون ؟.. الى متى ؟.... 
نحن نسأل الحكومة التي تقف اليوم على قدم واحدة كونها لم تكتمل لليوم !.. يعني عرجاء !.. يعني ليس عليها حرج !..

هل ساستنا لديهم الوقت الكافي لمتابعة ما يجري من أحداث في السودان وليبيا والجزائر ، هل شاهدتم يا حكومتنا الوطنية مع سبق الإصرار وحسن النية !!.. هل شاهدتم الملايين للشعب الجزائري في ثورته العارمة ، وكيف أجبرت الحكام الدكتاتوريين والفاسدين على مغادرة السلطة مرغمين طائعين ، الذين ستتم محاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم وما سرقوه من أموال الشعب ؟.. أم إنكم تخشون النظر لتلك الملايين الغاضبة والمتسمرة في سوح التظاهر ، وربما سيصاب شعبنا بعدوى التغيير ؟؟..

وهذا الشعب السوداني العظيم ، الذي أزاح بإرادته الفولاذية الجبارة أعتى نظام إرهابي ( بقيادة الإسلام السياسي الفاسد ! ) .. تَفَكًروا يا ساسة الغفلة .. وتدبروا أمركم قبل أن يأتي الدائرة فتدور عليكم ، وتلحقوا بأقرانكم في هذه البلدان ؟؟!..

هذه الأنظمة التي سيمثل حكامها أمام القضاء ، نتيجة ما نهبوه وما ارتكبوه من جرائم خلال فترة حكمهم التي استمرت لعقود ، ورؤوس مطلوبة عاجلا أم أجلا وسيحالون الى المحكمة ومقاضاتهم على جرائمهم وما ارتكبوه من جرائم حرب ضد شعوبهم .

نعيد تكرار السؤال !.. هل شاهدتم ما يحدث حولكم في بلدان عدة والقادم ما زال في علم الغيب ؟..

ألم تحسبوا حساب لهذا الشعب البائس المنهك على أيديكم ، الذي يموت موتا بطيئا ، ألم تحسبوا لهذه الملايين الجائعة حساب ، وما تعانيه من الفاقة والظلم والجور والتهجير والنزوح، نتيجة احتلال مدنهم وقراهم من قبل المنظمات الإرهابية في 10/6/2014 م ، الذين تسمعون أنينهم ومعاناتهم وصراخهم يوميا وإن كان من بعيد ، هؤلاء الذين قد نزحوا عن مناطق سكناهم منذ خمسة أعوام ، حينها كان عددهم ستة ملايين إنسان ، وبالرغم من مرور خمس سنوات ، فما زال أكثر من مليوني إنسان يسكنون الخيام البائسة ، وتغيب عنهم كل وسائل العيش الكريم ، وما يعانوه من قيض ومن برد وغياب الخدمات والتعليم والصحة ونومهم البائس .

أَلَمْ تنظروا الى المحافظات التي تتعرض منذ ما يقرب الشهر ، الى فيضانات لدجلة وروافده ، والسيول العارمة التي تجتاح المحافظات نتيجة الأمطار والتقلبات الجوية ، والتي ما تزال تهدد عشرات القرى والمدن والأرياف ، والساكنين قرب حوض هذه الأنهار..! 
أين ذهبت التخصيصات المالية لوزارات الزراعة والموارد المائية والبلديات ولمجالس المحافظات ،التي تم صرفها في الأعوام الخمس عشر الماضية ، ولماذا هذا الإهمال الكبير لمشاريع الري ، وعدم تمكين السدود وحمايتها والوقوف على سلامتها ، وبناء سدود جديدة تستوعب المياه في فترات الطوارئ ، وخلق مسطحات مائية وسدود في مختلف المحافظات، لحماية الساكنين ومزارعهم ومواشيهم ، في الأرياف وقرب الأنهار ، وأين مشاريع كري الأنهار ومراقبة العوامل البيئية والترسبات الطينية التي تقلل من سعة الاستيعاب وتعيق جريان هذه الأنهار ، لماذا كله قد غاب عن خططكم ، وبقيتم تلهثون وراء سرقاتكم وفسادكم ؟؟...

هل كانت لديكم برامج لمشاريع الري والبزل ، لاستيعاب التقلبات والتغيرات البيئية والمناخية، هل لديكم خطط قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى ، تعين الناس على مواجهة هذه التقلبات والمتغيرات البيئية والاحتباس الحراري..! 

هذه وغيرها من الأسئلة التي سيتم مقاضاتكم عليها نتيجة الإهمال والفشل في أدائكم الوظيفي ، وستتم محاسبة المقصرين والفاسدين ، والوقوف أمام القضاء لاستجوابكم عن كل تلك المخالفات والجرائم والسرقات ، ولن تكونوا في منأى من ذلك ، عاجلا كان أم أجلا .

ماذا قدمتم للعوائل المنكوبة ، الذين فقدوا دورهم ومزارعهم ونفوق مواشيهم ، وأصبحوا من دون مأوى وباتوا لا يملكوا أي شيء ؟.. هل قدمتم لهم خيمة وسلة غذائية تكفيهم ليومين أو ثلاثة !!؟؟.. وما هي المعونات العاجلة التي قمتم بإسعاف المتضررين ، والخدمات والتعويضات والمساعدات العينية والنقدية ؟.. وما هو مقدار هذه التخصيصات ومقدار ما سيصلهم بعد أن يتم تقاسمه بين الفاسدين والمتضررين ؟؟..

لدي سؤال .. قديم جديد ومتجدد !.. ماذا قدمت حكومة السيد عادل عبد المهدي للفقراء والمتعففين والأرامل والأيتام وكبار السن وأصحابي الاحتياجات الخاصة ، في البطاقة التموينية التي أُصابها الضعف والوهن وداء الكساح المزمن ، فهي في تناقص مستمر ولن تصل في مواعيدها ، ولكنكم سيدي !!.. أنت إنسان ميسور الحال ولن يدر في خلدك ، عن أهمية البطاقة التموينية عند الفقراء ، فقد نسيت وأصابني الخرف كون البطاقة ومن يستلمها ليسوا في دائرة تفكيركم ( الشبعان لا يدري في معاناة الجوعان !!.. لا تأخذني لجهلي وتدني وعي وفصاحتي ) !!..

هل ما زلتم كما أنتم ؟.. مستمرون كعادتكم ( وأبو عادة .. ما يجوز من عادته !!.. يا سبحان الله ) ما زلتم على كذبكم ودجلكم ومراوغاتكم ، والتي أصبحت مفضوحة ولا يمكن إخفاء حقيقتكم ، وأنا هنا لأُعْلِمَكُمْ بهذه الحقيقة !..

أين وصلتم بمشروعكم القديم الجديد ، بإصلاح المؤسسة الأمنية والعسكرية وجعلها بحق مؤسسة وطنية تمثل إرادة العراقيين ، وليست كونها تمثل طائفة أو حزب أو منطقة ؟.. أين وصلتم في حصر السلاح بيد هذه المؤسسة ؟.. ونحن نشاهد بين فترة وأُخرى النزاعات العشائرية ، وتقاتلهم بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والراجمات ؟.. هل عجزتم عن القيام بهذه المهمة ؟.. الغير مهمة عندكم ؟؟!!.. 
أين وعودكم بحل الميليشيات الطائفية التي تعبث بأمن البلاد والعباد ، هذه الميليشيات التي بحقيقتها لا تعدوا كونها واجهة ومتاريس لأحزاب وقوى الإسلام السياسي الحاكم ، وأصبح الحشد الشعبي خيمة لجميع الميليشيات والمجاميع المسلحة والخارجة عن القانون ؟.. أم أَني قد صَعًبْتُ الأسئلة عليك سيادة الرئيس ؟.. ولكني أعلم بأن صدرك يتسع وصبرك كصبر الجمال ، وبوسعك النسيان سريعا كل ما يتم طرحه يا صديق الشعب والوطن المهزوز والمنكوب والمغتصب .

هل ما زلتم على موقفكم الرافض !.. للبدء بوضع الحلول العاجلة حول إعادة بناء دولة المواطنة وبعناد وتجبر ، وتتمنعون معالجة المشكلة المستعصية والمزمنة ، بغياب ( الدولة العادلة ! ) وغياب الخدمات من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وطرق وصرف صحي والبطالة التي وصلت في الكثير من المحافظات الى أكثر من 50% ، وقد باشرتم بفتح ملفات الفساد ؟.. !!.. وما قدمتموه للشعب كان وافيا وشافيا وعظيما ، وبينتم تفاصيل وقصص التصدي للفساد والفاسدين !.. وهذا يستحق التثمين !.. أليس كذلك سيادة الرئيس ؟؟..

أين خططكم الانفجارية في الإعمار وبدء دوران عجلة الاقتصاد بمختلف فروعه ، ليتسنى لنا ولشعبنا أن نرى المنتج الوطني يملئ الأسواق ، والذي غاب عنها بفضل إدارتكم الرشيدة والحكيمة ؟؟!..

لم يخبرنا مجلسكم الموقر ، مجلس الأعلى لمكافحة الفساد ، يا سيادة الرئيس وما توصلتم إليه لمكافحة إخطبوط الفساد وحيتانه المتربعين على دست الحكم وفي حمايتكم الكريمة ؟..

أين وصل التحقيق في احتلال الموصل ، وجريمة سبايكر واحتلال صلاح الدين والانبار وديالى وحزام بغداد وأجزاء من كركوك ؟.. هل ما زالت عالقة تلك الأحداث في ذاكرتك وذاكرة حكومتكم العتيدة ؟.. أم هي وضعت في الرفوف المنسية العالية وما أكثرها ؟..

هل تعتقدون يا ساسة القوم ويا أسياده !!.. بأن الناس ستغفر لكم كل هذه المثالب والسرقات والجرائم ، وتقول لكم عفى الله عما سلف ؟..

متى ستقبلون بالتعددية الفكرية وبالرأي والرأي الأخر وقبول المختلف ، ووضع الإقصاء والإلغاء وتكميم الأفواه واسكات البعض منها الى الأبد ، والتمييز والطائفية والعنصرية والمحاصصة ، ونهج وفلسفة الدولة الدينية وثقافة الظلام والتصحر خلف ظهوركم ؟؟..

متى تغادرون ثقافة الدين السياسي الذي يقصي الأخرين ، والتخلص والى الأبد من ظلام وتصحر وتحجر ثقافة الدولة الدينية والرؤية الإلغائية لهذه الدولة العنصرية ، التي أَسستْ لها قوى الإسلام السياسي ، ومزقت شعبنا وفتت مكوناته التي تجتر ألامها ومعاناتها نتيجة هذه السياسة الحمقاء ، فأصبح كل واحد من هذه المكونات ، كأنه يعيش في دولة مستقلة بذاتها ، نتيجة سياساتكم الحكيمة للكشر، وما الأصوات الداعية لقيام إقليم البصرة إلا نتيجة بركاتكم ؟؟!..

متى يشعر العراقيون بأنهم أصبحوا يعيشون في دولة اسمها جمهورية العراق الواحدة المستقلة الديمقراطية العلمانية ؟.. .. متى ؟.. متى تكونوا بحق عراقيون ورجال دولة وتخافون الله وضمائركم وشعبكم ؟؟.. يا حكام مهزومين .. يا سدنة مغرورين ؟.. متى تنفضون أيديكم المتسخة بقذارات الولاء للأجنبي !..


متى تصحون من غفلتكم وسباتكم و ، وتلتفتوا الى شعبكم الذي أمسى أكثر الشعوب بؤسا وفقرا وعذاب ؟..

فالموت في الطرقات وفي البيوت والأزقة وفي الساحات ، يوزع بالمجان وبدم بارد ، والخراب والدمار والانهيار لا يشبهه أي من شعوب الأرض ؟.. 
لماذا لا تغادرون السلطة بإرادتكم قبل أن يجبركم شعبكم على ذلك ؟.. 
ماذا بعد كل الدمار والخراب ؟.. ماذا تنتظرون ؟.. 
ألم يكفيكم كل ما ألحقتموه في تاريخ وحضارة وعلو ورفعة بلدكم وشعبكم ؟.. 
أين كان العراق .. وأين أضحى على أيديكم اليوم ؟..
متى يحل الأمن والسلام .. والرخاء .. والتعايش .. في بلد السلام وفي مدينة السلام حاضرة الدنيا وقبلة العالم .. بغداد .. متى ؟..