فؤاد سالم فنان ومغني عراقي وهو أحد رواد الأغنية العراقية في السبعينيات، اسمه الحقيقي فالح حسن جاسم آل بريج من مواليد محافظة البصرة قضاء التنومة في عام 1945. عاش معظم حياته في الغربة وهو متزوج من ابنة عمه، وله منها أربعة أبناء، وبنت واحدة من زوجته الأولى هي الفنانة والممثلة المعروفة نغم فؤاد. يجيد فؤاد سالم الغناء من الأطوار الأبوذية (الشطيت والشطراوي والغافلي والحياوي والعياش والملائي واللامي)، إضافة إلى تميزه بالغناء البغدادي.

بدأ الغناء عام 1963 وكان متأثراً بالمطرب العراقي الكبير ناظم الغزالي، وكان يغني في الجلسات الخاصة بمحافظة البصرة وفي نادي الفنون الذي أسسه ورعاه مجموعة من الفنانين والشعراء والكتاب البصريين. وكان أول ظهور فني علني له مع أول أوبريت غنائي عراقي (بيادر الخير) في بداية السبعينات، الذي أنتجه نادي الفنون بإمكانيات متواضعة، وكان من إخراج الفنان قصي البصري، ثم أتبعه بعد عام بأوبريت (المطرقة)، وكلا الأوبريتين أحدثا ضجة فنية واعلامية وسياسية أيضًا؛ كون غالبية أعضاء نادي الفنون والقائمين عليه كانوا من الشيوعيين العراقيين أو أصدقائهم. وقد التحق في تلك الفترة بصفوف الحزب الشيوعي العراقي.

ظهر فؤاد سالم لأول مرة على شاشة التلفاز عام 1968 في برنامج (وجه لوجه)، وقد تبناه في بداية الأمر عازف القانون الفنان سالم حسين وهو الذي اختار له اسم (فؤاد سالم) الذي أشتهر به، وكذلك لحن له أول أغنية في حياته الفنية وهي أغنية (سوار الذهب) وكانت من كلمات جودت التميمي، ثم غنى أغنية (موبدينه) للفنان محمد نوشي عام 1975.  رفض الفنان التخلي عن مواقفه السياسية رغم الضغوط التي تعرض لها من قبل حكام البعث، كما رفض أي عرض للغناء لصالح هؤلاء الحكام . وظل على صلة بالحزب الشيوعي العراقي والقوى التقدمية العراقية، وكان من ابرز  الفنانين الذين استعدوا للمشاركة في حفل الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي في عام 1974 المقرر في قاعة الخلد في بغداد. وما أن شعر الحكم بالاستعدادات للحفل والمشاركة النشيطة للفنان فؤاد سالم حتى تم القبض عليه مع عدد من الفنانين لحرمانهم من المشاركة وإفشال الاحتفال. عندها تدخلت قيادة الحزب الشيوعي العراقي وطلبت إخلاء سبيل المعتقلين، حيث تم إطلاق سراحهم قبل ربع ساعة من بدء الحفل، وتوجه المعتقلون بتلك الحالة مباشرة إلى قاعة ليحيوا حفلة كانت في منتهى الروعة أثارت جميع الحضور.

تأثر الفنان فؤاد سالم بأساتذته في معهد الفنون الجميلة في بغداد من أمثال "سالم شكر" و"غانم حداد" ورغم انقطاعه الاضطراري بسبب مغادرته العراق منذ سبعينات القرن الماضي بسبب الظروف السياسية آنذاك ، حيث اشتدت الحملة التي قادها نظام حزب البعث ضد اليساريين، وهي الحملة التي وصلت ذروتها في بداية الثمانينيات حيث تم إعدام عدد كبير من الشيوعيين والمتعاطفين معهم. وتم فصله من معهد الفنون الجميلة؛ ومُنع من الغناء في الأماكن العامة، كما منع من دخول الإذاعة والتلفزيون ثم تم اعتقاله. وتحدث عن ذلك قائلاً: "ذات مرة استطعت أن أغني في مكان ما، لكنهم انتظروني في الخارج وأشبعوني ضرباً بأعقاب المسدسات، وجعلوا دمائي تسيل على الأرض، عندها أيقنت أن لا مكان لي في العراق؛ لأنهم سيقتلونني في المرة القادمة، فغادرت العراق وقلبي على كفي" . اثر ذلك غنى العديد من الأغاني السياسية ضد النّظام الحاكم.

غادر العراق متخفياًعام 1982 متوجهاً إلى الكويت وتنقل في بلدان الخليج. ثم انتقل إلى عدن في جمهورية اليمن الديمقراطية شأنه في ذلك شأن الكثير من الفنانين ةالأدباء العراقيين الذين رحلوا عن الوطن بسبب تعسف حكم البعث، وعمل في المؤسسات الثقافية والاعلامية فيها. و لم يسلم العراقيون من مطاردة جلاوزة البعث في عدن أيضاً. فقد لاحق هؤلاء الجلاوزة العراقيين في عدن، ومنهم الشهيد توفيق رشدي وعادل حبه في حي التواهي، ولكنهما فلتا من أيديهم ، مما دفع الاشقاء اليمنيين إلى اتخاذ اجراءات احتياطية ونقل عادل حبه إلى فندق الهلال في التواهي ولم يسمح له بالتجوال، واتخذت اجراءات احتياطية للشهيد توفيق رشدي في محل سكنه في المنصورة، ولكنه في أشهر لاحقة وفي حزيران تم اغتياله من قبل الزمرة نفسها. مكثتُ في الفندق ، وفي أحدى الليالي طرقت باب الغرفة ولم أبادر إلى فتحها بناء على توصية الاشقاء اليمنيين، ولكن الطرق استمر وبدأ الطارق بتحدث بصوت خافت قائلاً آني فؤاد سالم افتح لي الباب! فتحت الباب وإذا بفؤاد يحمل كيساً من قناني البيرة وحاملاً العود ودفتراً. ما أن دخل الغرفة حتى بدأ بالبكاء. وفتح قنينة البيرة الأولى، وبدأ يورق الدفتر، وقال لقد دونت 31 شعراً من الشجن. وشرع بالعزف والغناء ويغني أشعاره  والدموع تترقرق من عينينه حتى الفجر حيث غادر الغرفة.

كتب فؤاد سالم الكثير من كلمات أغانيه في السابق، بالإضافة إلى أنه نشر ثلاثة دواوين تتضمن شعرأً وزجلاً؛ أولها ديوان (عسر الحال) الذي أذيعت بعض قصائده في السابق على إذاعات المعارضة العراقية، وديوان (للوطن للناس أغني) وديوان (مشكورة) وديوان آخر عن ادب الفنون الشعبية ويتضمن 140 أبوذية و 200 دارمي.

ابرز الأغاني التي انشدها هي: أرد اوگف، ابن الحمولة ،اريدك، المحبوب ، الناوي،الي الله، أنت اللي بديت، انتظار، بعدچ صغيرة، حبيناكم، حدر ياهالبلام، درب الشوق، دكة خزعلية، رنة خلخال، سوار الذهب، شوق الغريب، ضحكة حبيبي، على درب اليمرون، عليمن يا قلب ،عمي يا بيّاع الورد، كلام الناس، ما تدرين، مالوم أنا ،مثل كل العاشقين، محلاها العيون، مو بيدينه، يا بعد عمري، يا طير الرايح، سعادة، مشكورة، أفعال حبيبي هذا منو دق الباب، هلي يا ظلام، هنا يالحادي، هوى الحلوين، وتسافرين، ودعونا، وردة اسقيتها، وينك حبيبي، يا عنيّد يا يابه، يابوبلم عشاري، صابرين، ثلاث نخلات ،تعودت ،ردتك تمر ضيف ، أنا ياطير،حبينا ضي الكمر،العلويه،ياعشگنا، وغيرها من الأغاني . آخر أغنية غناها المطرب فؤاد سالم هي أغنية وطنية اسمها (جيش العراق) من كلمات ماجد الساري، وألحان طارق الشبلي، ومن إخراج كامل معن العقابي وبثت على قناة الفيحاء.

توفي الفنان فؤاد سالم يوم السبت 21 كانون الأول 2013 (أطول ليلة في السنة) في إحدى مستشفيات دمشق بعد صراع طويل مع المرض.

عرض مقالات: