كان طبيعيا أن تنفجر الجماهير في مدن السودان المختلفة احتجاجا علي الغلاء وانعدام أبسط ضروريات الحياة بعد أن انهكها الوقوف في صفوف المخابز والوقود والصرافات الخ.. ، وفشل الحكومة في حل مشاكل الجماهير.

 شملت الهبة الجماهيرية  أغلب مدن السودان وسط حراك متميز بمدينة عطبرة التي سيطرت جماهيرها علي المدينة بتضامن مع الجيش والشرطة، استمرت المظاهرات رغم القمع المفرط واستشهاد وجرح واعتقال عدد من المتظاهرين كما حدث في القضارف وبربر.

الخ، واتسعت المظاهرات رغم تهديد النظام والتقليل من أهمية التحرك  الذي وصفه مسؤول الإعلام بالمؤتمر الوطني إبراهيم الصديق بأن ما حدث في عطبرة  من " فئة عقائدية تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار" ، ومحاولة قطع خدمات التواصل الاجتماعي ، علما بأن تلك محاولات عبثية لا جدوى منها ، وتضامنت كل الأحزاب والمنظمات  والفئات المعارضة مع الهبة الجماهيرية .

  متوقع أن تتسع قاعدة التحرك الجماهيري بعد أن أصبحت الحياة لا تطاق ، وعجز وشلل السلطة  وفشلها في تقديم أبسط الحلول بعد أن فشلت في توفير ضروريات الحياة وخدمات التعليم والصحة والدواء ، ومارست كل أشكال التسلط والقهر علي الجماهير لحوالي 30 عاما كان وبالا علي شعبنا وتدميرا لكل مؤسساته إنتاجية والخدمية ونهب لكل موارد وأراضي وممتلكات الدولة ، بالتالي لم يكن غريبا أن تحدد الجماهير في المدن هدفها في المؤتمر الوطني الذي يرمز لفساد السلطة واستبدادها .

 مع تطور الأحداث ارتفع سقف المطالب إلي " الشعب يريد اسقاط النظام" باعتباره أصل الشرور والفساد والحروب والقمع المفرط والمسغبة والجوع، ومعاناة شعب السودان والتفريط في السيادة الوطنية.

 لضمان نجاح التحرك والوصول به إلي أهدافه النهائية أسقاط النظام واستعادة الديمقراطية والحياة الكريمة ووقف الحرب، لا بد من أوسع تحالف لقوى المعارضة والوحدة، واليقظة  حتي لا تتكرر تجربة انتفاضة مارس – ابريل 1985 ، وضد انقلاب قصر يعيد إنتاج النظام ، وتسوية تطيل أمد معاناة شعبنا ، لابد للجماهير أن تظل في الشارع ،وتحرس ثورتها وانتفاضتها حتي تصل إلي أهدافها النهائية التي تمسك بها قيادتها النابعة من صفوفها من لجان المقاومة في الأحياء ومجالات العمل والدراسة والمدن والولايات وعلي نطاق السودان بأسره، والتي تقود الجماهير وتوجه مسار مواكبها ومظاهراتها ، وتعيد تنظيم الحياة من تموين وخدمات التعليم والصحة في المدن المحررة ، ومواصلة المقاومة بمزيد من التنظيم والصمود والجسارة حتي الانتفاضة الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني الذي يكنس النظام من جذوره ، وقيام البديل الديمقراطي الذي يستعيد فيه شعبنا الحرية والديمقراطية والمعيشة الكريمة ووقف الحرب والحل الشامل بقيام المؤتمر الدستوري، وإعادة تأهيل المشاريع الإنتاجية الصناعية والزراعية والخدمية واستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة، والمحاسبة، كل ذلك عبر فترة انتقالية تتم في نهايتها انتخابات حرة نزيهة.

عرض مقالات: