من المعلوم أنَّ عمليةَ التنمية الاقتصادية، شكلت في عقود القرن الماضي إحدى أبرز الاهتمامات الكبرى للقيادات الإدارية في الدول المتقدمة والناهضة - من مجموعة الدول النامية - على حد سواء، بالإضافة إلى أنَّ هذه القضية الحيوية، ماتزال تحتل صدارة أولويات البرامج الحكومية في البلدان المتخلفة التي في طليعتها البلدان العربية، بوصفها الخيار الرئيس والأكثر رجوحا الذي بوسع معطياته تدعيم مهمة الانعتاق من أسر التخلف الاقتصادي الذي فرضته سياسات الدول الاستعمارية على الشعوب المقهورة.

لا رَيْبَ أَنَّ المواطنَ العراقي المبتلى بخيبات القيادات الإدارية ومرارة الشعور بالإحباط واليأس تجاه إخفاق ما تعاقب من حكومات المحاصصة في برامجها التنموية، وبشكل خاص في مجال الخدمات البلدية والاجتماعية، يتطلع اليوم إلى سعيِّ الحكومة القادمة لإقرار الخطط الواعدة التي بوسع برامجها تحقيق ما يفضي إلى المساهمة في تحسين الواقع المعيشي والخدمي لجميعِ الشرائح الاجتماعية ولو بنسبٍ مقبولة؛ إذ يصح القول إنَّ العراقيَ الخارج توا من أتون أكثر التحديات الوطنية شراسة المتمثلة بالحرب ضد الإرهاب، ما يزال يمني النفس في استبدال حكومة كفاءات وطنية بحكومة تكنوقراط تقوم بالأساس على أسلوب المحاصصة؛ لأجل تبني مشروعات تنموية من شأن مخرجاتها المساهمة في رفاهية الشعب وتحقيق استقراره الاجتماعي.

ليس بالأمرِ المفاجئ القول إنَّ نجاحَ الحكومة العراقية المقبلة في إعداد قانون واعد لموازنة تنموية الهياكل البنيوية، يُعَدّ في طليعة تلك المشروعات المرتجاة، والتي بمقدور آليات برامجها التأثير الفاعل في مهمة الانتقال بالبلاد إلى مرحلة تحقيق أماني الشرائح الاجتماعية، فضلَا عن كونها أكثر تعبيرا عن تغطية حاجاتهم. لعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أن هذا الانعطاف المأمول يفرض على الحكومة المقبلة الركون إلى ما متاح مِن التدابير في عملية بناء قانون الموازنة العامة، والتي من بين أبرز مرتكزاتها الرئيسة، التخطيط بشكل جدي لإقرار ما بوسعه من البرامج التنموية الكفيلة بتدعيم مهمة زيادة موارد الدخل، فضلًا عن جملة الإجراءات الأخرى التي بوسعِها المساهمة في تطوير جميع قطاعات البلاد.

إلى جانب ما تقدم، فإنَّ من بين السياسات الاقتصادية المهمة التي تفضي إلى إحداث تطور في عموم مفاصل العملية الإنمائية، هو التشجعِ على تنمية الإنتاج بما تباين من أشكاله، ولاسيما قِطاعات الزراعة والصناعة والسياحة، فضلًا عن التمسك بمهمة إعادة بريق المنتج الوطني من خلال تأهيل المصانع والمعامل الحكومية التي تعرضت إلى التوقف منذ عام 2003م، بالإضافة إلى العمل على دعم القطاع الخاص بتنفيذ ما يقتضي من التشريعات القانونية النافذة وتنمية موجوداته من خلال فتح ما أغلق من أبواب المصانع والمعامل والورش الإنتاجية الّتي ما يزال الصدأ يعلو مكائنها؛ لأجل زيادة الإيرادات المالية للدولة، والتي تتوقف عَلَى تهيئة متطلبات النهوض بواقع الاقتصاد الوطني، وعدم اقتصار مهمة رفد الخزينة العامة بالأموال على العائدات المالية المتحققة من مبيعات النفط الخام.

في أمان الله.   

عرض مقالات: