حميد المسعودي
تحدث الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الثلاثاء الماضي في ندوة اقامتها اللجنة المحلية للحزب في الرصافة الاولى ببغداد، عن الانطلاق تعبويا للانتخابات القادمة.
وافتتح الرفيق فهمي حديثه بتقديم التهاني لأبناء شعبنا العراقي عامة، والكردي خاصة، في مناسبة اعياد نوروز، ثم اشار الى اقتراب الذكرى الـ ٨4 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي داعيا الى استثمارها بما يدفع حملتنا الانتخابية، ومؤكدا ضرورة استنهاض طاقات الشيوعيين وإمكانياتهم للتعريف بقائمة تحالف "سائرون" التي تضم الحزب ومرشحيه، بما لا يتعارض مع ضوابط وتعليمات المفوضية ولخوض حملة انتخابية تنسجم وسمعة حزبنا ومكانته .
وبيّن الرفيق فهمي أنه تم تخصيص وقت وجهد كبيرين لتقديم التوضيحات والإجابات التفصيلية على ما طرح من أسئلة واستفسارات وتحفظات بخصوص تحالف (سائرون) وطبيعته. ولم تعد هناك حاجة إلى مزيد من الدوران في هذه الحلقة، خصوصا وأن التحالف اصبح حقيقة وواقع.
واضاف: علينا اليوم أن نستعد للحملة الانتخابية، التي ستكون عمليا معركة سياسية حامية، وستستخدم فيها القوى المتنفذة مواردها المالية الكبيرة وتحكمها بمفاصل السلطة وبالعديد من القنوات الإعلامية من أجل إيصال مرشحيها إلى مجلس النواب. وستنطلق رسمياً خلال أقل من أسبوعين، ما يقتضي وضع خطط مناسبة وتحديد أهداف ملموسة وآليات وأساليب تحرك من أجل بلوغها وتحقيق أفضل النتائج. ونحن ندرك أن هناك قوى ستستخدم مختلف أشكال التجاوز في هذه المعركة الانتخابية. كما أن هذه المعركة تحظى باهتمام إقليمي ودولي، ونتوقع حدوث تدخلات خارجية فيها لكونها محطة فاصلة يمكن أن تؤدي إلى حدوث تغيير في اللوحة السياسية.
وفي ضوء هذه المعطيات الحقيقية تفككت الكتل المتنفذة على خلفية المشاكل التي تعصف بالبلد، وعدم القدرة على تقديم حلول لها وللعقد الموجودة في مختلف مفاصل الدولة ، وهي مشاكل بدأت تتحول الى ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية. وأدى تراكم الأزمات ومعاناة فئات وشرائح شعبية واسعة جراءها إلى تصاعد الغضب الجماهيري، الذي وجد تعبيرا له في انطلاق الأعمال الاحتجاجية المطالبة بالتغيير، على أرضية وطنية عابرة للطائفية وللهويات الاثنية والعشائرية والمناطقية.
وعلى هذا الاساس تشكل تحالف "سائرون" العابر للطائفية وللهويات الفرعية كحاجة وضرورة لتحقيق التغيير المطلوب دفاعا عن مصالح المواطنين المكتوين بنار المحاصصة الطائفية والاثنية ، وهو التحالف الذي يجب ان ينتشر ويتوسع ليسهم بدور مؤثر في خلاص البلد من ازماته.
وتساءل الرفيق السكرتير عن الجامع بين الاطراف التي تشكل سائرون ؟
وأجاب قائلا انه أساسا الهم الوطني ، وهو ادراك جميع الأطراف عمق الأزمة وجسامة التحديات التي تواجهها البلاد، كذلك البعد الاجتماعي المتمثل في اشتداد معاناة الفقراء والفئات والشرائح الواسعة من ذوي الدخول الواطئة والمحدودة. وقد وجد اطراف "سائرون" ان المدخل لايجاد الحلول هو بناء دولة مواطنة قائمة على المؤسسات وتسعى الى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال الخيارات السليمة لأولويات السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
فالاصلاح الجذري الذي نقصده يتطلب ايجاد الشروط والبيئة المناسبة لتنفيذه، وفي المقدمة من ذلك البيئة السياسية. وبهذا المعنى نقصد الاصلاح السياسي للخروج من نهج المحاصصة ولتبني منهج المواطنة، مثل تطبيق قانون مجلس الخدمة العامة المعطل بسبب عدم توافق المتحاصصين ، ومثل حصر السلاح بيد الدولة ، وربط منظومة الحريات بالدستور لصيانتها، وغيرذلك من التوجهات والاجراءات. فنهج دولة المواطنة هذا بكل مجرياته، يعطي الاولوية لكل مواطن والمساواة للجميع ، بغض النظر عن الانتماء الثانوي .
تلك هي المعطيات وهذا هو العمود الفقري للبرنامج المدني الديموقراطي، فتحالف "سائرون" يعتبر مصدر قوة، لانه الاكثر تماسكا رغم التباين في تركيبته، ولان العلاقة بين اطرافه تنظمها استقلالية كل طرف، وهي تعمل سوية ضمن برنامج، وهذه صيغة متقدمة في البلد كونها توفق بين التنوع والوحدة .
فتحالف "سائرون" يفتح الطريق للتحرك في اوساط اجتماعية واسعة جديدة، والمطلوب هو العمل على تحويل هذه الامكانية الى واقع وإلى صوت انتخابي، من خلال عمل ونشاط اكثر انفتاحا. ونحن ننظر الى قيمة مشروعنا بالنسبة للبلد من خلال برنامجه والجسور التي يمدها بين اطياف شعبنا ، فهذا التحالف ومدلولاته السياسية والاجتماعية والثقافية تخلق قاعدة فعلية لبناء المصالحة الحقيقية في البلد، وجمع الجهود للبناء وليس الصراع .
وقال الرفيق فهمي مستطردا: علينا العمل لايصال خطابنا الى جميع المواطنين. يجب ان يعرف الناس اننا لا ندعو الى مجرد انتخاب المرشح المعين، بل وانتخاب المشروع الذي يحمله وبرنامجه. فدلالة التحالف تكمن في البرنامج والرؤية، وفي كوننا قوة ذات التزام وعقد بين المرشحين والناخبين لتطبيق البرنامج ، ومسعى للارتقاء بوعي الناخب بما يمكنه من حسن الاختيار ودقته .
واشار الى ان الحملة الانتخابية ستبدأ خلال اسابيع قليلة، ونحن نحتاج الى التعرف الدقيق على مزاج المواطنين وكيفية التعامل معه، وان نتوجه إلى المواطنين والمواطنات في جميع المناطق عبر أشكال وصيغ تحرك ونشاط متنوعة، تأخذ بعن الاعتبار طبيعة شريحة الناخبين التي نخاطبها وظروفها وأماكن تواجدها ومطالبها واحتياجاتها.
ان التربة المهيئة والصورة الايجابية لدى المواطنين عن الحزب وعن تحالفه في اطار "سائرون"، والمنطلقة من مواقفه العقلانية وسياساته الناجحة، تشير الى الاحترام، وهي معطيات موضوعية تسهل لنا عملية الاتصال ومفاتحة المواطنين. في الوقت الحاضر لا توجد عوائق أمام استقبال خطابنا ومرشحينا، لكن هناك مواطنين لا يعرفون من ينتخبون، وهناك من يفكر في عدم التصويت. وهو بذلك يقدم خدمة كبيرة لمن يتربعون في السلطة. وانه وامثاله يحتاجون الى مستوى معين من الوعي لاستيعاب المرحلة وطبيعتها، فكيف نتمكن من ايصال رسالتنا ، وما هو حجم الامكانيات المتوفرة للاقناع؟ وهل الوسط العمالي يحتاج لذات الخطاب الذي يحتاجه الوسط الجامعي؟ في مثل هذه الحالات يجب علينا استيعاب البرنامج لنصبح قادرين على مخاطبة المواطنين وفقا للاولويات.
واكد الرفيق رائد فهمي ان المعركة الانتخابية تخاض بعقلية الانضباط والوعي وعدم خسران الوقت، وان الجهة المخططة هي من ينظم الفعاليات الضرورية ويقيمها، كونها معركة تخاض بآليات قادرة على اقناع الاخر، فلنعمل اذن على توفير قناعات وليس قرارات.
واضاف: نحن نتحدث عن ممارسة نضالية حقيقية وليس عن مكاسب ، والانتخابات هي احدى الممارسات النضالية الاساسية في التغيير، وإن لم تكن الممارسة الوحيدة.
ان الحملة الانتخابية الناجحة بحاجة إلى عمل ديناميكي، وناشطين متحفزين قادرين على تعبئة اصدقاء ومناصري الحزب والتحالف ومختلف القابليات، للتعاون والمشاركة في الحملة الانتخابية. وفي اخر المطاف هناك حاجة الى مجاميع مبادرة وعقليات مبتكرة ، والاستفادة من اي تجربة ناجحة ودراستها بغض النظر عن مصدرها.
ومن المؤكد اننا قادرون على الابتكار في حقل الاعلام والخطاب، وفي مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وهي عديدة وتحتاج الى بيئة او شكل من اشكال العمل المبدع وليس التلقي.
واختتم الرفيق رائد فهمي حديثه في الندوة بالقول ان الحملة الانتخابية ستبدأ في 10 نيسان المقبل، وان من الواجب الشروع بها عبر الانشطة الممكنة وفق النظام الداخلي للتحالف وبرنامجه، واستنادا الى مفاصله حيث ان كل مفصل هو عنوان يمكن الدخول في تفاصيله، وهو يوفر مادة غنية للحديث وطرح الحلول، وهو خطاب ورسالة حملتنا الانتخابية، وان على مرشحينا أن يلامسوا واقع ومعاناة المواطنين، ويقدموا الحلول المستخرجة والمستوحاة من المساحة الواسعة لبرنامج التحالف، الذي سينشر خلال الأيام القادمة.