لم نستغرب ولم نندهش ونحن نشاهد الاساءات التي وجهها الجزائريون الى فريق القوة الجوية، وهي لم توجه الى الفريق فحسب، بل الى كافة العراقيين والى بلدنا العراق، الوطن الذي لا ذنب له في هذا النهش البهيمي من قبل أفواج من الرعاع والعدوانيين المشحونين طائفيا بطريقة مخطط لها مسبقا، ناهيكم عن العقول المشوهة والقناعات الرثة التي ما زالت عالقة في اذهان الكثير من العرب، وشعوب المغرب العربي، ونقصد هنا العرب الذين هلّلوا وصفّقوا وباركوا أفعال طاغية العراق وزمرته الجبانة، بممارسة الخداع الذي ما زال يفعل فعلته في عقول أجيال تعاقبت منذ حدث احتلال الكويت، حين لعب على مشاعر السذج واطلق صواريخه الكارتونية على إسرائيل، التي استفادت كثيرا عطفا دوليا وتعويضات مادية كبيرة، تيقنا خائبا منه بانه سيكسب ود العرب، ويسعى الى حمل وسام الاعجاب والتمسك بقيادته كما كانوا يعدّونه قائد الأمة العربية، ليزيح عن الصدور ما تراكم من ضيم وحيف، كان يعرفه بخبث، وهم في انتظار المخلص ليصفق له الجميع، وكان يعرف بحكم سلوكه الشيطاني وعقليته العدوانية الخبيثة، بأن ذلك هو السبيل الوحيد لجر العرب الى صفه، خصوصا أولئك الذين يعانون من قمع انظمتهم على امتداد البلاء العربي، مثلما قام قبلها بالحملة الإيمانية ليدغدغ مشاعر السلفيين والظلاميين، داخل وخارج العراق، وهنا تكمن الحيلة الشيطانية، ليتلاعب بأحاسيس ومشاعر الناس باتجاه الشحن (الوطني) ضد انظمتهم، ومحاولة "تنظيف" ملفه الاجرامي الذي له اول ولا ينتهي أبدا، بمسلسل رعب لا يعرف وطأته إلا العراقيون المبتلون بالجلد اليومي ومصادرة آدمية الأبرياء واعمارهم، قتلا ونحرا وتعذيبا ساديا حتى الموت، دون أن يرف له ولأزلامه جفن أو عاطفة مطلقا، وهذا ما لا يعرفه البسطاء من العرب، ويعلمه جيدا كافة المثقفين العرب، ممن كانوا يعرضون بضاعتهم الخسيسة لكسب حفنة من بركات السحت الحرام من أموال العراقيين الذين كانوا يرزحون تحت وطأة القمع اليومي.
هنا نحن نتكلم عن أجيال الثمانينات والتسعينات الذين عاشوا تفاصيل ما حدث، بقطيعة فكرية وانتقائية، مقصودة وغير مقصودة، ليميزوا بين طاغية وطاغية، فكانوا يعتبرون البشير والقذافي وحسني مبارك وابن علي وغيرهم طغاة شعوبهم الذين يستوجب معاقبتهم لما اقترفوه من جرائم وتجاوزات بحق شعوبهم، أما طاغية العراق فاعتبروه بطلهم القومي الذي سيقودهم لاستعادة الكرامة المهدورة، وحين تسأل أيا منهم عن حجم الجرائم التي اقترفها صدام وازلامه بحق العراقيين لأتفه الأسباب، حتى وصلت أساليب نحره لأقرب المقربين له من "رفاق" وأفراد عائلة، لا يصدقون، ولنا في هذا الأمر شواهد كثيرة، وأخص بالذكر هنا في المغرب المندفعين جدا بالانبهار بهذا الطاغية المخيف الذي اذا ما جمعنا تجاوزات كل طغاة الكون وما فعلوه من بطش، لم يصل الى ربع ما قام به صدام من فضائع لا يمكن تصورها، وحين نقترب منهم ونشرح لهم حجم الجرائم التي قام بها صدام تتغير بوصلة قناعاتهم تماما، ولكن من يدور في فلك صدام وبطانته، تعدادهم بالملايين فكيف لك أن تقنع هذه الشعوب التي تحتاج الى وعي اعلامي وتجنيد كبير لعمل المثقفين والإعلاميين ووسائل اتصال بقناعات لا يطولها الشك، لتغيير تصورات الناس خصوصا شباب اليوم اليافع المولود بعد ذهاب المقبور صدام الى حتفه المحتوم، تلك التصورات التي دسها في اذهانهم الفتية من هم اكبر منهم سنا وتعايشا مع الأحداث، ولكونهم قد توارثوا عشقهم لذلك الدكتاتور عن طريق ابائهم أو تسويف الحقائق التي كان تتحمل ثمن شراء الذمم ميزانية العراق التي افقرتها الحروب والمغامرات الغبية وهبات "القائد" لكل من هب ودب ، وهم على ذات القناعات والعشق الملهم لأوسخ وأقذر مخلوق كوني، يحتاج الأمر الى مجهودات إعلامية كبيرة وتسخير أقلام تتصدى لتصورات فاسدة كهذه.
طيلة عقود المحنة كتبنا عشرات المقالات تناولت الموضوع ذاته وبتشخيص دقيق وبلغة خطاب مقنعة وموثقة، تمكّنا من خلالها من تنظيف غالبية عقول القراء ممن كانوا يحملون فيروسات ونتانة "البروبغاندا" البعثية، إنما ما نلاحظه ان غالبية الكتاب من العراقيين وللأسف الشديد، لا يولون هذا الأمر ما يستحق من الاهتمام والعناية، باعتباره عملا وطنيا وواجبا أخلاقيا وحملا موكولين به لإعادة الاعتبار الى بلدهم الذي تناله الألسن الرثة من الأعراب يوميا، ونلاحظ أن مثقفي السحت الحرام من الأقلام المأجورة ممن كانوا مقربين من النظام القمعي وممن نالوا ما نالوا من أموال وهبات وسمسرة فكرية منحطة، ما زالوا يكتبون ويدافعون ويدبجون مقالات عن نظام البعث المأجور وفاء لولي نعمتهم المعدوم، لكونه كان السبب فيما هم عليه من امتيازات وقصور وفلل واموال، ما زالوا يتنعمون بها، ولذا وجب عليهم أن يعبروا عن وفائهم (لبطلهم القومي) الجرذ الذي أخرجوه من حفرته القذرة ذليلا، جبانا، وخسيسا، أساء كثيرا للشموخ العراقي المعروف لدى منعدمي الضمائر والقيم.
فلا غرابة أن نشاهد ما فعله متفرجو الجزائر من إطلاق شعارات طائفية وتمجيد لطاغية العراق، لأنهم أنصاف متعلمين ولا يعرفون غير "الهيب هوب" وأغاني الراب، فاشلون دراسيا وعدوانيون ومدمنون على المخدرات وحبوب الهلوسة، فلا مؤاخذة عليهم، بل من يتحمل المسؤولية هي الدولة العراقية، ان كانت لدينا دولة حقا، بتنظيم عمل اعلامي كبير يتعدى العراق ومناطحاتهم السياسية، والاستعانة بكفاءات إعلامية ومثقفين عراقيين لهم القدرة على تحديد الخلل ومعالجته بطريقة مهنية وعلمية، وتجنيد العقول العراقية الفاعلة، يساندهم الشرفاء من المثقفين العرب ممن يحملون اقلاما نزيهة وضمائر منصفة، لا أن نأتي بأفواج ممن يدعون أنهم اعلاميون وهم لا يفقهون مهنة الإعلامي الحقيقية، ثم وهنا الأهم إيجاد مراكز ثقافية في بلدان المغرب العربي، وتوظيف مثقفين ومبدعين قادرين على القيام بمهامهم الفكرية والتوعوية، واعتبار ذلك مهمة وطنية لا تقل في أهميتها وخطورتها عن مقاتلة داعش وفلول الارهاب، بتوفير كتيبات ونشرات وعقد ندوات ولقاءات وتنظيم منتديات دائمة يتم التخطيط لها بشكل مدروس وعلمي، هنا يمكن أن نتجاوز محنة العداء العربي متمثلا بشبابه السذج وفضح مثقفيه المرتزقة ونعيد كرامة العراقي وسمعة البلاد التي مرّغها الإعلام المعتمد على المحاصصة وتكليف كل من هب ودب للقيام بمهام إعلامية لا علاقة لها اطلاقا بالإعلام المهني القادر على القيام بوظيفته على اكمل وجه.
ليتوقع العراقيون عموما والقائمون على الرياضة في العراق، أن السلوك الهمجي العدواني ذاته الذي وقع في الجزائر، سيحدث في بلدان المغرب العربي، لاستمرار الشحن العدواني ضد العراق، ونحن اعرف بما نقول نظرا لإقامتنا في المغرب لأكثر من أربعين عاما، واطلاعنا جيدا على ما يدور هنا، علما أن ما حدث في الجزائر العاصمة، سيكون بمثابة الحافز القوى والأخطر الذي سيدفع الرعاع من الجهلة والمغرر بهم للقيام بالفعل العدواني ذاته وقد يكون الاعنف. رغم اننا واثقون بأن الشعب المغربي يختلف كثيرا عن ضياع الهوية للعديد من الجزائريين مع تقديرنا لبعض من كان يساندنا ويقف الى جانبنا من مثقفين ومبدعين جزائريين ولكنهم القلة.
لهذا المطلوب مؤقتا إيقاف كافة اللقاءات الرياضية مع هذه البلدان، والعمل على الشروع في إيجاد الحلول لتجاوز هذه المحنة، واتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها أن تعيد ولو قليلا كرامة الرياضي العراقي وكرامة العراقيين المهدورة.
وأخيرا اعرض على المغرر بهم من السذج اليسير من جرائم صدام حسين وزمرة البعث الفاشية، علّهم ينقّوا ضمائرهم من الشوائب التي تستوطنها، لإنصاف العراق الذي وقف بقوة وصلابة مع الشعب الجزائري في ثورته المباركة ضد الاستعمار الفرنسي وتحقيق التحرر والاستقلال، حيث كنا كل يوم ونحن صغار في المدرسة الابتدائية نقرأ في الاصطفاف الصباحي النشيد الوطني للجزائر "قسما بالنازلات الماحقات...والدماء الزاكيات الطاهرات"، قبل الاستقلال.
وللعلم فإن زعيمنا الخالد المرحوم عبد الكريم قاسم كان يخصص ثلث ميزانية العراق لدعم الثورة الجزائرية، وبإمكانكم العودة الى الوثائق، فهل يستحق العراق والعراقيون منكم مثل هذا الفعل الهمجي؟
وهاكم بعض جرائم "قائدكم" المقبور صدام:
* أقتل يا إبليس ما شئت منا واذبح من تريد.
*اجلد وانفي وعاقب على هواك .
*احفر لنا القبور الجماعية بالعدد الذي تريد وادفننا احياء.
*احرق قرانا واهدم بيوتنا وسوي المعالم بالأرض.
*أطلق الغازات السامة على أمتك المنكوبة لتقتل ما شئت من البشر الطاعنين في الحقد عليك.
*وحتى الاطفال مشاريع الحقد القادم، امحهم من الوجود.
*ابقر بطون الحوامل واقتل الأجنة التي قد تسّود عيشتك لاحقا.
*بدد اموال الوطن حيث تشاء.
* انفق ما شئت على مناسباتك الخرقاء لمجرد ان تبهرج نفسك وتحيطها بهالة من الادعاء الكاذب.
*اشتر الذمم والضمائر المتسخة التي بات ثمنها أبخس من التراب.
*حول دولتك الى دهاليز للموت والإقصاء والقتل المجاني ومرتعا لكل من عافته الأرض ليجرب على هواه طقوس الموت الرهيب.
* شن الحروب على جيرانك وأعلنها صرخة مدوية ضد الأجناس الاخرى.
* ادفع شبابك اليافعين الى محارق وأتون الحروب الرهيبة.
* ليمت من اجل بقائك الف، الفان، مائة الف، مليون، المهم ان يظل اسمك ملعلعا فوق البيوت التي ثكلتها حروبك.
* اقتحم بدباباتك ومدرعاتك الأحياء الآمنة واخرج كل من تطاول على سموك وانحره امام والديه وأطلق عليه الكلاب الضالة لتنهش لحمه وويل لمن يجرأ على البكاء من العوائل المثكولة بأبنائها.
* اقطع الالسن التي تطول قدسيتك.
* ابتر أطراف من تسول له نفسه التجرؤ على مقامك الرفيع ليخرق قوانينك القرقوشية.
* أوشم جباه الخارجين عن طاعتك.
* اقطع دابر كل أسرة تحمي ابنا لها قد يقول لا لحروبك الرعناء.
* الويل الويل للمارقين والرافضين لوصاياك والحمد لك وحدك والشكر لجنابك الكريم .
*أترك صنابير الموت مفتوحة على كل اتجاه ولا يهم من يموت ومن يحيى فداء لك أيها القائد الملهم.
نريد منك فقط ان تقول لا لأمريكا وسحقا لإسرائيل اللعينة ولتذهب الشعوب التي لا تحبك وترضى بظلمك وقهرك الى الجحيم.
ماذا دها هؤلاء العروبيين وما الذي يجري وكيف يفكرون، يا لضحالة البعض؟!

عرض مقالات: