مع تنامي سطوة الأحزاب الإسلامية الإخوانية والمذهبية الطائفية في الشرق الأوسط ، تصاعدت أيديولوجية العداء للمكونات العرقية لمجتمعات بلدان الشرق الأوسط ، وبصورة خاصة في العراق بعد 2003 ، على أيدي متشددين إسلاميين من كلا المذهبين الإسلاميين في العراق ، حيث إنبثقت  جماعات ومافيات مسلحة تهتدي بشريعة المذهبين تجاه معتنقي الديانة غير الإسلامية ، متخذة طابعا عنفيا لإستهداف المسيحيين والصابئة المندائيين في وسط وجنوب العراق.

وتوسعت حملاتهم ونشاطاتها المبطنة لتشمل بشكل واسع بقية المكونات المجتمعية اﻷخرى ، بعد أحتلال داعش لثلث أرض العراق، وهي تدعي محسوبيتها للحشد الشعبي والعشائري بينما هي قوات مسلحة سائبة تعمل لصالح من شكلها من قوى ومافيات تتحرك بقوة السلاح خارج نطاق الدولة ، فقامت بعمليات قتل وتهديد وإختطاف ، زارعة بذلك الهلع والخوف بين أوساط الناس غير المسلمة ولضمان حياتهم ( المسيحيين والصابئة المندائيين) إضطروا لبيع ممتلكاتهم ، بأبخس الأثمان واللجوء إلى أماكن آمنة ، بينما البعض الآخر ترك منازله وهرب خارج العراق على أمل العودة اليها ، ومع تزايد وسائل وفرص التزوير ، زورت وثائق تمليك ممتلكاتهم لضعيفي النفوس ، بعمليات بيع وشراء و لعدة مرات لتغييب مراحل تلك العمليات الوهمية من البيع والشراء ، ومع

 تموضع وصعود الطائفية في نهج الحكم ، أدخلت الفرقة والكراهية في عقول البعض من البسطاء الإسلاميين من كلا المذهبين ، وأحتدم الصراع بين المذهبين السائدين في المجتمع العراقي، والذي إستقبل بعفوية ما صبت عليه دول الجوار القريبة والبعيدة من زيت زاد من أسباب إفشال العملية السياسية التي قامت على  أسس ديمقراطية ، شعرت بأن إنتعاشها وتطويرها سيهدد أنظمتها السياسية ، فوجدوا في الحلقة الضعيفة التي أجمعوا عليها، وهي العمل على كل ما من شأنه المساعدة في تهجير المكونات العرقية من أرض الرافدين ، أرض ألأجداد قبل آلاف السنين . وتضييق الخناق على من تبقى منهم ، في ممارسة شعائرهم الدينية وحتى حقوقهم الوطنية ، وعند سيطرة داعش على ثلث أرض العراق جرت عمليات التهجير القسري وفرض الجزية ليدفعوها وهم صاغرون ، وإلا حد السيف ينتظرهم.

لقد مرت المكونات غير المسلمة في العراق والشرق الأوسط بمعاناة وأزمات إتخذت بحقهم في عهود مختلفة فحرم غير المسلم من التدرج في القوات الأمنية . أعلى رتبة عسكرية وصل اليها هو عقيد ، وابعد من المشاركة في الوفود والبعثات الدراسية ، وتواصل ممارستها في العراق بعد 2003 بشكل لا يتناسب وما قدموه من خدمات لرفعة سمعة البلد ، مما أثر ذلك على حقوقهم الإنسانية والوطنية ، ومع تواصل عملية التغيير الديمغرافي ، توافدت عوائل مسلمة للسكن في مناطق تواجدهم ، يشهد على ذلك إنشاء مدرسة تحمل إسم الخميني في سهل نينوى.

لقد تُرك المسيحيون وكنائسهم لوحدهم ، يحلوا صعوبات بناء ما هدمته الحرب على داعش وترميم بيوتهم . حتى أن الكنائس حول العالم لم تبد إهتماما متزايدا بالمسيحيين المضطهدين في الشرق الأوسط ، وبصورة خاصة في العراق ، بعد ما فرض التقشف نتيجة هبوط أسعار النفط ،  والحرب على داعش ، وذهاب الملياردات لجيوب مسؤولي الاحزاب والكتل ، نتيجة الفساد والسحت الحرام ، مما أدى إلى توقف المشاريع وخاصة الخدمية ، فأضحى إنعاش البنية التحتية في مناطفهم في حكم المنسي ليومنا هذا.

لقد بلغ عدد عقارات المسيحيين التي تم الإستيلاء عليها بدوافع طائفية 23 ألف عقار ، وظهرت في المحاكم دعاوى كيدية بالتعاون مع بعض المنتفعين في دوائر التسجيل العقاري في المدن كما حصل في المدائن ، ومع غياب الإرادة القوية الصادقة في محاربة الفاسدين ومافيات سرقة المال العام  بهذا الشكل أوذاك ، تصاعدت أصوات بعض القائمين على مواقع القرار في التصدي لمحاولات تفكيك المجتمع العراقي وإعادة تآخي مكوناته إلى ما كانت عليه قبل نصف قرن ، مقتصرا على الأقوال لا اﻷفعال ، مما أدى إلى فقدان أمل الكثير من المسيحيين والصابئة المندائيين والأيزيديين بعراق يتمتعون فيه بكافة حقوقهم الإنسانية والوطنية ويمارسوا شعائرهم الدينية بكل حرية وإطمئنان ، تصونه مواد الدستور الذي صوتوا عليه ، والتي نصت على كل مواد واضحة لم تجد النور في تطبيقها إلا ما ندر وفي بعض الحقول.

إن ألأمل معقود على اﻹنتخابات القادمة ، وبما ستفرزه من قوى مدنية ديمقراطية وضعت التغيير والإصلاح والقضاء على الطائفية المقيتة التي سيدت الفساد في مرافق الدولة ، من خلال بناء دولة مدنية ديمقراطية تنشر العدالة الإجتماعية بين كافة مكونات المجتمع العراقي ، والتي وضعها إئتلاف سائرون في أوليات برنامجه الإنتخابي ، الذي أملته الظروف الموضوعية والذاتية التي يمر بها عراق اليوم  ، وزكاه تنسيق حراك المتظاهرين في ساحات التظاهر بكافة مدن العراق.

عرض مقالات: