يبدو ان الوقت ما زال مبكرا للحديث بجدية،عن موجبات التغيير الشامل في مسار العملية السياسية المعطوبة التي دشنت عهدها، ما بعد عام 2003 بسلسلة من المثالب والادران، العهد الذي اتصف بشراهة شديدة الاندفاع عما يمكن للمتصيدين، من رموز الحكم الجديد الذين وجدوا انفسهم في قلب السياسة بعد ان كانوا على حافاتها، للحصول على حصتهم من كعكعة تائهة لا وجود لمن يحرسها او يقوم بتوزيعها على اصحابها الشرعيين وفقا للنصوص الدستورية. ولكي يحصلوا على هذا النصيب المبتغى فان عليهم البحث عن فلسفة ترسخ لهم مطامحهم فوجدوا في (تابو) المحاصصة الطائفية الاثنية خير من يتوافقوا عليه خارج اطار الدستور الذي اسهموا هم في كتابته وابتعدوا عما لا يلائم طموحاتهم من مواده ومنذ ذلك الحين والناس تشكو العوز والفاقة وتتأمل خيرا وتستغرق في احلامها حتى تبيّن الخيط الابيض من الخيط الاسود حينما انكشفت حقيقة تلك الوصفة، التي اختاروها لاستمرار عملية سياسية مشوهة، لم تكن سوى حيلة وخدعة كبيرة.
ان افضل سبيل للإثراء والابتزاز مضمون بأريحية اثبتت نفعيتها طيلة الفترة الماضية تتجسد بتوزيع المناصب الوزارية بين أمراء الطوائف الذين لم يتركوا في الحقيقة شيئا لمكوناتهم التي يزعمون تمثيلها فالوزارة بالنسبة لهم مشروعا اقتصاديا وبقرة حلوبا تدر على اصحابها مليارات الدولارات حتى اصبح هؤلاء الأمراء من أكثر الناس ثراء ووجاهة وقربا من صناعة القرار وأكثر تأثيرا في تحديد مسار العملية السياسية وبناء قاعدة مستقبلها مجهول النهايات وهكذا انعكست مضامين هذا النهج في تشكيل الكابينة الوزارية الاخيرة التي ولدت هجينة لا تتلاءم مع تعهدات كتل سياسية اعلنت جهارا نهارا عن وزارة تتشكل من وزراء تكنوقراط من النزيهين واصحاب الخبرة غير ملوثين بشبهة الفساد لكن حساب الحقل غير حساب البيدر فقد تم تشكيل الوزارة بطريقة التقسيط المريح المنسجم مع حسابات بعض الكتل التي تركز على وزارات بعينها وليس فقط على مبدأ المحاصصة في التشكيلة الوزارية فجاءت التهم تلاحق البعض من الوزراء بتهم الفساد او الارهاب الذين لا احد يستطيع تخمين الموقف البرلماني منهم في ظل هذه الصورة من التدافع والمضي في تعطيل التشكيلة الحكومية وفق المواصفات التي سمعنا الكثير عنها حتى درجة الملل اذا كان الوزير في خدمة كافة العراقيين وانه مطالب بتنفيذ برنامج حكومي حظي بموافقة معظم الكتل الممثلة في البرلمان وعلى وفق منهجية جديدة على انقاض منهجية سابقة تآكلت وافتضح امرها كما تجمع معظم تصريحات الكثير من السياسيين الا يؤكد هذا التزمت في توزيع المناصب على اساس المحاصصة التي صنعوها بادواتهم عن سبق اصرار هو ما يقف وراء المكاسب والاطماع الحزبية والفئوية والجهوية والقطاعية؟ ثم لماذا الاصرار على منح وزارتي الداخلية والدفاع لكتلتين طائفيتين تقاسمتاهما بموجب العرف الذي توافقت عليه تحت الطاولة؟ ولماذا هاتان الوزارتان المسؤولتان عن حفظ امن البلاد والعباد هل التشكيك الذي يساورهما او الخوف من بعضمها البعض ام ان هاتين الوزارتين تحظيان بأكثرية التخصيصات المالية من موازنات الدولة وبالتالي يمكن ان يكونا وعاءين لتدفقات مالية كبيرة لم يحسن غيرهما الحصول عليها ام ان جهة خارجية ما وزعت الادوار بينهما دون اي حساب للوطن وابنائه الذين يأنون تحت وطأة قلة ذات اليد وحرمانهم من مقومات الحياة الطبيعية الذين يستحقون التمتع بحصتهم من ثروة البلاد المهدورة بدون وجه حق .فهل من مجيب ؟

عرض مقالات: