معلوم ان لقانون الاحزاب اهمية خاصة في تنظيم الحياة السياسية، وهو يعتبر من اهم التشريعات التي تتطلبها عملية التحول الديمقراطي، والحياة الديمقراطية عموما. بل لا يمكن تصور حياة سياسية مستقرة من دون قانون للأحزاب ينظمها، ويضمن التعددية السياسية في دولة المؤسسات والقانون.
ومعلوم أيضا ان المادة (39) من الدستور تنص على حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية والانضمام اليها. وقبلها نصت المادة (7) على حظر اي كيان او نهج يتبنى العنصرية او الإرهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يروج لها.
وقد صدر قانون الأحزاب السياسية رقم ٣٦ لسنة ٢٠١٥ بعد مماطلات وتسويف وعرقلة، وعُد إصداره خطوة جيدة وانجازا رغم ما تضمن من ثغرات ونواقص.
واليوم يعود هذا القانون الى الصدارة من جديد ارتباطا بالدعوة الى اجراء الانتخابات المبكرة، واحتمال إدخال تعديلات على قانون انتخابات مجلس النواب تقود الى تعطيله (قانون الاحزاب) عمليا، بعكس الحاجة الى تطبيق مواده، وحقيقة ان تعطيله يتعارض مع منهاج حكوحة السيد الكاظمي. فقانون الأحزاب يعد احد العناصر المهمة في المنظومة الانتخابية المتكاملة.
ان في هذا القانون عديدا من المواد ذات الارتباط الوثيق بالمطالب المشروعة لاجراء انتخابات عادلة ومنصفة، الامر الذي يتطلب تطبيق مواده وسريانها على الجميع من دون استثناء. ومن ذلك المادة ٤٧ منه التي تنص على ان “يعاقب بالسجن كل من أقام داخل الحزب او التنظيم السياسي تنظيماً عسكرياً أو ربط الحزب او التنظيم السياسي بمثل هذا التنظيم، ويُحل الحزب او التنظيم السياسي اذا ثبت علم الحزب او التنظيم السياسي بوجود التنظيم العسكري”. وهناك مواد اخرى تقضي بكشف الاحزاب عن مصادر تمويلها، وبان تعتمد الشفافية في تشكيلها، وغيرها جديرة بالتطبيق وذات مفعول راهن اليوم وبعده.
ان في قانون الاحزاب العديد من المواد التي تحتاج مزيدا من الاهتمام والرعاية، وينبغي الحرص على تطبيقها ضمن الإجراءات الضرورية لتكوين بيئة سياسية- تشريعية وامنية ملائمة، كي تأتي الانتخابات القادمة شفافة ذات مصداقية وبعيدة عن الاملاءات والاكراه واغراءات المال السياسي وقرقعة السلاح، وكي تكون رافعة لتفكيك منظومة المحاصصة والفساد، والسير على طريق التغيير الشامل وبناء دولة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية.