إن من مسؤولية الدولة بجميع اجهزتها أن تعمل على تنفيذ مشروع ميناء الفاو الكبير في أسرع وقت، وقطع دابر التدخلات الخارجية والداخلية، والتعامل بحزم مع النزاعات الظاهرة والخفية بين منظومات الفساد وحماتها المتنفذين، للاستحواذ على العمولات من الشركات المنفذة.

ويكتسب هذا الموضوع اهمية خاصة في هذه الايام، ارتباطا بقرار مجلس الوزراء احالة المشروع الى شركة دايوو الكورية، بعقد تبلغ قيمته ٢،٦٢ مليار دولار.

وقد اثار قرار الاحالة هذا جدلا واسعا، انعكس في تصريحات ومواقف لقوى سياسية وشخصيات برلمانية، وفي سجالات شهدها الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. فالمنتقدون يشككون في قدرة الشركة الكورية على تنفيذ المشروع في التوقيتات المنصوص عليها في العقد، ويؤشرون كونها كانت على وشك الافلاس لولا ان اشتراها مستثمرون امريكان وغيرهم، وأنها سبق ان تأخرت في تنفيذ المرحلة الاولى من مشروع الفاو ذاته. كما يجري التنويه بوجود قوى نافذة، لها مصلحة في ترجيح الشركة الكورية على حساب عروض أفضل على صعيد التمويل والتنفيذ، من طرف شركات صينية. وأوردت مواقع التواصل الاجتماعي مقارنات بين شروط العقد مع الشركة الكورية، ومفردات العرض الصيني التي يبدو انها تحتوي امتيازات أفضل للجانب العراقي.

ولسنا في موقع يسمح لنا بإطلاق حكم جازم في هذا الشأن، فليس واضحا ما إذا كان هناك بالفعل حاليا عرض مقدم من شركات صينية، وبالشروط التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي. وإن وجد مثل هذا العرض فمن حق المواطنين مطالبة الحكومة وادارة الموانيء بتوضيح أسباب عدم قبوله.

وليس خافيا ان لتنفيذ مشروع ميناء الفاو الكبير ابعادا استراتيجية، سياسية واقتصادية، تجعل المشروع يرقى الى مستوى قضية وطنية، ينبغي إحكام التعامل معها بمعايير المصلحة الوطنية العليا، وضمان حماية السيادة الوطنية في كل مراحل تنفيذ المشروع وملكيته وتشغيله لاحقا، بجانب توفر النزاهة والجدوى العالية والكفاءة في التخطيط والتنفيذ من قبل الشركات المحال اليها المشروع.

لذا يتوجب على البرلمان والجهات الرقابية الاخرى، أن تحرص كل الحرص على التحقق من سلامة اجراءات احالة المشروع، والتأكد من انها لا تشوبها شبهات فساد، والكشف في حال وجودها عن المسؤولين المتورطين فيها.

عرض مقالات: