تحملت جماهير شعبنا مآسي ومردود الثلاثي الاسود (المحاصصة… المحسوبية .. والفساد )الذي تغطت به الأحزاب والقوى الطائفية طيلة خمسة عشر عاما لتجهض العملية السياسية وتنهب خيرات البلاد وتراكم ثرواتها بالسحت الحرام ، تُريد حاليا مواصلته في المراكز الإدارية والأمنية عبر دخولها التشكيلة الوزارية الجديدة ، بعد أن نكثت بما تعهدت وتفوهت به أمام الشعب بصيانة حرية المكلف بإختيار الكابينة الوزارية ، بممارستها في الغرف المغلقة ، الضغط بعناد طفولي وزعل مصحوب بتراشق كلامي وتهديد ، إذا لم يُلب إستحقاقها الإنتخابي ، مما أدى إلى أن تُولد  الكابينة الوزارية مبتورة ، حيث   لا يروق لها أن تتحقق للجماهير الشعبية الفقيرة أحلامها عبر حكومة أبوية قوية تبنت برنامجا طموحا جاء مجسدا  لأغلب مطالبها  ومتماهيا مع مستوى ما تُتيحه تحديات الظروف الملموسة التي يمر بها الشعب والوطن . فبمجرد ذكر بعض اﻷسماء في قائمة الكابينة الوزارية حتى لاح في الأفق بأن هناك مساعي رامية لفرض توازن بين قوى الأجندتين الأمريكية والإيرانية الراعيتين  للثالوث الاسود  ودوام مسيرته التي عرقلت تخليص الوطن كليا منه ، وليحصل  الفاسدون على فرصة أربع سنوات أخرى لا تُفتح فيها ملفات فسادهم وتزويرهم ومحاصصتهم ومحسوبيتهم ، التي غصت بها رفوف هيأة النزاهة ، أملا في أن الجماهير المهمشة ستتناسى المطالبة بنبشها ، سيما وأن حماة الدستور تفوهوا بمكافحتهم لها فحسب ، دون الإشارة لفتح ملفاتها السابقة ، بحجة أن فتحها سيعرقل مساعي الحكومة الجديدة في تحقيق برنامجها، تيمنا بمقولة عفا الله عما سلف ، على الرغم من أن الجماهير لا زالت متمسكة بمطلبها الداعي لفتح ملفاتها ومحاسبة المسؤولين عنها ، وعدم الخضوع لضغوطات مريدي الثالوث الاسود تحت يافطة الإستحقاق الإنتخابي .وبذلك تتخلص الجماهير الشعبية كليا من تأثيرها المعرقل بناء دولة مدنية ديمقراطية تضمن الحياة الحرة الكريمة للناس جميعا.       

تشكلت الحكومة مبتورة من أهم مكوناتها (لحين الإتفاق بين التحالفات على الوزات الأمنية وإرضاء بعض مطالب المكونات الأخرى)  في أجواء أجراءات تعسفية تتحرش بالديمقراطية الهشة اصلا ، من قبل بعض المتنفذين في المحافظات لفرض ثقافتهم الغريبة عن ثقافة ومفاهيم الشعب العراقي ، وكأن ضوءا اخضر برز أمامهم بعد زج أسماء بعيدة عن الحقل الذي سيُشغلوه ، كي يتواصل تهميش كوادر الوطن العلمية و مثقفيه ، حاملي تراثه الأدبي والثقافي ، ليتم القضاء تماما على ما كنا نصدره للشعوب من مبادرات وأحلام . فقد كانت محافظة واحدة تصدر من  المجلات والكتب ما لا تصدره حكومات الأحزاب المتبنية للثالوث الأسود لا نوعا ولا عددا. 

لقد برز في صفوف شعبنا من الفنانين والممثلين والعلماء والمفكرين والشعراء والكتاب ما يملؤنا زهوا وغرورا في المنطقة ، وكانت الناس تتهافت على شراء الصحف ، وأضحت صحفنا اليوم تواصلا مع فترة الحكم الدكتاتوري لا ثُشترى  لكون ما تكتبه لا يستحق الحفظ ، فتدنت الثقافة ، وإتسعت الأمية بين صفوف الناس ، بتسرب التلاميذ من المدارس لمتطلبات الحصول على رغيف الخبز ، فمنذ تعرضنا للإصابة بمرض فقر النهم الثقافي الذي أرتبط عضويا  بإفقار الشعب إقتصاديا إختفى التوازن المجتمعي بطرق مختلفة ، فنست الناس شهية المبادرة والتخطيط، خاصة بعد أن تحولت كوادرنا العلمية والثقافية التي أنهكت عمرها في نيل الشهادات لموظفين صغار في مؤسسة (إن حالف أحدها الحظ بفرصة عمل) يقودها من له منكبان واسعان وكثرة من المحسوبين.

 كنا نتقول بما نكتب وحولنا نهج الثالوث الأسود إلى أن نعمل بما لا نفكر به ونكتبه ، وزاد الطين بله عدم تسهيل عودتنا للوطن ، لنبقى نخدم الغرباء ، وننسى ما تفعله ىأخوات كان وإن عند دخولهما على المبتدأ والخبر ومتى تُكتب الضاد أخت الصاد  والظاء  أخت الطاء . (وهنا أقدم الشكر الجزيل للمجهول في موقع الحزب ، الذي يصرف وقته في تصحيح أخطائي الإملائية والقواعدية) . مع كل ذلك لا زال حلمنا يدق في وادي أهدافنا ومطالبنا من حكومة العهد الجديد لتخلصنا كليا من مآسي وويلات الثالوث الاسود وليس البعض منه ( نصف المحاصصة مثلا ) وأن نتواصل مع تاريخنا وماضينا الثقافي والحضاري ، وننبش أعشاش الثالوث الأسود في الدوائر الإدارية والامنية عبر حراكنا وتظاهرنا السلمي بزخم أعلى من السابق ، لتصان كرامة وقيم الروح الوطنية العراقية ومحاسبة من اساء اليهما من مَن لا زال مرابضا في عش الثالوث الأسود ( المحاصصة.. المحسوبية.. الفساد).    

عرض مقالات: