ملف المغيبين والمختطفين ما زال يتفاعل، باحثا عن حل  يعيد الحق الى نصابه، ويكشف عن الفاعلين والمجرمين منتهكي حق المواطن العراقي في الحياة .

ليست هناك ارقام معتمدة عن العدد الذي يتضمنه هذا الملف، فيما   تقول مصادر انه يصل الى ما بين ١٦و٢٥ الف شخص، اختفوا بطرق مختلفة ومن أماكن متعددة، لا سيما من  تلك المحافظات التي عانت الامرّين على ايادي الدواعش الإرهابيين، ومنها الموصل وديالى وصلاح الدين وكركوك والانبار وبغداد وشمالي بابل.

واضيف الى تلك الاعداد ضحايا التغييب القسري من المنتفضين والمحتجين وهم بالعشرات، منذ اندلاع انتفاضة تشرين ٢٠١٩ الباسلة .

وحسنا فعل رئيس الوزراء بالايعازالى وزارة الداخلية للقيام  بمهمة التحري والتدقيق والتحقيق في هذا  الملف، الذي يؤرق آلاف العوائل وهي تنتظر نهاية له بالكشف عن مصير  أبنائهم وما حل بهم.

ومن المؤكد ان لسان حال هذه العوائل يرد مذكرا باللجان السابقة التحقيقية التي شكلت، ثم  انتهت حيث ابتدات من دون نتيجة تذكر. فيبقى يساورهم القلق ازاء إمكانية الوصول الى نتيجة إيجابية، خصوصا وان هذا  الملف شائك وفيه  تداخلات عدة:  سياسية وطائفية ومناطقية وامنية، فيما أصابع  الاتهام تشير الى مسؤولية جهات بينها مجاميع  متغولة على الدولة وهيبتها، وضاربة عرض الحائط بسلطة القانون والمؤسسات .

لا شك ان معالجة هذا الملف امر في غاية الحساسية والاهمية في هذا الوقت بالذات، حيث يواجه بلدنا  تحديات عدة، وهو احوج ما يكون الى إطفاء بؤر الاحتقان الاجتماعي والسياسي، ووقف استخدام الملف  كورقة ضغط وابتزاز، وتأمين الوصول الى نهاية له بما  يوطد اللحمة الوطنية، ويعزز السلم الأهلي واجواء الثقة بين أطياف مجتمعنا، والتفرغ الى  معالجة الملفات العديدة الأخرى، التي تواجه العراقيين جميعا بغض النظر عن قومياتهم وطوائفهم واديانهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية .

ان على الحكومة الاقدام على خطوات إجرائية ملموسة،  تبعث من خلالها  رسائل تطمين الى العوائل المفجوعة بابنائها، ووعد بان هناك نية صادقة لوضع نهاية عادلة لقضية المخطوفين والمغيبين. ومن ذلك اعتماد قاعدة بيانات موثقة، مع الاستعانة بالامم المتحدة التي شكلت مؤخرا لجنة تقصي حقائق حول الموضوع، كذلك مفوضية حقوق الانسان ومنظمات المجتمع  المدني، وان تُتخذ بعض الخطوات الأخرى مثل انصاف العوائل  ورعايتها واحتساب تقاعد لمن كان موظفا منهم.

ان فتح صفحة جديدة يرتبط ، في جانب  منه وعلى نحو وثيق، بسلامة وعدالة المعالجة القانونية، بما يرفع هذا الحيف الذي لا مبرر له على الاطلاق بل ويشكل جريمة ضد الإنسانية، وبما ينصف الضحايا. وهذا جزء من التزام الدولة  العراقية،  التي صادقت على " الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، والتزامها الحقوق التي يكفلها  الدستور.