عند الحديث عن ضرورة الاستجابة لمطلب المنتفضين وغالبية أبناء الشعب باجراء انتخابات مبكرة، تجري الاشارة في الوقت ذاته الى وجوب تهيئة مستلزمات عدالة تلك الانتخابات ونزاهتها، وتمكينها المواطن العراقي من الاختيار الحر وفقا لارادته، بعيدا عن ضغوط السلاح والتأجيج الطائفي والقومي واغراءات المال السياسي وضجيج اعلام القوى المتنفذة والمتحكمة في القرار.

وللمفوضية العليا للانتخابات دورها الهام في المنظومة الانتخابية، المكلفة باجراء الانتخابات وفق الشروط والمعايير التي تتيح استعادة ثقة المواطن بها كوسيلة ورافعة للتغيير المنشود.

فعلى مدى سنوات والمطالب تتكرر بوجوب توفر معايير في المفوضية، تمكنها من الأداء الناجح لمهامها وإدارة عملية انتخابية متكاملة. وللوصول الى ذلك لا بد ان يكون بناؤها بعيدا عن المحاصصة والتقاسم الحزبي – السياسي للمواقع الوظيفية فيها، وان تتمتع بالحيادية والاستقلالية والمهنية في اتخاذ مواقفها، وان تقف على مسافة واحدة من الجميع.

وليس المطلوب ان تتوفر هذه المعايير عند تشكيل مجلس المفوضية فقط، بل يجب ان يشمل ذلك اقسامها وفروعها في المحافظات، وان يلزم مجلس المفوضين باعلان الوظائف الشاغرة فيها ، مع تهيئة الظروف والفرص المتكافئة للعراقيين المؤهلين للتقديم اليها واشغالها على أساس الكفاءة والنزاهة.

ونظرا لحساسية عمل المفوضية وتأثير قرارتها على الوضع السياسي، فان من الواجب ان يتحلى عملها بالشفافية والوضوح، بعيدا عن التاويل وعن ضغوط الكتل السياسية وتاثيراتها. ومن هنا أهمية قيام جهة رقابية – شعبية بمتابعة عملها وادائها، وانتظام ذلك خلال العملية الانتخابية حتى اعلان النتائج والمصادقة عليها.

وفي ضوء تجارب الانتخابات السابقة يجدر بالمفوضية والمراقبين المحليين والخارجيين الاهتمام بتوفير ضمانات منع التلاعب في الحساب النهائي للاصوات، عبر التحكم بادارة الحاسوب المركزي والبرنامج المستخدم فيه، والتحكم بالتالي في عدد المقاعد لهذه الجهة او تلك.

ثم ان المفوضية مطالبة بالتطبيق الصارم للقوانين والتعليمات ذات العلاقة على الجميع، والحد من التزوير وتزييف إرادة الناخب، وحرمان من يقوم بذلك من حق المشاركة في الانتخابات، كذلك من يمتلك السلاح، ومن يسيء استخدم الوظيفة العامة واموال وممتلكات الدولة ومؤسساتها. اضافة الى استبعاد القوائم والمرشحين ان هم استخدموا المال السياسي او انفقوا اكثر من الحدود المسموح بها على الدعاية الانتخابية، وتحديد سقوف مالية لذلك.

وان على المفوضية تخليص السجل الانتخابي من ثغراته ونواقصه المتكررة، وإكمال توزيع البطاقة البايومترية على الناخبين كافة ، ومعالجة مسألة تصويت النازحين والمهجرين، ومثلها مسألة تصويت المواطنين العراقيين خارج الوطن. كذلك ان تنظم الدعاية الانتخابية بما يؤمّن توفير فرص متكافئة للمرشحين وضمان حيادية الاعلام الحكومي .

ان كفاءة ونزاهة وحيادية ومهنية المفوضية وبناءها السليم، في المركز وفي المحافظات، لها دورها الأساس في التأثير على سير العملية الانتخابية ونجاحها وصدقيتها. فهل المفوضية على هذا القدر حقا من امكانية النهوض بالمهام الجسام المذكورة وغيرها، ومواجهة التحديات الكثيرة؟!