مر عام على إجراء الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول 2021، والتي كان المنتفضون يريدونها مبكرة، لكن التسويف والمماطلة والمصالح الضيقة والتشبث بالسلطة ومغانمها، إضافة إلى كسب الوقت لإضعاف زخم الانتفاضة، حالت دون اجرائها الا بعد سنتين من المطالبة بها، وبعد تشريع قانون انتخابي فصل على مقاسات المتنفذين الحاكمين، وتضمن حتى تقسيم الدوائر الانتخابية وفقا لتوافقات لم تراع أية أسس منطقية.
وواجهت تلك الانتخابات عزوفا ومقاطعة واسعة للمشاركة فيها، تجاوزت نسبتها الثمانين في المائة من المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب. لذا جاء التمثيل الشعبي للبرلمان الجديد محدودا وفقا لكل المعايير، رغم فوز عدد من النواب المستقلين ومن المحسوبين على المنتفضين.
وجوبهت الانتخابات التي غيرت بحدود معينة تركيبة مجلس النواب، بمعارضة قوى لم تحصل على ما كانت تتوقعه من مقاعد، سواء بالطرق القانونية او بغيرها. لكنها في جميع الأحوال أفرزت برلمانا غير فاعل، تتحكم فيه القيادات السياسية المتنفذة، فيما لم يستطع المستقلون، لأسباب متعددة، تشكيل كتلة برلمانية ضاغطة مؤثرة.
مرت سنة من عمر البرلمان الجديد حدثت خلالها تطورات مهمة، منها انسحاب الكتلة الصدرية التي هي الكتلة الأكبر في البرلمان، ما قلص أكثر من المشروعية الشعبية التمثيلية والسياسية للبرلمان، فضلا عن فشله حتى الآن في ملاقاة الاستحقاقات الدستورية، ومن ذلك انتخاب رئيس الجمهورية، ومباشرة تشكيل الحكومة الجديدة. وفي الاثناء تزداد معاناة الناس يوما بعد آخر، ويرتفع منسوب السخط والتذمر وأجواء عدم الثقة بالحاكمين.
وأن استمرار هذا الفشل وحالة الانسداد السياسي، يؤشر أزمة هي أبعد من تشكيل الحكومة. إنها أزمة منظومة المحاصصة والفساد، ولّادة الازمات، وأن من المُلح اليوم المضي قدما باستخدام كل وسائل الضغط الشعبي والجماهيري السلمي، لدحر هذه المنظومة وفرض تشكيل حكومة ذات مهام انتقالية من عناصر نزيهة وذات كفاءة، بعيدا عن المحاصصة وأمراضها، حكومة تتولى مهمة إدارة الدولة وإعداد الموازنة، وتهيء مستلزمات إجراء انتخابات مبكرة خلال ستة أشهر لا أكثر من تشكيلها، ويكون مجلس النواب قد أقر خلالها قانونا عادلا للانتخابات. وبانتهاء هذه الإجراءات يحل مجلس النواب نفسه.
هذا هو الطريق الدستوري السلمي الآمن لإنقاذ بلدنا من الازمة الراهنة وتداعياتها المفتوحة على كل الاحتمالات السيئة، بما فيها احتمال تدهور الأوضاع الأمنية واللجوء إلى السلاح، الموجود بكثرة سواء منه المنفلت او غير الملتزم داخل مؤسسات الدولة.
إن الازمات المتتالية المصاحبة لحكم منظومة المحاصصة تطحن شعبنا، ومعها ترتفع معدلات الفقر والبطالة والمرض، ويتواصل عجز المتنفذين عن إيجاد الحلول والمعالجات. وليس متوقعا اليوم، بعد تجربة حكمهم المستمرة طيلة 19 عاما، أن يحققوا ما هو نافع للصالح العام. ذلك أن همّهم الأول والأخير هو مصالحهم ونفوذهم وسلطتهم، التي يتشبثون من أجلها بنهج المحاصصة الفاشل والمدمر. ولقد حان وقت الخلاص من ذلك كله، وتدشين صفحة جديدة تفتح آفاقا واعدة لغد الديمقراطية الحقة ودولة المؤسسات والقانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
12-10-2022