اولاً. كتب الوردي في ص146 وعاظ السلاطين ايضاً: [لقد كانت تلك الثورة فاشلة لا شك في ذلك فهي قد سبقت زمانها بعدة قرون وحق لها اذن ان تفشل ولكنها مع ذلك بقيت في التاريخ رمزا لديمقراطية الإسلام ودليلا صارخا على ان حكومة الإسلام نشأت في اول امرها من الشعب وبالشعب ومن اجل الشعب. لقد كانت هذه الثورة امتدادا للثورة المحمدية ولو درسنا هذه الثورة في بدايتها ونهايتها لوجدناها ديمقراطية تحارب الاسياد المترفين وتجعل الناس سواسية امام الله وامام القانون] انتهى
أقـــــــــــــول: عن أي ديمقراطية في الإسلام يتكلم عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي؟؟؟؟
قد يقول قائل ان الوردي هنا يقصد "عدالة الخليفة الراشد الرابع الشيخ علي ابن ابي طالب" خلال ولايته المضطربة بأحداث جسام ولا يقصد مقتل الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان...حسب قناعتي وفق ما سطر لنا الراحل الوردي لا يمكن فصل تلك الثورة عن بدايتها واقصد مقتل الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان "كلها حسب ما أورده وطرحه الوردي"..
أسأل هنا: ما هي صور الديمقراطية في الاسلام تلك التي أشار اليها الوردي؟ عن أي ديمقراطية يتكل عام الاجتماع؟ هل عن ديمقراطية السقيفة؟ أم ديمقراطية تنصيب عمر بن الخطاب؟ أم ديمقراطية فوز عثمان بن عفان؟ أم ديمقراطية تولي علي بن ابي طالب؟ ام ديمقراطية سيطرة معاوية ابن ابي سفيان على مقاليد الحكم؟ الحقيقة استغرب وانا انقل من كتب أصدرها الراحل الوردي في عامي1954و 1955 أي ان الضغوط السياسية عليه يمكن استيعابها ان لم أقل لا توجد.
وانا اعيد قراءة ما ورد في هذا المقطع قفز امامي البيان الأول "للثورات/الانقلابات" التي مرت على العراق...التي "نهضت" جميعها "باسم الشعب ولآجل الشعب ومن الشعب"...وتذكرت ما حصل ويحصل اليوم من تذكير لما حصل في صبيحة14تموز1958 في بغداد وكيف انتقلت هذه الحالة عبر أجيال وستتناقلها الأجيال وقد سُجلت في تاريخ العراق وحيكت عليها اراء وردود متضاربة وتطرق لها الراحل الوردي حيث كما قال وكتب انها قلبت الكثير من قناعاته. فكيف بتلك الاقاويل والحكايات التي وصلت عن/على ما جرى قبل أكثر من 1400 عام.
ثانياً. في ص145 وعاظ السلاطين كتب: [فلو ان عثمان استطاع ان يخلع نفسه في اللحظة الأخيرة لكان من المحتمل جداً ان يتولى الخلافة علي بن ابي طالب. ولو تولاها علي آنذاك لسار التاريخ الإسلامي سيرة غير السيرة التي عهدناها] انتهى
اقــــــــــول: الرجاء الانتباه الى التالي في المقطع الأخير:
1."فلو ان عثمان استطاع ان يخلع نفسه" انتهى...
أقــــــــــول: لا اعرف هل خَلْع الخليفة لنفسه وارد في الإسلام أي هل هناك سابقة في ذلك ليقتدي بها الخليفة عثمان بن عفان؟ هل هناك نص قرآني او حديث نبوي بهذا الخصوص حتى يستند عليه الخليفة ليخلع نفسه؟ الا يحق للبعض ووفق الطرح الذي ورد في "اولاً" أعلاه ان يقول عن تولي الخليفة عثمان بن عفان واحد من وجوه الديمقراطية؟
هنا يطرح الوردي طرح غريب بخصوص خلع الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان نفسه و"لكان من المحتمل ان يتولى الخلافة علي بن ابي طالب" وابن ابي طالب هو من استلم الخلافة بعد مقتل عثمان وجرى ما جرى بعدها.
يبدوان الوردي يضع احتمال"لوخلع عثمان نفسه لكان من المحتمل جداً ان يتولى الخلافة علي بن ابي طالب" قد يتحقق هذا الاحتمال وقد لا يتحقق
اسأل الوردي: إنْ تحقق وتولى الخلافة علي بن ابي طالب فهل يحصل غير الذي حصل؟ هل تقبل قريش بذلك إذا كانت ترفض تولي علي بن ابي طالب الخلافة وأرادت وئد الثورة حتى لو ضحت بالخليفة؟
ماذا سيكون موقف علي بن ابي طالب لو لم يبايعه معاوية او قريش كلها؟ هل من الصعب على قريش ومعاوية إيجاد عذر اخر وهو أيضا "قميص عثمان" ليس الذي تمزق انما القميص الذي البسه الله أي الخلافة كما ورد عن الحوار بين ابن عامر والخليفة؟ اليس سهلاً رفض البيعة بحجة ان خلع عثمان من الخلافة كان فتنة وسابقة في الإسلام دون نصوص وهذا كافي لعدم البيعة والإصرار على عودة الخليفة عن قراره؟
ولو لم يتحقق تولي علي بن ابي طالب الخلافة لأي سبب وهو احتمال ايضاً، من كان يمكن ان يخلف عثمان؟ هل هو معاوية بن ابي سفيان رجل قريش المتنفذ القوي مثلاً وماهي النتيجة؟ هل يبايعه علي ابن ابي طالب ويقبل بالأمر الواقع كما بايع أبا بكر وعمر وعثمان من قبل و لكل حالة ظروفها أم يعلنها حرباً شعواء كما اعلنها و من معه حرباً شعواء على عثمان كما يتهمه الوردي؟ ومن كان الأكثر تنظيماً وعدداً وقوة ومالاً معاوية بن ابي سفيان ام علي بن ابي طالب؟
فما هو الفرق بين الحالتين؟ ماذا سيفعل الثوار ومعهم الخليفة الجديد بالخليفة المخلوع؟ هل يطلق عليه الخليفة المخلوع او الخليفة السابق او الخليفة المتقاعد؟؟؟ وهل تسكت قريش ولا تعتبر ان قميص عثمان أي الخلافة خُلع/ت عنه عنوة وبشكل مُهين له كرجل كبير السن وكخليفة المسلمين؟ هل قريش ومعاوية في المقدمة منهم يقبل/تقبل بتولي علي بن ابي طالب؟ وهل يتركوا "تآمرهم" ويزيحوا "مطامعهم وطموحاتهم" في الخلافة جانباً ويبايعوا علياً؟؟؟؟ وهم من اخترعوا بن سبأ وهم من أرادوا قتل الخليفة قبل ان يخلع نفسه!!!! كما ذكرنا نقلاً عن الراحل الوردي في السابقات. ومن يضمن لو تولى الراشد الربع علي بن ابي طالب بعد خلع عثمان لنفسه ان يسير التاريخ الإسلامي غير تلك المسيرة المعروفة التي سارت فيها الأمور في خلافة الراشد الرابع الشيخ علي بن ابي طالب؟
هذه العبارة " فلو ان عثمان استطاع ان يخلع نفسه...الخ" تعني اما:
- ان الخليفة مُجبر تحت ضغط كبير خارج إرادته دينياً يعني انه متمسك بحقه في استمرار خلافته ويدافع عن ذلك الحق حتى الموت. وهذا ما جرى، وقتله هنا هو هدر دم وكرامة خليفة المسلمين ويكون بذلك شهيداً وقتلته "من قتل مسلما من دون حق كأنه قتل المسلمين جميعاً".
- ان الخليفة مجبر تحت ضغط أو تهديد اتباعه والمحيطين به لذلك لم يستطع خلع نفسه...وهذا غير واضح ولا دليل عليه ودليلنا على ذلك انه لم يٌقتل أحد من المهاجمين ولم يقتل أحد من المدافعين.
وفي الحالتين كانت له القدرة على مواجهة الثوار بواسطة اتباعه ويمكن له ان يستنجد بولاته في الامصار التي لم تتحرك "شعوبها" لنصرة الثوار والدليل هو انه لم يتم قتل أي من الولاة فيها كما قُتِلَ الخليفة. قد يقول قائل ان الولاة امتنعوا عن نجدته ويسطر لنا الراحل الوردي بعض تلك الاقوال التي استغرب كيف اقتنع بها واعتمدها.
كتب الوردي في ص144 وعاظ السلاطين: [حاصر الثوار عثمان، وأرادوا منه ان يخلع نفسه أو يقتلوه. فلماذا لم يخلع نفسه؟] انتهى
هذا سؤال غريب لا اشعر ان هناك وعي او امانة في طرحه... أليس من حق الخليفة ان يموت شهيداً على أن يعيش ذليلاً تحت تسفيه وتحقير البعض" الخليفة المخلوع ""الخليفة السابق" "الخليفة المتقاعد" حيث لا يوجد من يحفظ له كرامته...لأنه لو كان هناك أحد لكان حفظ حياة الخليفة وهو في أواخر العمر. وقد كتب الوردي التالي في ص139 وعاظ السلطان: [ان الثورة على عثمان لم تكن منظمة فكانت تلهج بمبادئ العدل والمساواة ولم تضع خطة عملية لتحقيقها. ومن يدري فلعل معاوية استفاد من هذا الوضع فدفع بعض المأجورين الذين كانوا يتظاهرون بالإخلاص للثورة ويعملون في الخفاء على توريطها] انتهى
ثم اين كان الحسن والحسين أولاد علي بن ابي طالب المكلفين بحراسة الخليفة كما يقول الوردي؟
انظروا اين اخذتنا عدم الدقة وسوء الفهم...بحيث أوصلا القارئ الى ان علي بن ابي طالب وأولاده هم من قصروا في حماية الخليفة، إمامهم وامام المسلمين جميعاً. الوردي كما اعتقد كان يتصور انه بهذه الطروحات يُعظم من علي بن ابي طالب وأولاده وهو غير واعي الى انه اهانهم وخَّوَنهم.
في ص 119 مهزلة العقل البشري كتب التالي: [اما علي فقد اعطى الناس جميعا على حد سواء لا فرق فيه بين مسلم قديم و مسلم حديث فكرهه الرؤساء و الوجهاء و انفضوا من حوله ثم جروا وراءهم اتباعهم] انتهى
اقــــــــــــــول: وماذا فعل أبا بكر...هنا ليس انحرف عن النص القرآني وعن السنة النبوية.
وفي نفس الصفحة وأكمل: [وقد وصف علي الناس في عهده فقال: "الناس ثلاث: عالم رباني و متعلم على سبيل نجاة و الباقي همج رعاع ينعقون مع كل ناعق و يميلون مع كل ريح] انتهى
وفي ص 72 مهزلة العقل البشري التالي: [اما في عهد علي بن ابي طالب فالمجتمع كان بدوياً قبلياً في الغالب فكان رئيس القبيلة ينطق بلسانها ويسير بها حيث يشاء وكثيرا ما ينساق الافراد وراء رؤسائهم نحو ما يضرهم وهم لا يشعرون] انتهى
أقـــــول: انظروا كيف يبرر الراحل الوردي ما حصل في ولاية علي بن ابي طالب.
اسأل هنا: هل كان المجتمع في زمن عثمان وعمر وأبا بكر ومحمد غير بدوي وغير قبلي أي يختلف عن المجتمع وقت علي؟؟؟
هكذا الراحل الوردي عندما يريد ان يبرر او يغلف او يتحيز.
في ص74مهزلة كتب التالي: [وجدنا علياً في اخر أيامه كولده الحسين وحيدا حيث تعاونت عليه ذئاب البشر من كل جانب فلما ضربه ابن ملجم على راسه بالسيف هتف قائلاً "فزت ورب الكعبة" والواقع انه فاز بتلك الضربة فنجى من هذه الدنيا بعد ان اعطى للبشرية درسا لا تنساه من ان الناس يحبون الحق بأقوالهم يكرهونه بأفعالهم] انتهى
أقــــــــــــــــــــول: كيف تقول يا سيدي الوردي: [ولو تولاها علي آنذاك لسار التاريخ الإسلامي سيرة غير السيرة التي عهدناها] انتهى
هل سيكون المجتمع غير بدوي؟؟؟
ثم أن من يُضرب على رأسه بشدة تلك الضربة مهما كان ...ستنشل كل قواه ويخر الى الأرض لا يستطيع ان يتكلم ولا يستطيع ان يصيغ عبارة بشدة وقوة هذه العبارة المنسوبة الى الخليفة الراشد الرابع الشيخ علي بن ابي طالب...ان هذه العبارة لا تضيف لتاريخ هذا الرجل الكبير قيماً ومواقف وتأثير وأثر...هذه العبارة كما اعتقد انها أضيفت بعد فترة طويلة من وفاة الخليفة الراشد الرابع الشيخ علي بن ابي طالب من محبيه تعظيماً له...لكنهم اعتقد انهم اخطأوا في ذلك فهو اعظم من تلك الحكمة.
..................
يتبع لطفاً