صادقت المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في 10 تشرين الأول الماضي، بعد تأجيل دام 79 يوما من إجراء الانتخابات، جرت خلالها تهديدات واحتجاجات وضغوط، مارستها قوى مختلفة منها خسرت الكثير من مواقعها البرلمانية السابقة.

إن المصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية، لا تعني أن العملية الانتخابية كانت سليمة وخالية من الثغرات والنواقص، وما رافقها من خروقات بيّنة منها شراء الذمم والأصوات وبطاقات الناخبين والاستخدام الواسع للمال السياسي والاستغلال الفظ لمؤسسات الدولة وعدم تطبيق قانون الأحزاب السياسية، وخاصة ما يتعلق  بحرمان الأحزاب التي تمتلك أذرع مسلحة من المشاركة فيها، وكذلك عدم الاستجابة للمطالبات بمحاكمة قتلة المتظاهرين والنشطاء، وعدم توفر الإرادة الكافية للقيام بحملات فاعلة لمكافحة الفساد، إضافة إلى حالات التلكؤ والتردد والارتباك في عمل المفوضية، وهيمنة الأحزاب المتنفذة عليها، خاصة على مكاتبها في المحافظات.

لقد تميزت انتخابات تشرين بمقاطعة سياسية وشعبية واسعة، فالنسبة المرتفعة للمقاطعين، والتي تتجاوز بكثير نسبة ال ٥٩ في المائة التي أعلنتها المفوضية، والانخفاض الحاد في أعداد المصوتين لجميع الكتل والأحزاب المتنفذة من دون استثناء، وحصول مرشحين مستقلين على ما يقارب المليوني صوت، تعبر عن رسالة رفض واضحة للمنظومة الحاكمة ونهجها، وتعكس تطلع غالبية العراقيين إلى التغيير.

إن مجلس النواب القادم لا يمثل في الواقع، إلاّ ١٨ في المائة من العراقيين، وهو ما يعكس عمق الهوة الفاصلة بين الشعب ومنظومة الحكم، وانعدام ثقة الناس بقدرة هذه المنظومة وقواها السياسية على اعتماد وتطبيق نهج سياسي، قادر على تغيير الواقع المأساوي الراهن.

ومن الملفت ما اتخذته المحكمة الاتحادية من قرارات ذات صلة، ومنها طلبها إعادة النظر بقانون الانتخابات والعودة إلى العد والفرز اليدوي، فهل العلة حقا في نظام الفرز وحده، أم في قضايا أخرى متعلقة بمجمل المنظومة الانتخابية وقانونها، والأجواء السياسية والأمنية التي جرت فيها، وكذلك في سلوك الكتل السياسية المتنفذة التي هي وحدها القادرة على القيام بعمليات التزوير والتأثير على إرادة الناخبين بمختلف الطرق والوسائل؟!

إن العملية الانتخابية وسيرها ونتائجها، تؤكد الحاجة الملحة لإصلاح المنظومة الانتخابية بما يجعلها أقدر على حفظ أصوات الناخبين وخياراتهم، وتأمين انتخابات حرة ونزيهة، تؤدي بطبيعة الحال إلى تمثيل حقيقي للمواطنين وإرادتهم.

إن مجلس النواب الجديد، سيكون أداؤه تحت رقابة شعبية واسعة، لاسيما النواب المستقلين الداعمين لمطالب انتفاضة تشرين، حيث سيحكم الجمهور على عمل النواب وسلوكهم ومدى تعبيرهم عن هموم المواطنين ومدى تنفيذهم لدورهم الرقابي والتشريعي، وليس من خلال   الشعارات والوعود التي أغدقت اثناء الحملات الانتخابية.

كما أن شعبنا يتطلع  إلى تشكيل حكومة لا على أساس نهج المحاصصة المقيتة، وإرضاء هذا الطرف أو ذاك على حساب الكفاءة والنزاهة والقدرة الفعلية على الإنجاز، كما يجب أن تمتلك الحكومة الجديدة، برنامجا بسقوف زمنية محددة، يستجيب لحاجات الناس وأولوياتهم في معالجات آنية  للأوضاع المعيشية والخدمات العامة والمكافحة الحازمة للفساد ومنظومته وإصلاح الدولة اعتماداً على مبدأ المواطنة وإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت وتوجيه سياسة الدولة الاقتصادية ومواردها نحو التنمية وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، وبما يتجاوب مع الرسالة البليغة التي وجهتها ملايين العراقيين إلى القوى المتنفذة الحاكمة بمقاطعتهم وعزوفهم عن المشاركة في الانتخابات.

ونحن على قناعة بان تحقيق ذلك يتطلب حشد كل القوى الساعية من أجل التغيير، داخل البرلمان وخارجه، ومواصلة الضغط الجماهيري والمطلبي لفرض إرادة المواطنين لوضع بلدنا على سكة التغيير الحقيقي والمنشود.

 

اللجنة المركزية      

للحزب الشيوعي العراقي

٢٩-١٢-٢٠٢١